النهار: الجلسة أرجئت بمقايضة بين التمويل ومطالب عون والصواريخ الأولى من الجنوب على إسرائيل منذ سنتين

"القلق" على مصير الحكومة الذي شاع خلال الأيام الاخيرة تبدد أمس، فكان الحل تأجيل جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم في قصر بعبدا، مع وعد بحلحلة عقدة تمويل المحكمة الخاصة بلبنان وايجاد حل لمطالب رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب ميشال عون التي لا تزال عالقة.
لكن الاطمئنان الى مصير الحكومة قابله قلق على الاستقرار في الجنوب وتاليا في لبنان، مع عودة ظاهرة اطلاق "الصواريخ المجهولة" من لبنان على شمال اسرائيل للمرة الاولى منذ سنتين وعودة القصف المدفعي الاسرائيلي لبلدات لبنانية، وذلك وسط تحذير أوساط ديبلوماسية غربية من ان يكون الحادث أحد أعراض تسرب التطورات السورية الى لبنان.

مجلس الوزراء
في ما يتعلق بتأجيل جلسة مجلس الوزراء المقررة اليوم، علمنا من مصادر بارزة ان رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي لمس "تطرية" في مواقف عون من موضوع تمويل المحكمة بينما لا تزال مطالبه عالقة، وإن يكن وزع مساء أمس ملحق بجدول أعمال الجلسة يتضمن مشروعا متكاملا لوزير العمل شربل نحاس، وهو أحد وزراء عون، عن تصحيح الاجور والتقديمات الاجتماعية، وهو أمر اعتبرته أوساط الجنرال "رأس الخيط" في الحلحلة لمطالبه، لكنها حلحلة بسيطة وليست كافية. وعليه، وتفاديا لمقاطعة وزراء عون هذه الجلسة، كان لا بد من تأجيلها لاستكمال المشاورات التي لا يؤمل ان تنجز حلا في الساعات الاولى من هذا النهار.
أما حلحلة مسألة تمويل المحكمة والتي هدد ميقاتي من أجلها بالاستقالة اذا لم تتحقق، فقد تمثلت في ايجاد مخرج يتيح لرئيس مجلس الوزراء التصرف، كأن يفوض اليه اجراء ما يراه مناسبا وفي الوقت عينه يتفادى "حزب الله" الموافقة على التمويل اذا ما طرح على التصويت باعتبار انه لا يزال معارضا للمحكمة كما أكد وزيره محمد فنيش بعد لقائه امس الرئيس ميقاتي.
وفي أي حال، ترى مصادر وزارية ان احتمال الاستقالة لا يزال واردا في موعد لا يتجاوز السابع من الشهر المقبل.
والرئيس ميقاتي، الذي اجتمع امس مع رئيس مجلس النواب نبيه بري واتصل هاتفيا برئيس الجمهورية ميشال سليمان وصف الجو بأنه "ممتاز"، قائلا ان الاتصالات جارية للتوصل الى "حل" وان "الابواب ليست مقفلة ولكن لا شيء نهائيا بعد".
وعلى خط مواز كان لسليمان لقاءان: الاول مع وزير الطاقة جبران باسيل حاملا أجواء تكتل عون، والآخر مع وزير الصحة علي حسن خليل حاملا أجواء بري. وعليه، كان المخرج أن لا مشكلة اذا لم تنعقد جلسة مجلس الوزراء اليوم لأن ميقاتي سيدعو الى جلسة أخرى.
والى جانب الجهود على صعيد الحكومة، ظهر اهتمام رسمي بتوضيح الموقف من قرارات جامعة الدول العربية الخاصة بسوريا. فبعد اجتماع ضمه وميقاتي ووزير الخارجية عدنان منصور، صرح وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس: "(…) سنلتزم القرارات الصادرة عن جامعة الدول العربية" مع "حرصنا على تقييم حجم الالتزام وموقعه وكيفية تطبيقه".
وأكد الوزير علي قانصوه ان "لا أزمة حكومية". وقال لـ"النهار" أمس: "نريد ان يكون رئيس الحكومة مرتاحا، ونحن مع تعزيز الحكومة وتفعيل دورها وانتاجيتها، والبلد لا يحتمل أزمة حكم، ولا اهتزازا في الاستقرار السياسي ولا الأمني، لذلك يحتاج الامر الى تضحيات من كل الناس".

الجنوب
على الصعيد الجنوبي، سجل منتصف ليل الاثنين – الثلثاء اطلاق صاروخين "غراد" سقطا في محيط بيرانيت قبالة عيتا الشعب ورميش. وردت المدفعية الاسرائيلية قرابة الاولى والربع فجرا باطلاق ست قذائف مدفعية على محلة الشحار في خراج عيتا الشعب ودبل وحانين.
وعلمنا من مصدر أمني ان احدى كاميرات المراقبة مع جهاز تسجيل عبور السيارات المثبتة على مدخل أحد المنازل المجاورة لمكان اطلاق الصاروخين باتت في عهدة الاجهزة المعنية لمراجعتها سعيا الى كشف الفاعلين.
وأعلنت مجموعة تطلق على نفسها "كتائب عبد الله عزام – قاعدة الجهاد" مرتبطة بتنظيم "القاعدة" مسؤوليتها عن العملية وذلك في بيان أورده موقع "النشرة" الالكتروني.

