البناء: دمشق: دول عربية وإقليمية تبحث عن خط الرجعة

فيلتمان يحرّض الراعي على تغيير موقفه من سورية ويكشف أهداف جولته: طمأنة "إسرائيل"
طغى الهمّ الاجتماعي والمعيشي على ما عداه من ملفات واستحقاقات اخرى، في ضوء قرار مجلس الوزراء مساء أول من أمس برفع الحد الأدنى للأجور الى 600 ألف ليرة واقرار بعض الزيادات على الرواتب، والتي قوبلت باعتراضات عمالية نقابية واسعة كان بدايتها امس إعلان هيئة التنسيق النقابية عن الاضراب والتظاهر الخميس المقبل.
وبدا واضحا، ان نسب الزيادات وغياب التقديمات الاجتماعية، خاصة التغطية الصحية شكلت صدمة كبيرة للطبقة العمالية واصحاب الدخل المحدود خصوصا ان قرار الحكومة لم يصل الى النسب التي كانت اقرتها الحكومة نفسها قبل حوالى الشهرين، والتي اسقطها قرار مجلس شورى الدولة.
لكن الثغرة الكبرى في القرار تبقى في تغييب الهيئات النقابية والعمالية عن التحضيرات التي سبقت طرح المشروع امام جلسة مجلس الوزراء من قبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي، لأنه لو حصلت حوارات جدية بين أطراف العمل والحكومة لكان امكن الوصول الى مشروع مقبول من الجميع وتفادي لجوء "العمالي" وهيئة التنسيق الى الاضراب والتظاهر، إذ بدا ان القرار أعد من دون اخذ رأي العمال والأساتذة والمعلمين وباقي القوى النقابية ،باستثناء الوقوف على رأي الهيئات الاقتصادية، وهو ما كان ابلغه الرئيس ميقاتي الى الوزراء خلال جلسة الحكومة الأخيرة.
كما انه لم يجرِ اطلاع اطراف أساسية في الحكومة عليه، خاصة الوزير المعني، اي وزير العمل شربل نحاس الذي كان رفع مشروعا لرئاسة الحكومة يختلف عن مشروع ميقاتي، وهذا ما دفع وزراء تكتل التغيير والإصلاح للاعتراض عليه خلال الجلسة.
ووفق المعلومات، فان هذا الموضوع سيتفاعل مع قابل الايام بشكل سلبي، لا سيما وان هناك من يرى صعوبة في تنفيذه، في وقت يستعد وزير العمل لاحالته الى مجلس شورى الدولة للنظر فيه.
هيئة التنسيق تدعو للإضراب
وكان البارز في المواقف الاعتراضية على القرار امس اعلان هيئة التنسيق النقابية الاضراب والتظاهر يوم الخميس المقبل، ودعت الاساتذة والمعلمين في القطاعين الرسمي والخاص وفي مدارس ومعاهد التعليم المهني والتقني والرسمي وفي الادارات العامة الى المشاركة الكثيفة وجددت تمسكها بنسب تصحيح الاجور على اساس 60 بالمئة للشطر الاول و40 بالمئة للثاني و20 بالمئة للثالث.
ودعا الاتحاد الوطني للنقابات والعمال الى المشاركة في الاضراب الذي سينفذ غدا امام مبنى المصرف المركزي، بانتظار موقف الاتحاد العمالي العام الذي ستعلنه اليوم هيئة مكتب المجلس التنفيذي للاتحاد.
أوساط نحاس في المقابل، استغربت اوساط مقربة من وزير العمل كيف ان مجلس الوزراء يقر مرسوما لتصحيح الاجور من دون ان يكون وزير العمل مطلعا عليه مسبقا، لا بل انه لم يكن على علم بأي مقترح مغاير للاقتراح الذي كان حمله الى مجلس الوزراء، لاطلاع الوزراء عليه بواسطة شاشة وضعت في قاعة الاجتماع، واصفة هذا العمل بالانقلاب على كل الجهود والاجتماعات المكثفة التي عقدها وزير العمل مع طرفي الانتاج لبلورة الاقتراح الذي حمله، محملة الذين انحازوا الى جانب اقتراح الرئيس ميقاتي مسؤولية تنفيذه بالدرجة الاولى، وفي الدرجة الثانية ما سيصدر من خطوات سلبية حياله.
