هل يمكن إبقاء لبنان بمنأى عن العاصفة؟

بعد القرار العربي بتعليق عضوية سوريا في الجامعة العربية يمكن النظر الى ما رآه الرئيس بري عندما قال "ان الذي يجري حولنا ليس غريباً عن اورشليم فلبنان في قلب العاصفة وليس على شطآنها، لذا علينا رسم المستقبل قبل ان يرسم لنا". وهذا الكلام التحذيري يطرح السؤال الآتي: ما العمل لاخراج لبنان من قلب العاصفة. لماذا لا يبحث الجواب عنه بالعودة الى طاولة الحوار ليكون موضوعاً وحيدا مطروحاً للبحث والمناقشة؟

لقد قرر لبنان الرسمي في اجتماعات مجلس الامن الدولي البقاء في منأى عما يجري في سوريا وحظي هذا الموقف بتأييد قوى 8 آذار واعتبرته موقفاً حكيماً في حين اعترضت عليه قوى 14 آذار وطالبت بان يكون موقف لبنان مع الشعب السوري الثائر. لكن لبنان الذي قرر ان يكون في منأى عما يجري في سوريا على الصعيد الدولي، وقف مع النظام السوري وضد الثائرين عليه في المجتمع العربي، وفي الداخل كان الانقسام حاداً بين قوى 8 آذار التي تقف مع النظام في سوريا وقوى 14 آذار التي تقف ضد هذا النظام.

لذلك مطلوب من اللبنانيين على اختلاف اتجاهاتهم ومشاربهم ومذاهبهم الاتفاق على ان يبقى لبنان في منأى عما يجري في سوريا وفي المنطقة لتجنب ارتداداته على الداخل اللبناني اي تحييد لبنان وهو ما دعا اليه البطريرك الراعي بحيث لا تكون فئة فيه مع طرف وفئة مع طرف آخر فيقع بينهما الصدام السياسي الذي قد يتحول الى صدام مسلح فليس سوى اتفاق اللبنانيين على تحييد انفسهم عن كل ما يجري في الخارج ويكونون مع العرب وهم متفقون وعلى الحياد وهم مختلفون، فلا شيء سوى الحياد او التحييد ما يحمي لبنان من خلافات الخارج وارتداداته السلبية عليه.
 اما العودة الى طاولة الحوار فلا تكون من اجل البحث في "الاستراتيجية الدفاعية" ولا في سلاح حزب الله. ولا حتى في تنفيذ قرارات سابقة اتخذتها هيئة الحوار ولا تحتاج الى قرارات جديدة بل من اجل البحث في كيفية اخراج لبنان من قلب العاصفة. وفي كيفية حماية السلم الاهلي فيه. وهذا يتطلب تمهيداً للعودة الى الحوار، وعقد لقاء مع قيادة "حزب الله" للوقوف على رأيها في الموضوع وأخذ موافقتها المسبقة على ما يحفظ لبنان ويبقيه في منأى عما يجري ليس في سوريا فحسب بل في المنطقة ايضا. خصوصاً بعدما اعلن السيد نصرالله ان المنطقة كلها ستشتعل اذا اعتدي على سوريا او على ايران. لذلك فالمطلوب ليس البحث في الماضي انما البحث في الحاضر من اجل المستقبل. فالماضي مضى والحاضر ينبغي ان يكون نقطة انطلاق نحو مستقبل واعد. فاذا وافق "حزب الله" على ان يبقى لبنان في منأى عما يجري خارج حدوده وان يحيد نفسه حماية لامنه الداخلي واستقراره وحرصاً على السلم الاهلي، عندها يصبح في الامكان طرح هذا الموضوع من دون سواه على طاولة الحوار والخروج ببيان يؤكد ذلك ويلتزمه الجميع ومن لا يلتزمه يتحمل المسؤولية الوطنية امام الله والتاريخ.

اما ان يظل طرف لبناني مع النظام في سوريا وطرف آخر ضد هذا النظام بحيث ينتقم الطرف المنتصر من الطرف المنكسر، فهذا يهيىء لحروب داخلية وفتن كارثية. ويحول بالتالي دون العودة نهائياً الى طاولة الحوار للبحث في اي موضوع لانه سيكون بحثاً بين طرفين متناقضين ومتعارضين، لا سبيل الى جمعهما حول رأي واحد. فلا بد اذا من التمهيد للعودة الى طاولة الحوار بعقد لقاءات مع بعض اركان هيئة الحوار ولا سيما مع "حزب الله" للاتفاق على كيفية ابقاء لبنان في منأى عما يجري في سوريا والمنطقة لحفظه من تداعيات الاحداث وليس النأي بلبنان عن المجتمع الدولي ولا النأيء به عن المجتمع العربي، فهذا يجعله طرفا فتكون النتيجة انقساماً حاداً في الداخل.

وعندما تكون حماية السلم الاهلي في لبنان هدف الجميع، والاحداث في المنطقة ستطول قبل ان تستقر، فلا مانع عندئذ من البحث في تأليف حكومة وحدة وطنية تتطلب هذه الاحداث الخطيرة تأليفها، ويكون الامن والاستقرار من اولوياتها كي لا يتصور البعض ان خلق هذا الجو قد يكون في مصلحة بقاء الحكومة الحالية التي ليست مؤهلة للمحافظة على الجو المطلوب وعندما تنجح الحكومة في توفير استمرار الامن والاستقرار وحماية السلم الاهلي فان البلاد تشهد عندئذ استمرار الازدهار وتدفق الاموال للاستثمار وهذا من شأنه ان يخلق فرص عمل جديدة ويقضي على البطالة والهجرة. فهل يتفق الزعماء اللبنانيون على ما ينقذ وطنهم ام ان "حزب الله" لن يقف متفرجاً اذا تعرضت سوريا او ايران لاي اعتداء فيجعل لبنان ساحة من ساحاته!!. 

السابق
اعتصام تضامني مع المرأة ضد التمييز
التالي
هل يُبادر الأسد لإنقاذ سوريا والمنطقة··؟