سليمان و"اليونيفيل"
واعتبر الرئيس سليمان في بيان صادر عن مكتبه الاعلامي "إطلاق الصواريخ الذي حصل بشكل فردي (…) خرقاً لحال الاستقرار السائدة في الجنوب وللقرار 1701".
وأفادت القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل" في بيان أيضاً أن قائدها العام الجنرال ألبرتو أسارتا أجرى اتصالات ودعا الى "أقصى درجات ضبط النفس"، وقال: "هذا حادث خطير وهو انتهاك للقرار 1701 ويهدف بوضوح الى تقويض الاستقرار في المنطقة".

"حزب الله"
وبثت قناة "المنار" التلفزيونية التابعة لـ"حزب الله" ان "الترجيحات تقاطعت عند وقوف جبهة صغيرة خلف الحادثة".

14 آذار
وأبلغتنا مصادر قيادية في قوى 14 آذار  أن صواريخ الجنوب "جاءت بعد تحذير وزير خارجية سوريا وليد المعلم من تأثير الموقع الجغرافي لبلاده على الجوار في سياق الأحداث السورية".

الأمم المتحدة
وفي نيويورك (علي بردى)، ندد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي – مون بإطلاق "ما لا يقل عن صاروخين" من جنوب لبنان في اتجاه اسرائيل. وحض جميع الأطراف على "ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس"، داعياً اياهم الى "احترام وقف الأعمال العدائية" بموجب القرار 1701.
وفي مؤتمره الصحافي اليومي، صرح نائب الناطق بإسم الأمم المتحدة أدواردو دل بوي بأن "الأمين العام يندد بإطلاق ما لا يقل عن صاروخين في اتجاه اسرائيل من جنوب لبنان"، مضيفاً أن الجيش الإسرائيلي "رد بإطلاق النار من بطاريات مدفعية في اتجاه مكان اطلاق الصواريخ". وإذ أشار الى أن "لا تقارير عن إصابات في كلا الجانبين وأن الوضع الآن هادىء"، أفاد أن "اليونيفيل تحقق في ملابسات الحادث بالتعاون مع القوات المسلحة اللبنانية والقوات الإسرائيلية". وأعلن أن "الأمين العام يحض جميع الأطراف على ممارسة أقصى درجة من ضبط النفس"، مذكراً اياهم بـ"مسؤوليتهم عن واجبهم الإمتثال التام لقرار مجلس الأمن الرقم 1701 واحترام اتفاق وقف الأعمال العدائية".

مجلس الأمن
وعقد مجلس الأمن جلسة مشاورات مغلقة استمع خلالها الى إحاطتين من مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية أوسكار فرنانديز تارانكو ومساعد الأمين العام لعمليات حفظ السلام أدمون موليه اللذين عرضا التقرير الأخير عن تطبيق القرار 1701.
وأفاد ديبلوماسي حضر الجلسة أن "هناك اجماعاً على التعبير عن القلق من حادثة اطلاق الصواريخ من جنوب لبنان في اتجاه اسرائيل". ووصف الجلسة بأنها "اعتيادية ولم تتضمن أي تطور أساسي". وأضاف أن بعض الأعضاء "عبروا عن قلقهم لعدم احراز تقدم في تطبيق بنود القرار"، ناقلاً عن أحدهم أن "السلطات اللبنانية والقوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان تستحق الإشادة لمنعها تدهور الوضع" عقب اطلاق الصواريخ.
وأبلغنا ديبلوماسي آخر  أن المتحدثين في الجلسة ركزوا كذلك على "ضرورة التزام لبنان واجباته الدولية، وخصوصاً أنه حان الوقت ليدفع لبنان ما يتوجب عليه من مستحقات مالية للمحكمة الخاصة بلبنان".

ردود دولية
وفي واشنطن، علق الناطق باسم وزارة الخارجية الاميركية مارك تونر على اطلاق الصواريخ: "ندعو كل الأطراف الى التزام ضبط النفس". وندد بما اعتبره "عملاً استفزازياً يضر بالاستقرار في لبنان".
وفي باريس، ندد بيان صادر عن وزارة الخارجية الفرنسية باطلاق الصواريخ التي رأى انها "تشكل انتهاكاً خطيراً للقرار 1701".
وفي لندن، قال وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا ألستير بيرت "إن الهجمات الصاروخية من لبنان على شمال اسرائيل تثير قلقاً عميقاً". واستنكر "بشدة أي عمل يخاطر باذكاء التوتر في المنطقة".

اسرائيل
وفي اسرائيل، قال الجيش في بيان "ان الأمر يتعلق بحادث خطير ويرى أن مسؤولية تجنب حدوث هذا النوع من عمليات اطلاق الصواريخ تعود الى الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني".
ونقلت اذاعة الجيش الاسرائيلي عن مسؤولين في الجيش ان "حزب الله" ليس مسؤولاً عن اطلاق الصواريخ على ما يبدو، موضحين ان جماعات فلسطينية او اسلامية صغيرة قد تكون وراء هذه العملية. وأكدوا انهم لا يريدون التصعيد مع الحزب وان الردود على هذه الصواريخ ظلت "محدودة وانتقائية".  

السابق
فيلبينية تنجب طفلاً في بنت جبيل مجهول الأب
التالي
الحياة: كاتيوشا على الجليل الغربي وإسرائيل ترد وتحمّل حكومة لبنان المسؤولية