اللواء : ميقاتي يدنو من الخيارات الصعبة: بروفة الأزمة الجُمعة!

 تدل كل المعلومات المتوافرة على أن الرئيس نجيب ميقاتي يدنو من الخيارات الصعبة:
1- ما ينقل عن زواره أنه لن يقبل استمرار التآكل من رصيده السياسي، لا سيما في مدينته، عاصمة الشمال طرابلس ومن القاعدة الشعبية التي ينتمي إليها·
2- يعتزم تيار <المستقبل> تنظيم مهرجان سياسي في طرابلس الأحد المقبل في 27 الشهر، والمعلومات لا تجزم بمشاركة شخصية من الرئيس سعد الحريري لكنها لا تستبعد حضوره، وتؤكد أنه سيلقي كلمة سياسية وصفت بالساخنة، قد تتضمن دعوة الحكومة إلى الاستقالة·
3- يستبق مجلس الوزراء مهرجان الأحد بجلسة يجري الحديث بقوة عن أنها ستشهد أول <بروفة> لما يمكن وصفه بـ <أزمة تمويل> المحكمة الخاصة بلبنان، من دون أن يعني هذا أن تطوراً خطيراً سيحدث·
إلا أن المعلومات التي استقتها <اللواء> من مصادر عدة تعزز الانزلاق إلى الأزمة، فاللقاء الذي عقد بين الرئيس ميقاتي ووزير العدل المعني بطلب سلفة تمويل المحكمة، شكيب قرطباوي، لم يكن مشجعاً، والاتصالات التي أجراها رئيس الوزراء مع قيادة <حزب الله> في الساعات الماضية لم تفض إلى أية نتيجة، وبقي الحزب على رفضه لأي شكل من أشكال التمويل عبر القنوات الرسمية، وهو ما أكده وزير الحزب في الحكومة محمد فنيش·
4- شكّل حادث اقتحام السور الخارجي للسراي الكبير صدمة لدى رئيس الحكومة، لا سيما أن التجمهر الذي جاء يطلب العفو عن سجناء سجن رومية تصدّره مشايخ معروفين ينتسبون إلى <جبهة العمل الاسلامي>، حليفة حزب الله· إضافة إلى مشاركة عضو تكتل الاصلاح والتغيير النائب غسان مخيبر، ومحاولة تحميل ميقاتي كل معطيات الأزمة المتعلقة بالسجون والمساجين الذين ينتمي قسم كبير إلى منطقتي الشمال والبقاع·
تسخين الوضع هذه التطورات وغيرها، ومن ضمنها وصول رئيس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان سير ديفيد باراغوانث غداً إلى بيروت، دفعت بمراجع سياسية تراقب بكثير من الحذر والقلق تطورات الساحة السياسية، إلى التساؤل عما إذا كان بدأ تسخين الوضع اللبناني في إطار التداعيات المتلاحقة للأحداث السورية من جهة، واقتراب استحقاق تمويل المحكمة من الحسم وارتداداته على الوضع الحكومي، في ضوء ما أعلنته مصادر السراي مؤخراً عن إدراج موضوع تمويل المحكمة على جدول أعمال مجلس الوزراء في جلسة نهاية الشهر الحالي·
وربطت هذه الأوساط بين مسألة تمويل المحكمة واعتبار الرئيس ميقاتي الذي سيكون ضيف برنامج <كلام الناس> بعد غد الخميس من شاشة L.B.C أن الوقت حان لحسم هذا الموضوع وبين المحاولة المفاجئة التي حصلت، أمس، لاقتحام السراي الحكومي من قبل مجموعات محسوبة على الأكثرية، وعلى <حزب الله> بالذات، في مشهد أعاد إلى الأذهان محاولات تجاوز الخطوط الحمر واقتحام السراي ايام حكومة الرئيس فؤاد السنيورة الأولى أواخر العام 2006·
وأشارت هذه الأوساط إلى عودة الحديث عن المداخلات اللبنانية من جانب المعارضة في الملف السوري، من خلال الكلام عن إقامة منطقة عازلة على جانبي الحدود اللبنانية – السورية، في حين أن البحث يدور في الدوائر الخارجية عن إقامة مثل هذه المنطقة على الحدود التركية – السورية·
