السفير: مخيمات النزوح السوري خطأ إداري أم سياسي؟ الحكومة تقرّ مشروع استعادة الجنسية من الأب والجد … وليس الأم

تزاحمت الملفات السياسية والاجتماعية والأمنية دفعة واحدة. أكثرها خطورة ملف الأمن الجنوبي. أكثرها شعبية ملف الأجور والتقديمات الاجتماعية، وما يمكن أن يفرزه من تداعيات بسبب الانقسام حول الموقف من مقررات الحكومة. أكثرها برودة الملف السياسي بكل تشعباته الداخلية والخارجية.
هذه الملفات موضوعة كلها على طاولة مجلس الوزراء المفتوح على مدى ثلاثة أيام بين بعبدا والسرايا الكبيرة، لكن اللافت للانتباه هو ما أثير من خارج جدول أعمال جلسة أمس التي أقرت مشروع القانون المتعلق بإعادة اكتساب الجنسية اللبنانية.
فقد بادر عدد من وزراء فريق الثامن من آذار، من مشارب مختلفة، الى المطالبة بوقف القرار الذي اتخذته الهيئة العليا للاغاثة والقاضي بإعداد بطاقات للاجئين السوريين والتحضير لإقامة مخيمات استقبال خمسين ألف نازح سوري، معترضين على مثل هذا الإجراء المتخذ من قبل رئيس الهيئة العميد ابراهيم بشير.

وطرح الوزراء المعترضون أسئلة من نوع: هل أن هذا القرار يمهد لإقامة ممر إنساني ومنطقة عازلة بعدما عجز الأتراك عن إقامتها؟ هل يمكن للبنان أن يتحمل خطوة من هذا النوع سياسيا وإداريا وماليا وأمنيا وديموغرافيا تحت عناوين إنسانية؟ وهل خطوة كهذه هي من صلاحية هيئة أو وزارة أم مسؤولية الحكومة مجتمعة؟ وهل قرار كهذا ينسجم وموقف الحكومة اللبنانية من التطورات السورية، خاصة أن لبنان رفض رسميا إقامة مخيمات للاجئين السوريين؟
في مواجهة هذه الأسئلة، قال رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أنه لا يجوز إعطاء الأمر أي بعد سياسي، فهذا خطأ إداري ولا أبعاد سياسية له، فيما أكد الوزير محمد فنيش أن هذا إجراء سياسي لا يمكن أن نقبله ولا نستطيع تحمله.
ورد ميقاتي قائلا «نحن سبق ورفضنا فتح مخيمات للاجئين السوريين في لبنان»، داعيا الى عدم تكبير حجم الموضوع.  
وأثيرت في جلسة مجلس الوزراء قرارات محكمة التمييز العسكرية القاضية بإخلاء سبيل ستة أشخاص محكومين بتهم التعامل مع العدو الاسرائيلي وأحكامهم تتراوح بين خمس سنوات وخمس عشرة سنة، ورد كل من رئيس الجمهورية ميشال سليمان ووزير العدل شكيب قرطباوي على استغراب وزيري «حزب الله» وآخرين، بالقول إن أحدا لا يستطيع التدخل في عمل السلطة القضائية، وهذه سلطة مستقلة قائمة بذاتها، ويجب النأي بها عن التدخلات السياسية. واحتج بعض الوزراء على التصريحات التي أدلت بها رئيسة المحكمة القاضية أليس شبطيني لوسائل الاعلام، وقُدمت توضيحات من قبل قرطباوي الذي كان قد استفسر من القاضية عما حصل.. من دون أن يتخذ مجلس الوزراء موقفا من الامر الذي حصل، وما قد يتكرر مستقبلا، في ظل التساهل القضائي بالتعامل مع قضية العملاء بدءا من قضية العميد فايز كرم وصولا الى قضية العملاء الستة المفرج عنهم!

