جنبلاط وشعرة معاوية مع دمشق!

لم تتّضح بعد المواقف الجنبلاطيّة من التطوّرات السورية المتسارعة، أو الاستقالة من الحكومة، بمعنى أنّ النائب وليد جنبلاط لم يقطع بعد شعرة معاوية مع دمشق، وإن كان هناك خيط رفيع جدّا ما زال يمسك به الوزير غازي العريضي، حيث لم تسجّل أيّ دعوة من قبل جنبلاط للرئيس السوري بالتنحّي، بل تمحورت مواقفه على ضرورة الإسراع في تطبيق الإصلاحات. أمّا على المستوى الداخليّ، فإنّ رئيس "جبهة النضال الوطنيّ" يناور ما بين تناغمه مع "حزب الله" واعتباره سلاح المقاومة سلاحا شرعيّا لمواجهة العدوّ الإسرائيلي، من دون أن يعني ذلك ضرورة استيعاب هذا السلاح من قبل الدولة ضمن حوار هادئ كما يرى جنبلاط في سياق مواقفه الراهنة، وذلك لا يعجب مكوّنات الثامن من آذار التي تلوم "حزب الله" على استمرار تواصله مع جنبلاط، الذي تراه ماضيا وحاضرا من أطياف 14 آذار.

وفي هذا الإطار، عُلم أنّ أكثر من قياديّ في 8 آذار فاتحَ مؤخّرا قيادات في "حزب الله" حيال هذا الموضوع، فكان التبرير يكمن بأنّ الحزب لا يزال يعتبر أنّ النائب جنبلاط في الأكثريّة، وتوافرت معلومات للحزب أنّ "أبو تيمور" لن يترك هذه الأكثرية، وهذا هو المطلوب في المرحلة الراهنة، في الوقت الذي يتناغم فيه رئيس "جبهة النضال" في هذه الأيام مع تيار "المستقبل"، وثمّة أجواء حول التوافق على عودة التواصُل ما بين الفريقين، وتحديدا في إقليم الخرّوب وفي العاصمة بيروت، وقد أكّدت معلومات أنّ جنبلاط أوعز إلى قيادة الحزب التقدّمي في الإقليم لهذا الغرض، وثمّة لقاءات مكثّفة عقدت في الأيام الماضية في بيروت بهدف إعادة لمّ الشمل، وكسر الجليد القائم بين الطرفين، لا سيما في منطقة إقليم الخروب، حيث الثقل السنّي وحضور تيار "المستقبل" والتواصل القائم مع الشوف.

وتشير المعلومات إلى أنّ زيارة وفد نواب تيار "المستقبل" إلى كليمنصو، هدفت إلى عرض المستجدّات الأخيرة، وتحديدا لجهّة توحيد الرؤية حول قانون الانتخاب، إلى ما يجري في سوريا، والشأن الحكوميّ الداخليّ، مع إشارة أحد المشاركين إلى تفهّم النوّاب لخصوصيّة النائب وليد جنبلاط، حيث قدّم لهم مطالعة شاملة حيال ما هو حاصل في سوريا، ورؤيته للوضعين الداخلي والإقليمي، بينما ثمّة من يرى في تيار "المستقبل" وقوى الرابع عشر من آذار، أنّ موقف وزراء "جبهة النضال الوطنيّ" في مجلس الوزراء الأخير حول موقف وزير الخارجية عدنان منصور في القاهرة، كان "ناعما" وليس بمستوى الموقف المنتظر، في حين أنّ اعتكاف وزير الأشغال غازي العريضي، لا يحمل أيّ أبعاد سياسيّة أو انتقاديّة للحكومة، وتحديدا لناحية موقفها المتضامن مع سوريا، بل هو محض مالي ويأخذ الطابع الشعبوي، لا أكثر ولا أقلّ.

من هنا يستدلّ أنّ وزراء جنبلاط ليسوا في وارد الاستقالة، بل انّهم يحاولون التمايز عن الوزراء الآخرين، في حين أنّ الموقف الواضح والمحسوم للنائب جنبلاط، يكمن في إصراره على تمويل المحكمة الدولية، وهو ينصح "حزب الله" في مجالسه وفي العلن، بضرورة تمرير التمويل "كي لا يقع البلد في المحظور".

ويبقى أخيرا أنّ عودة التواصل بين رئيس الحزب التقدّمي ونوّاب "اللقاء الديموقراطي" جارٍ على قدم وساق، وهنالك أجواء عن استمرار هذه اللقاءات، وإن كان من المبكر الحديث عن عودة إحياء "اللقاء الديموقراطي"، لكنّ الأجواء بين جنبلاط والنوّاب المنضوين في اللقاء المذكور ممتازة، وشهدت نقلة نوعيّة في الأيام القليلة الماضية.  

السابق
الخازن: الخلاف بين العريضي والصفدي اداري
التالي
غانم: بيان ميقاتي يعبر بشكل دقيق عن الحوار بيننا لجهة عدم التطرق الى المحكمة