كيف ولد المشروع
في هذا السياق، ذكرت أوساط نقابية ان وزير الصناعة فريج صابونجيان كان "الأب الروحي" للمشروع الذي أقر والذي جرى التفاهم عليه مع وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس في الاجتماع الذي عقد يوم الاربعاء الماضي في حضور وفد عن جمعية الصناعيين.
والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا غُيِّب وزير العمل عن الاجتماع المذكور وما هي خلفية عدم مساندة وزراء الاكثرية لمشروع الوزير نحاس؟
"البناء" سألت وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس عن اسباب عدم تضمين قرار زيادة الاجور زيادة بدل النقل فأجاب: هناك اعتراض عليه من قبل مجلس شورى الدولة كما ان هذا المشروع يعالج من ضمن خطة النقل المشترك.
وحول التقديمات الاجتماعية وتحديدا موضوع التغطية الصحية الذي تضمنه مشروع الوزير شربل نحاس أجاب: المشروع عظيم، ثلثه يحتاج الى درس مطول لناحية انعكاساته المالية على خزينة الدولة اولا، واثره على الضمان الاجتماعي ثانيا، وللتذكير، فان وزير الصحة السابق امضى ثلاث سنوات في دراسته من دون ان يتوصل الى نتيجة.
وعما اعلنه الاتحاد الوطني بأن المشروع اقر في الاجتماع الذي عقد الاربعاء الماضي قال: "لم أقرأ ما قاله الاتحاد".
3 جلسات للحكومة الأسبوع المقبل
الى ذلك، يعقد مجلس الوزراء جلسة له عصر اليوم في السراي الحكومي لمناقشة واقرار جدول الاعمال الذي كان جرى تأجيله من جلسة اول من أمس، على أن يعقد المجلس ثلاث جلسات الاسبوع المقبل، الاولى ستعقد يوم الاثنين مخصصة لقانون الانتخابات، والثانية يوم الثلاثاء لمناقشة جدول الأعمال والقضايا الراهنة، والثالثة يوم الاربعاء لاستكمال البحث في مشروع الموازنة.
فيلتمان وكلمة التحريض على سورية
في مجال آخر، أنهى مساعد وزيرة الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الاوسط جيفري فيلتمان زيارته الى لبنان بجولة شملت عددا من المسؤولين في محاولة مكشوفة للتحريض على الفتنة في لبنان ودفعه لاتخاذ مواقف ضد سورية. ورغم ان السفارة الأميركية افادت مساء امس ان فيلتمان انهى زيارته الى لبنان بعد لقاءات عقدها مع عدد من المسؤولين، فان مصارد سياسية متابعة اوضحت ان فيلتمان تناول العشاء ليلا مع عدد من قياديي "14 آذار" بعيدا من الأضواء في سياق حملة التحريض التي يتولاها في لبنان والمنطقة ودفاعا عن مصالح "إسرائيل".
وعلمت "البناء" من مصادر مطلعة ان فيلتمان لم يثر مع المسؤولين الرسميين سوى مواضيع عمومية، ولم يتطرق الى اي جديد يتعلق بالموقف الاميركي، وانه ركزّ بالدرجة الاولى على الوضع في سورية.
… بري لفيلتمان
وفي اللقاء مع الرئيس نبيه بري قالت المعلومات ان الجزء الأكبر من الحديث دار حول الوضع في سورية، وبرز خلاف واضح بين رئيس المجلس والمسؤول الاميركي حول هذا الموضوع.
وأكد الرئيس بري المواقف المعروفة حيال الوضع في سورية، مشددا على أن الحل هو بالحوار والإصلاح، محملا الولايات المتحدة مسؤولية فشل المبادرة العربية.
وعلمت "البناء" ايضا ان فيلتمان قام بزيارات سرية وغير منظورة لمسؤولين في "14 آذار"، غير الذين التقاهم علنا. كما علمت "البناء" ان الأبرز في مهمة فيلتمان مع هذا الفريق هو التنسيق حول التعاطي مع الوضع السوري.
