وداعا لليونيفيل

بالتعريف والتصنيف، تبدو عملية استهداف «اليونيفيل»، والوحدة الفرنسية منها خاصة، في حوش مدينة صور أخطر بكثير من عملية إطلاق صواريخ الكاتيوشا الشهر الماضي على اسرائيل.. العمليتان تقعان في سياق واحد، وتحققان هدفاً واحداً ثمة من يلح على بلوغه بأسرع مما كان متوقعا.
هي أشبه ما تكون باستجابة لمواقف رسمية فرنسية علنية أبلغت كل من يعنيهم الامر في لبنان وجواره القريب والبعيد، انه اذا كان هناك شعور بالضيق من وجود «اليونيفيل» في الجنوب اللبناني، فليس هناك من داع لاستهدافها بالمتفجرات، بل الاتصال بقيادتها وإبلاغها ان عليها الرحيل، وهي لن تتردد أبدا بالتجاوب فوراً ومن دون تردد أو نقاش.. والتخلص من عبء سياسي وعسكري تزداد كلفته وخطورته يوماً بعد يوم.
فـ«اليونيفيل»، حسب وجهة النظر التي صارت معروفة جيدا في باريس، فشلت تماماً في تنفيذ مهمتها وصارت رهينة أو مشروع رهينة، علما بأن عديدها وانتشارها كان منذ اللحظة الاولى مبالغا فيه، عبّر عن التزام عاطفي من جانب الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك أكثر مما استند الى التزام واقعي، أثار ولا يزال يثير الشكوك من قبل طرفي حرب العام 2006.

لن يرهب التفجير الجديد فرنسا، على ما جاء في رد الفعل الاول لوزير الخارجية آلان جوبيه، لكنه سيدفعها لاحقا الى الانسحاب التدريجي من مهمة لبنانية عبثية يقول الفرنسيون انها أخطر على جنودهم من المهمة الأفغانية، وأشد إساءة لهيبتهم العسكرية ودورهم السياسي. ولن يكون بعيدا قرار الخفض الاول للوحدات الفرنسية وبالتالي لبقية الوحدات الأوروبية التي تشكل غالبية «اليونيفيل» وجوهرها الفعلي.. ولن يكون مستبعداً القرار بتحويل القوة الدولية لحفظ السلام التي يزيد عدد أفرادها عن أحد عشر ألفا الى قوة مراقبة دولية لا تتطلب سوى بضع مئات أو حتى عشرات من الجنود الدوليين من غير الأوروبيين.

وهو قرارفرنسي ودولي لن يتخذ فوراً تحت وطأة التهديد الجديد الذي يمثله تفجير صور، لكنه على الأرجح لن ينتظر موعد التفجير المقبل والمؤكد.. في ضوء معطيات لبنانية وسورية لا تحتمل الانتظار والتسويف، أو التعاطي مع الجنوب اللبناني باعتباره جبهة هادئة مستقرة وغير قابلة للاستثمار عند الضرورة القصوى، التي يبدو أن موعدها يقترب بسرعة أكثر من أي وقت مضى في الاشهر التسعة الماضية.
والتقدير الأولي للموقف الاسرائيلي يسمح بالافتراض ان العدو يمكن ان يتساهل مع صواريخ سياسية تنطلق بين الحين والآخر من الاراضي اللبنانية فيرد عليها فورا بصواريخ مشابهة، لكنه سيقف مطولا أمام ما يبدو انه قرار واع وصريح يصدر من داخل الحدود اللبنانية بطرد «اليونيفيل»، التي كان بعض اللبنانيين وما زالوا يظنون أنها نشرت في الجنوب اللبناني في أعقاب حرب العام 2006 لحماية اسرائيل ليس إلا.
  

السابق
القادري: قضية جبران أمانة في أعناقنا والعدالة آتية لا محالة
التالي
غصن: قرار تصحيح الأجور إهانة للعمال ,كل ما نوافق عليه نعلنه جهارة