وناقش مجلس الوزراء أيضا تطورات الوضع في الجنوب في ضوء التفجير الذي استهدف القوة الفرنسية في «اليونيفيل» شرق مدينة صور يوم الجمعة الماضي وإطلاق صاروخ «كاتيوشا» من وادي القيسية سقط في بلدة حولا ليل اول أمس، وأدى الى إصابة مواطنة بجروح بالغة.
وبعد أن استنكرت الحكومة مجتمعة الاعتداء على الفرنسيين، وطلبت متابعة التحقيقات لمعرفة الفاعلين، قدم وزيرا الدفاع والداخلية معطياتهما، وقال مصدر رسمي لبناني واسع الاطلاع لـ«السفير» ان القضاء العسكري يواصل تحقيقاته بالتنسيق مع الجيش اللبناني و«اليونيفيل» وحتى الآن يتركز التحقيق على سيارة «المرسيدس» التي رصدت في المكان قبيل حوالى الساعة ونزل منها شخصان كانا يرتديان ثيابا أنيقة جدا ويحملان جسما غريبا حسب شهود عيان، رجحوا أن يكونا هما من وضع العبوة، بحيث يجري العمل على وضع رسم تشبيهي لكل واحد منهما.
وأوضح المصدر أن قيادة «اليونيفيل» تفاهمت مع الجيش اللبناني على اتخاذ سلسلة خطوات، أبرزها تكثيف الدوريات على طول الخط الحدودي والحد قدر الامكان منها في الخطوط الداخلية واعتماد خطوط غير ثابتة للدوريات، سواء في منطقة عمل «اليونيفيل» في جنوب الليطاني أو في أثناء الانتقال الى بيروت أو العودة منها الى الجنوب.

وكشف المصدر أن اجتماعا موسعا عقد بعد ظهر أمس في مقر وزارة الدفاع في اليرزة ترأسه قائد الجيش العماد جان قهوجي وشارك فيه مبعوث الامم المتحدة جوليان هارستن مع وفد دولي كبير، بالاضافة الى عدد من كبار ضباط الجيش اللبناني، وخصص للبحث في المطالبة الفرنسية بإجراء مراجعة استراتيجية لمهمة قوات «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، وهو العنوان نفسه الذي أثاره قائد «اليونيفيل» الجنرال ألبرتو اسارتا مع العماد قهوجي أثناء الزيارة التي قام بها الثاني الى مقر قيادة «القبعات الزرق» في الناقورة، صباح أمس. وشدد الوفد الدولي على أهمية تثبيت الاجتماع الثلاثي اللبناني الإسرائيلي الدولي في الناقورة، الذي سينعقد دوريا هذا الأسبوع.
وكان اللافت للانتباه غداة حادثتي البرج الشمالي وحولا، التصريح الذي أدلى به، أمس، قائد «اليونيفيل» ألبرتو أسارتا بعد اجتماعه بالعماد قهوجي واصفا فيه الحوادث بأنها «خروق أمنية خطيرة»، وقال «هذه الحالات تبين أنه على الرغم من كل جهودنا لا تزال هناك أسلحة وعناصر مسلحون عدائيون مستعدون لاستخدام هذه الأسلحة داخل منطقة عملياتنا (جنوب الليطاني)».

وأضاف «إن أحد أهم بنود القرار 1701 هو ضمان عدم وجود أي أفراد مسلحين أو معدات أو أسلحة باستثناء ما يخص حكومة لبنان و«اليونيفيل» في المنطقة الواقعة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني». وأردف «هناك حاجة الى مزيد من تعزيز السيطرة الأمنية في المنطقة، فقد قام بعض العناصر أخيراً بتركيز جهودهم لزعزعة الاستقرار في المنطقة، ونحن ببساطة لا يمكن أن نسمح بمثل أعمال العنف هذه التي تشكل خطرا على سلامة السكان المحليين والأمن في جنوب لبنان».
من جهة ثانية، قال وزير الداخلية مروان شربل ان مشروع قانون استعادة الجنسية أقر حرفيا كما وزعه على الوزراء باستثناء تعديل طفيف وهو ان يلحظ القانون ان من يحق لهم استعادة الجنسية يجب ان يكون لهم صلة قربى بالأب والجد وليس الام، موضحا انه تبقى من مشروع قانون الانتخاب الذي ناقشه مجلس الوزراء أمس، ثلاثة أقسام: «الكوتا» النسائية، الدوائر الانتخابية وانتخاب المغتربين.
وعرض شربل في جلسة أمس موضوع هيئة الرقابة على الانتخابات، وتركز النقاش حول كيفية تشكيلها وعلاقتها بوزير الداخلية وصلاحياتها وكيفية ممارسة عملها واتخاذ القرارات، لا سيما في مجالات الإنفاق الانتخابي والاعلام والاعلان الانتخابيين، وتباينت وجهات النظر حيال هذا الامر وسجل وزير الداخلية كل الملاحظات تمهيدا لإعادة صياغة النص المتعلق بهذه الفقرة. وتوقعت مصادر وزارية ان يطول البحث في المشروع نظرا لكثرة بنوده. 

السابق
نهاد المشنوق يعترف بخطئه: قصدت الاحزاب الحاكمة وليس الشيعة
التالي
النهار: جنبلاط: رسالة الصواريخ من الجيران إلى فرنسا خطيرة وتحية إلى الشعب السوري وحيف على المتخاذلين والمتواطئين