ووفق المناخ الذي يحيط بزيارة فيلتمان، فانها تندرج في إطار ما تسعى الادارة الاميركية إليه من ممارسة مزيد من الضغط على سورية.
وقالت المصادر ان عودة السفير الاميركي الى دمشق روبرت فورد يمكن قراءتها على انها تندرج في هذا الاطار.
ولكن السفارة الأميركية أوضحت في بيانها المسائي ان فيلتمان جدد التزام بلاده "بلبنان مستقر"! واشار الى ما وصفه "أهمية تعاون لبنان مع المحكمة ودوام الوفاء بالتزاماته".
ولم ينس فيلتمان في البيان الذي وزعته سفارته اثارة المزيد من الحقد ضد سورية واطلاق الاتهامات والمزاعم، مدعيا ان الرئيس الأسد فقد شرعيته وان افضل وسيلة لوضع حد للوحشية هي تنحيته عن الحكم".
لكن فيلتمان كشف عن حقيقة أهداف زيارته في حديث لصحيفة "يديعوت أحرونوت" بأنها تنطلق من "طمأنة" العدو "الإسرائيلي"، زاعما ان حزب الله منظمة ارهابية.. كما كشف انه تفاهم مع حركة "الإخوان المسلمين" في مصر على احترام "اتفاق السلام" بين القاهرة و"إسرائيل"!
الأسد: سورية قادرة على تجاوز المؤامرة
أما على الصعيد السوري، فكان الأبرز امس ما اعلنه الرئيس بشار الأسد خلال استقباله النائب طلال أرسلان وشيخ عقل الموحدين الدروز نصر الدين الغريب وعددا كبيرا من المشايخ، من ان "سورية قوية بشعبها وبدعم الشعوب العربية الشقيقة والصديقة، مؤكدا انها قادرة على تجاوز ما تمر به، وانها لن تتخلى عن مواقفها ومبادئها وسيادتها مهما كانت الضغوط"، مبديا تقديره لموقفهم الوطني ورفضهم للمؤامرات.
تشرين: حكومات عربية واقليمية تبحث عن خط الرجعة
في هذا الوقت، أشارت صحيفة «تشرين» السورية إلى أن «ما لا يعرفه كثيرون ربما، وما لا تريد أن تعرفه معارضة اسطنبول هو أن حكومات عربية وإقليمية بدأت تبحث عن خط رجعة إلى سورية، ومنها من حاول أو توسط أو أجرى اتصالات مباشرة مع سورية».
وكشفت الصحيفة السورية أن «هناك معلومات إعلامية تؤكد ثمة من يجري سراً اتصالات مع سورية، أو يتوسط لإجراء هذه الاتصالات، وإبداء حسن النية، والتحدث عن إمكانية تجاوز الماضي القريب، وبدء صفحة جديدة في علاقات البلدين بعد أن اتضحت أسباب وخلفيات ونتائج الهجوم الغربي الممنهج على سورية، وتحريض بعض الشارع السوري على الفوضى والتظاهر».
استنكار لبعض الأصوات المسيئة
وفي هذا السياق، أكد أبناء جبل العرب في سورية دعمهم مسيرة الإصلاح الشامل التي يقودها الرئيس بشار الأسد، ووقوفهم في وجه المؤامرة التي تستهدف أمن واستقرار سورية. كما تستهدف القرار الوطني المستقل وحرفه عن مساره القومي والعربي، ورفضهم للإملاءات الخارجية والانسياق وراء المشاريع الأميركية والصهيونية.
واستنكروا في بيان لهم التصريحات التي صدرت عن بعض الأصوات التي حاولت الإساءة إلى دورهم الوطني والقومي، مشيرين إلى أن هذه التصريحات صدرت عن بعض ممن يغيرون ويبدلون إيقاعهم السياسي وفقاً لأمزجتهم وفائدتهم المادية الشخصية من دون أي اعتبار منهم للوطن ووحدته وأمنه واستقراره.
