إيران قوة عسكرية ولكن مع وقف التنفيذ

 من المعروف ان كوريا الشمالية تتمرد على الولايات المتحدة منذ قبل أكثر من عشر سنوات واستمرت في تنفيذ برنامجها النووي غير عابئة بسياسة العصا والجزرة, أي بتهديد الولايات المتحدة بفرض العقوبات ضدها أو بالاغراءات الاقتصادية, لذلك لانستغرب إذا مارست ايران النهج نفسه وتمردت على المجتمع الدولي, وفي مايتعلق بإيران فإن الولايات المتحدة كانت, ومنذ وقت طويل, تمارس ضغوطاً على ايران مشابهة للضغوط على كوريا الشمالية وتنتظر أن تقوم المعارضة الايرانية بالاطاحة بنظام الحكم في ايران , ولما حدثت الثورات الشعبية في بعض البلدان العربية وسادت الفوضى في سورية أضعفت هذه التطورات ايران, عندها فرضت اميركا ثم بريطانيا عقوبات اقتصادية على ايران فزاد الخناق عليها, وهو ماجعل مجموعة من الايرانيين تقتحم السفارة البريطانية في طهران منذ أيام وتتلف محتوياتها وتحرق العلم البريطاني فقٌطعت العلاقات الديبلوماسية بين بريطانيا وايران وساءت علاقات ايران مع الغرب عموماً.
لكن إيران لن تجرؤ على توجيه ضربة نووية لأي بلد مجاور في الشرق الأوسط أو حتى لاوروبا أو اميركا لأن هناك نظام رادار مبكر روسي- اميركي يعمل بكفاءة على أرض جمهورية اوزباكستان بشمال غرب إيران بإمكانه التصدي للصاروخ الايراني وإسقاطه في اللحظة التي تٌطلق فيها إيران أي صاروخ نووي في الجو.
أما محاولة استعراض القوة الايرانية في الخليج, فإيران لن تتمكن أيضاً من إطلاق صواريخ نووية لوجود القوة العسكرية الاميركية فائقة القدرة لصد الصواريخ الايرانية في هذه المنطقة , كما أشرنا في مقالة سابقة, وكما درسنا في العلوم السياسية فإن مايٌسمى ب¯ "توازن الرعب النووي" يكفل تحقيق السلم, وهناك أمثلة على ذلك مثل ماحدث بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفياتي السابق, وبين الهند وباكستان منذ سنوات, فعندما فجرت الهند قنبلتها النووية على أرضها سارعت باكستان الى تفجير قنبلتها على الفور أو بأسرع وقت ممكن, وبهذا فقد تحقق التوازن النووي بينهما فلايجرؤ طرف نووي على ضرب الطرف النووي الآخر والقضاء عليه فوراً لأن الطرف الثاني يستطيع تحمل الضربة النووية فيقوم بالرد المماثل, وهو مايردع الطرفين لصالح المنطقة والسلام العالمي بطبيعة الحال.
وإذا التزمنا الحياد في التحليل فإنه يمكن القول: إن ايران ستستمر في تنفيذ برنامجها النووي لأن امتلاك قوة أو سلاح نووي لهو أمر يدعو الى الشعور بالتفوق والاستعلاء, والغرب يدرك هذه الحقيقة ويحاول اتباع سياسة الاحتواء مع ايران للضغط عليها لكي تتخلى عن تنفيذ برنامجها النووي وهو, أي الغرب, سيرضخ للأمر الواقع كما حدث مع كوريا الشمالية, ولكن سيتبع معها سياسة الاحتواء والضغوط السياسية والاقتصادية بانتظار انتفاضة ما داخل إيران تطيح بنظام الحكم إذا مابدأت أحوال الايرانيين المعيشية تتأثر بفعل العقوبات الغربية, والخلاصة أن إيران بمقدورها تصنيع السلاح النووي لكن هذا السلاح معطل ولن تستخدمه أبداً, ويبقى لها أن تختار إما التعايش السلمي مع دول الخليج أو تهديد الوضع في الخليج بإثارة النعرات الطائفية, فإذا تجنبت إثارة الشعور الطائفي لكان ذلك لصالح المنطقة واستقرارها. 

السابق
ماذا يحدث لبريدك الإلكتروني بعد وفاتك؟
التالي
وقوع الجامعة بيد الخليجيين!