واستدركت بأن الخطوات التصعيدية الأخيرة من جانب الأكثرية بدت وكأنها محاولات لافتعال توتر في الأجواء السياسية، تحضيراً لما هو آت في حال شهد الوضع السوري تدهوراً دراماتيكياً بعد فشل المبادرة العربية واجتماع وزراء الخارجية العرب يوم الخميس، معتبرة أن ما جرى من حملات مفتعلة ضد الرئيس السنيورة التي أدّت إلى انسحاب نواب 14 آذار من لجنة المال النيابية ومقاطعة جلساتها، نموذجاً لما يمكن أن تشهده البلاد من تصعيد وتوتير في المرحلة المقبلة، متخوفة من سيناريو لهذه المرحلة، يتحدث عن محاولة دفع الرئيس ميقاتي إلى الاستقالة بعد إسقاط بند تمويل المحكمة بالتصويت، لترك البلد في حال من الفراغ السياسي، يجري تحويله لاحقاً الى ورشة ضغوط في اتجاه العواصم العربية والغربية لتخفيف الضغوط الاقليمية والدولية على النظام السوري·
إلا أن مصادر قريبة من السراي، لا تعتقد أن سياسة <الرقص على حافة الهاوية> قد تصل بالأمور إلى حدّ استقالة الرئيس ميقاتي، لأن لا مصلحة لأحد الذهاب إلى هذا الحد، وبالتالي لا بدّ في النهاية من الوصول الى حل، لافتة إلى أن الأجواء التي تعيش فيها لا توحي باحتمال تفجير الوضع الداخلي·
مهما كان من أمر، فان رئيس المحكمة الدولية الذي يزور لبنان غداً الأربعاء سيلتقي الرئيس ميقاتي في السراي الحكومي فور مجيئه، ليؤكد له ضرورة دفع لبنان حصته من تمويل المحكمة، قبل 15 كانون الأوّل المقبل·
وتُشير المصادر إلى أن باراغوانت سيطلع ميقاتي والمعنيين على مخاطر عدم دفع التمويل وتحويل الملف إلى مجلس الأمن الدولي، فيما تلفت المصادر أن ميقاتي سيشدد امام زائره انه سيقوم بكل ما يلزم لمحاولة تمرير التمويل لأنه شعر انه آن اوانه، جازماً بأنه سيدرجه على جدول أعمال جلسة مجلس الوزراء التي ستعقد في 30 من الشهر الجاري·
رسالة الاستقلال في خضم هذه الأجواء، كانت لافتة حركة رئيس الجمهورية ميشال سليمان باللجوء إلى رمزية المكان لتوجيه رسالة الاستقلال إلى اللبنانيين، عبر قلعة راشيا، التي صنعت الاستقلال، لدعوة اللبنانيين إلى <أن لا يحيدوا عن ثوابت معنى الاستقلال، وهي الثوابت الوطنية الضامنة لاستقرار لبنان وعزته وازدهاره> وأن يحيدوا أنفسهم عن كل ما من شأنه ان يؤثر سلباً على الوحدة الوطنية والسلم الأهلي واحلامهم المشروعة بغد هانئ وآمن وواعد، ملتزمين دوماً نهج الحوار والمنطق والاعتدال>·
وإذ أكّد أن من أبرز شروط الاستقلال التحرر من أي احتلال أو انتداب أو وصاية، وفرض السيادة الشاملة والحصرية للدولة ومؤسساتها على كامل أراضيها، والالتزام باستقلالية القرار السياسي الوطني، بعيداً عن أي تدخل أو ضغط خارجي، ونجاح الدولة في إدارة الشأن العام بقدراتها الذاتية، من خلال مؤسسات ونظام ديمقراطي يحفظ الأمن والحريات وحقوق الإنسان، ويقيم العدل، ويسمح بالتداول الدوري للسلطة كنتيجة حتمية للديمقراطية، فانه شدّد أيضاً على أهمية تحقيق العدالة الاجتماعية والنمو الاقتصادي والتنمية البشرية المستدامة، ومحاربة الفقر والعوز والمرض، وتوفير الحاجات الاساسية للمواطنين·
