الأصولية اليهودية تضرب العالم

إن مَن يتابع الصحافة الاسرائيلية، يَجد في عناوينها ما يؤكد ضخامة الخطر الأصولي اليهودي على مستقبل العالم

فإذا كان الاصوليون اليهود يهددون بقتل شارون الذي حقق لإسرائيل ما لم يكن يحلم به آباؤهم المؤسسون الأوائل لفكرة الدولة اليهودية، فما الذي يمكن أن يفعلوه لدعاة السلام، وهم على قلّتهم وندرتهم في اسرائيل، يبدون وحدهم الذين يقرأون مستقبل اسرائيل والمنطقة قراءة حكيمة، ويدركون ان مشكلة اسرائيل الكبرى تكمن في أن قوتها ليست في ذاتها، وانما هي قوة من الخارج، وهي خاضعة للمتغيرات… ونتذكر هنا قول شاحاك: «إن الخطر هو أن يمتد تأثير الاصولية الراهن على الحكومة الاسرائيلية الى تأثير على سياسات اسرائيل النووية». وهذا ما يدفعنا الى التساؤل: ماذا لو وقعت الترسانة النووية الاسرائيلية بيد الاصولية اليهودية ؟

… ومن المعروف أنّ مهمة الاصولية اليهودية هي تخريب أي مشروع يتجه الى السلام، فهي نجحت في تخريب «اوسلو»، وما تلاه من محاولات لعقد اتفاقات. والأصوليون ليسوا عددا محدودا في اسرائيل، فهم يمثلون اكثر من عشرين مقعدا في «الكنيست».

وتشير الاحصائيات الاسرائيلية الى أن ثلث اطفال اسرائيل يدرسون في مدارس دينية تدعى «إلشيفوت»، وهي التي تخرّج الحاخامات، وهؤلاء بالطبع لا يقبلون السلام مع العرب…وفيما كانت غالبية البشرية تلقي بقيود الماضي وأصفاده، اظهر الاصوليون اليهود ان قانونهم المقدس، الذي مارسوه بصرامة وتشَدّد، هو القانون الدولي الوحيد القابل للتطبيق، وقد تبعهم الاصوليون المسلمون في تحويلهم للقضية العربية – الاسرائيلية، من قضية دنيوية الى قضية دينية خالصة، واصبح المتطرفون اليهود يتحكمون في مفاصل السياسة الاميركية، بعد تحكمهم بالسياسة الاسرائيلية… هذا اذا لم ننسَ ان اسرائيل تملك اسلحة دمار شامل، في مقدمتها اكثر من 200 رأس حربي نووي، تستطيع إيصالها الى اي بقعة من العالم… ويكفي ان نبرز قائمة بأبرز الحركات والجماعات والمنظمات اليهودية والصهيونية المتطرفة، لندرك خطر الاصولية الاسرائيلية على العالم: منظمة التحالف الاسرائيلي العالمي، منظمة التحالف الاسرائيلي في فيينا، جمعية فرسان الهيكل، جماعة شتيرن، جماعة عصبة الاشداء، منظمة هاشومير الحارس، منظمة البيتا، قوات النوطريم، قوات الفيلق اليهودي، وحدة اللواء اليهودي، منظمة الهاجاناه، منظمة ليمي، منظمة تي إن تي، حركة جوش إيمونيم، حركة امناء، حركة ارض اسرائيل الكاملة، حركة كاخ، جماعة عصبة الخناجر… وعلى رغم أنّ مصادر تمويل هذه الحركات والجماعات والمنظمات من الامور التي لم يتمّ الكشف عنها نهائيا، الا ان العديد من الدلائل والاعترافات تذهب الى أن سلطات الاحتلال الصهيوني نفسها تسهم في عملية التمويل هذه، في حين تغدق الاموال على منظمات الاستيطان التي تعد المظلة الأساسية التي تنمو في اسفلها العديد من هذه الجماعات الارهابية. كما ان التمويل الخارجي يُعد من العناصر المهمة التي لا يجب التغافل عنها في سياق طبيعة الكيان الصهيوني العامة. من هنا، يجب على العالم أن يَعي بأنه لا سبيل الى الخلاص من الاصولية اليهودية، الّا باختيار نهج المقاومة بكل أشكالها، وفي مقدمتها الكفاح المسلح داخل الاراضي الفلسطينية وخارجها، وصولا الى تقويض رؤوس الاموال العالمية التي تبذل كل غالٍ في سبيل إنجاح الاصولية اليهودية في مختلف المحافل الدولية.   

السابق
علي فضل الله: لعدم جعل الحكومة موقعا للسجالات لخطة اقتصادية توازن بين واقع المؤسسات الاقتصادية والحاجات
التالي
شربل نحاس يصطدم بجدار لبنان