العربي يماطل
في هذا الوقت، يواصل الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي تهربه من الرد على الموقف الايجابي لسورية حول موافقتها على قرار الجامعة العربية بارسال مراقبين اليها بعد اقرار تعديلات عليه. ولم يتطرق العربي في رسالة بعث بها يوم امس إلى وزير الخارجية السوري رداً على الرسالة التي كان بعثها الوزير وليد المعلم والتي تضمنت استعداد سورية للتوقيع على البروتوكول الى الموضوع الذي أثارته رسالة المعلم.
وأضاف العربي في تصريح له أمس إن رسالته «جاءت عقب سلسلة من المشاورات أجراها مع رئيس وأعضاء اللجنة الوزارية العربية المعنية بحل الأزمة السورية، ومع عدد من وزراء الخارجية العرب».
وأشار الأمين العام للجامعة العربية في تصريح لوكالة «أنباء الشرق الاوسط» «أن المفهوم العام للعقوبات الاقتصادية المفروضة على سورية انها تعتبر بطبيعتها موقتة، وأن هذه العقوبات ستتوقف بعد توقيع سورية على البروتوكول الخاص ببعثة مراقبي الجامعة لسورية».
وشدد العربي على أن «القمة العربية المقبلة ستعقد في موعدها المقرر في العاصمة العراقية».
زيباري
من جانبه، أكد وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع العربي في بغداد، أن بلاده ستناقش مع دمشق تطبيق المبادرة العربية».
ولفت زيباري إلى أن «العراق ملتزم بالاجماع العربي والجامعة العربية لما للعراق من ظروف خاصة، وهذا لا يعني ان ليس هناك قمع للحريات ولكن لسنا بفرض رأي العراق على دمشق الآن»، مشيراً إلى أننا «ندعم المبادرة العربية».
وزير الخارجية المصري
من جانبه، رأى وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو أن «قرارات جامعة الدول العربية تجاه الأزمة السورية تبنت إلى حد كبير البيان والموقف المصري».
وأكد في تصريحات للصحافيين «وضوح الموقف المصري حيال الأزمة السورية منذ بدايتها»، مجدداً «تمسّك القاهرة بتسوية تلك الأزمة سياسياً في النطاق العربي ورفض أي تدخل أجنبي».
الحقد الفرنسي
اما باريس، فواصلت حملتها الحاقدة ضد سورية، ورأى الناطق باسم خارجيتها برنار فاليرو بأن «فرنسا لا تعطي أي صدقية للتصريحات التحريضية للرئيس الأسد، والتي تتناقض بشكل كامل مع استمرار اعمال القمع والعنف ضد الشعب السوري».
خلافات المعارضة السورية
في المقلب الآخر، كشف المعارض السوري هيثم المناع وهو عضو في «هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديمقراطي» أن هدف بعض المعارضة المال والمكاسب السياسية وقال: «نحن لسنا اغنياء كما ادعى علينا باقي المعارضة السورية».
ورأى أن «العقوبات الاقتصادية التي أصدرها مجلس وزراء الخارجية العرب ستترك أثراً سلبياً على المواطن السوري».
اعتداءات للمجموعات المسلحة
واما في الشأن الأمني، فقد واصلت المجموعات الارهابية والمسلحة اعتداءاتها المختلفة ضد المواطنين والقوى الامنية والمنشآت الحيوية، فاقدمت مجموعة ارهابية على تفجير خط النفط في منطقة تل العشور غربي حمص ما ادى إلى سحابة سوداء غطت المدينة.
وأفادت قناة «الاخبارية السورية» عن «العثور على 3 صواريخ مضادة للدروع وقذيفة ار بي جي وحشوات دافعة لصواريخ بـ 9 الحرارية بالقرب من سكة القطار غربي تلكلخ بـ 4 كلم».
كما أفادت عن أن الجهات المختصة في حمص فككت 3 عبوات ناسفة كانت مزروعة على جسر حديدة العاصي ومنطقة البرافو والطريق الدولي «حمص دمشق»، تزن كل واحدة 10 كلغ. كما اشارت إلى تفكيك عبوة ناسفة بالقرب من خط نفط في منطقة السلطانية غربي حمص.  

السابق
الحياة: لبنان: فيلتمان يلتقي بري وجنبلاط والسنيورة و«14 آذار» والمر وقهوجي
التالي
الاخبار: فيلتمان غير معجب بسلوك الحريري و14 آذار