ورأى الرئيس سليمان أن واقعنا الحالي يضع علينا جميعاً مسؤولية مضاعفة، للبحث في الأسباب الحقيقية التي تعوق عمل المؤسسات وتفقد ثقة النّاس بالدولة وببعضهم البعض، مشدداً على ضرورة إعادة تفعيل واستئناف أعمال هيئة الحوار الوطني <وعدم التباطؤ في تنفيذ ما سبق لنا أن اتفقنا عليه في مؤتمر الحوار الوطني، وبخاصة ما يتعلق منه بالسلاح الفلسطيني خارج وداخل المخيمات>، إضافة <لواجب الالتزام بقرارات الشرعية الدولية، بما فيها تلك المتعلقة بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان، وذلك توخياً للحقيقة المجردة والعدالة المجردة وحفاظاً على مصداقيتنا وليس خشية من عقوبات يلوح بها>·
مقاطعة لجنة المال تزامناً، انتقل السجال السياسي بين المعارضة والموالاة الى داخل لجنة المال والموازنة، على خلفية الاتهامات التي وجهها رئيس اللجنة النائب ابراهيم كنعان الى الرئيس فؤاد السنيورة، والفريق المحسوب على الرئيس الشهيد رفيق الحريري، انطلاقا مما حصل في الخزنة العامة في العام 1993، فطالب نواب 14 آذار في الجلسة من كنعان الاعتذار من الرئيس السنيورة بعد ان اظهرت الوثائق ان الخزينة اقفلت بالشمع الاحمر وسلمت الى مصرف لبنان، واتهموه بأنه يستغل منصبه كرئيس للجنة لتضليل الرأي العام، الا ان كنعان رفض، متذرعاً بأنه يتحدث باسمه الشخصي، مؤكدا استمراره في عملية الرقابة البرلمانية·
إزاء ذلك، انسحب سبعة نواب من كتل المعارضة مؤكدين استمرار مقاطعتهم لعمل اللجنة، واعلن النائب جمال الجراح باسم زملائه ان كنعان يستغل منبر اللجنة لاهداف سياسية، لكن كنعان اعتبر ان عمل اللجنة سيستمر في حال سمح النصاب القانوني بذلك، علما ان اللجنة تضم 17عضواً (9 للمعارضة و8 للموالاة)، وطالب نواب المعارضة الرئيس نبيه بري بدعوة رؤساء اللجان والمقررين لاعادة النظر بالسياسات المعتمدة في اللجان·
واكد النائب احمد فتفت في اتصال مع <اللواء> انه مع استمرار المقاطعة، وسيتدارس وزملاؤه الخطوات اللاحقة،بانتظار ردة فعل الفريق الآخر <لاننالم نلق تجاوبا داخل اللجنة>، والمهم احترام المؤسسات دون الخضوع لمزاجية رئيس المجلس او رئيس اللجنة في كيفية قراءة الاصول البرلمانية والقانونية·
وعن النصاب المطلوب، اوضح فتفت انه يمكن بعد نصف ساعة من الدعوة الاولى للجلسة ان يجتمع الاعضاء بسبعة نواب، لكن المسألة تتخطى العدد لتدخل في مفهوم العمل المؤسساتي·
ولفت النائب الجراح لـ <اللواء> الى ان فريقه حريص على عمل اللجان، لكن في حال لم يعتذر رئيس اللجنة فسنستمر في المقاطعة، ولا نقبل التشهيربفريقينا السياسي حتى بعد ابراز الادلة القاطعة·
وعلمت <اللواء> ان الرئيس السنيورة يتجه لاقامة دعوى جزائية ضد النائب كنعان، وهو اتهمه في مقابلة مع برنامج <بموضوعية> الذي يقدمه الزميل وليد عبود من محطة M.T.V مساء امس، بانه لا يفهم بالامور المالية، مؤكدا ان قصة الخزنة اثبتت الوقائع انها عارية من الصحة، مشيرا الى ان لم يكن هناك قطع حساب لمالية الدولة من العام 1979 الى العام 1992، لافتا الى ان احد المسؤولين عن تدمير الحسابات في الدولة هو ما جرى في حرب المنطقة الشرقية من بيروت التي افتعلها العماد عون· 

السابق
الديار : سليمان: فرض السيادة الشاملة
التالي
الشرق : سليمان في رسالة الاستقلال: لتنفيذ التزاماتنا تجاه المحكمة الدولية