السفير: نصر الله يطمئن اللبنانيين: الحرب الإسرائيلية مستبعدة وميقـاتـي لعـون: لا تنـازل عـن نقطـة مـن صلاحـيـات رئاسـة الحكـومـة

بينما كانت المحكمة الدولية في لاهاي تبحث، أمس، في احتمال تنظيم محاكمة غيابية للأشخاص الواردة أسماؤهم في القرار الاتهامي في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وبالتالي تظهر تبايناتها، بين قائل بإمكان المحاكمة غيابيا وقائل بعكس ذلك، تجاهل الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصر الله هذه الوقائع، معتبرا أن الحزب يتصرف على قاعدة أن المحكمة لم تعد موجودة، وشكل خطابه في احتفال «يوم الشهيد» في مجمع سيد الشهداء في الضاحية الجنوبية، فرصة للإجابة على الكثير من الوقائع التي تتلاحق محليا وإقليميا، رابطا بين الانسحاب الأميركي من العراق وبين الحدثين السوري والإيراني، ومقدما رسالة تطمينية للبنانيين مفادها أن الحرب الاسرائيلية مستبعدة، وإن حصلت فستكون المغامرة الاخيرة، ولبنان صار قويا وقادرا على قلب الطاولة، والأوضاع المحلية والاقليمية والدولية اليوم هي لمصلحة شعوب المنطقة ولمصلحة محور المقاومة والممانعة أكثر من أي يوم مضى.

في الجانب الداخلي، بدا نصر الله مطمئنا الى وضع الحكومة ولسيرها وفق خريطة طريق اولويات سياسية معيشية اقتصادية اجتماعية، ونفى عنها صفة اللون الواحد والرأي الواحد، معتبرا أنها حكومة التنوع والنقاش والحوار، مقارنا بينها وبين حكومات 14 آذار بقوله «انها لا تتلقى الـ«اس ام اس» ولا الاشارات ولا الإيحاءات من احد».
وتجاهل نصر الله المحاكمات الغيابية التي تمهد لها المحكمة الدولية، وحسم الموقف بشكل نهائي من موضوع تمويل المحكمة وقاربه من زاوية وقف التمويل الأميركي لمنظمة «اليونيسكو»، ليؤكد من خلال ذلك «ان عدم تمويل تلك المحكمة مسألة غير قابلة للجدل او للمساومة في قاموس «حزب الله»، داعيا الى السير بالمخرج الذي قدمه الرئيس فؤاد السنيورة حينما ناشد الرؤساء والملوك العرب والدول الصديقة المبادرة الى تعويض النقص في تمويل «اليونيسكو». وقال: السنيورة قدم مخرجا جميلا فليعتمدوه مع حكومة نجيب ميقاتي وليحلوا عنها. وبناء على ذلك يمكنكم أن تناشدوا جامعة الدول العربية والرؤساء والملوك العرب والدول الصديقة تمويل المحكمة، وأي أمير عربي يستطيع أن يستغني عن حفلة ويمول المحكمة «وبلا هالمشكلة». فما ترتضونه لليونيسكو ارتضوه للحكومة اللبنانية.

وأما في الوضع الاقليمي، فقد ربط السيد نصر الله بين سوريا وإيران بصورة تنطوي على دلالات كثيرة وقال: «أميركا تريد إخضاع إيران وجرّها الى مفاوضات مباشرة وهذا الامر ترفضه الجمهورية الاسلامية، والمطلوب ايضا إخضاع سوريا لتقبل ما لم تقبله في الماضي. إن عليهم ان يفهموا أن ايران ستردّ الصاع صاعين. وأن الحرب على سوريا وإيران لن تبقى في ايران او في سوريا انما هذه الحرب ستتدحرج على مستوى المنطقة بأكملها».  
وتوجه نصر الله الى المراهنين على الخارج قائلا: «أقول لكل من يراهن ويصنع اوهاما ويؤجل الملفات ويبني على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الاسد في سوريا، إن هذا الرهان سيفشل وسيسقط».
من جهة ثانية، من المقرر ان يستكمل مجلس الوزراء الاربعاء المقبل البحث في سائر العناوين المتصلة بالقانون الانتخابي والجنسية والمجلس الدستوري بعدما انتهى في جلسة امس الى اقرار مشروع قانون تعديل دستوري لفصل النيابة عن الوزارة، بعد نقاشات حادة، انتقلت من عدم جواز الدمج بين النيابة ووظيفة الوزارة، الى موضوع الجمع بين رئاسة الحكومة والنيابة.
ويتضمن المشروع شروطا اساسية منها جواز ان يتم اختيار الوزراء من بين اعضاء مجلس النواب ولكن شرط ان يستقيل النائب المختار لتولي الوزارة فور نيل الحكومة ثقة المجلس النيابي، وعلى ان يحل محله في عضوية المجلس النيابي الشخص المنتخب تحت عنوان «رديف» في الانتخابات النيابية. كما تضمن فقرة اضافها رئيس

الحكومة نجيب ميقاتي باستثناء رئيس الحكومة من احكام هذا القانون، حيث أكد وبحدة ولغة حاسمة أن لا عودة الى ما قبل الطائف في ما يخص صلاحيات رئاسة الحكومة، وقال مخاطبا وزراء «التيار الوطني الحر» الذين تمسكوا باستقالة رئيس الحكومة من مقعده النيابي اذا اختير للرئاسة الثالثة أسوة بباقي الوزراء: «خذوا في الحسبان أن لا تراجع تحت أي مسمى كان عن أي نقطة أو فاصلة أو حرف نص عليه اتفاق الطائف في ما خص البنود المتصلة برئيــس الحكومة وصلاحياته».
أضاف ميقاتي: «لرئيس الحكومة رمزيته وموقعه كما لرئيس الجمهورية ولرئيس مجلس النواب وبالتالي لا يجوز لا بل ليس مقبولا ان يتم التعاطي مع رئيس الحكومة بهذا الشكل، وبالتالي انا ارفض ذلك وسأعبر عن ذلك بتضمين القانون فقرة تؤكد على استثناء رئيس الحكومة».
على ان مشروع تعديل الدستور لجهة عدم الدمج بين النيابة والوزارة، والذي يفترض ان يعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية بحسب المادة الاخيرة الواردة فيه، سيفتح، اذا ما وافق عليه مجلس النواب، الباب أمام تعديل جوهري في القانون الانتخابي الذي ستجري على اساسه الانتخابات النيابية المقررة صيف العام 2013، وخاصة من زاوية عدد أعضاء مجلس النواب اذ سيحدد القانون الانتخابي صيغة انتخاب يتم من خلالها انتخاب 128 نائبا أصيلا و128 نائبا رديفا بحيث إذا اختير نائب أصيل للوزارة، يستقيل بعد نيل الحكومة الثقة ويحل مكانه «النائب الرديف». وأيده في موقفه وزراء الكتلة الوسطية.
ولقيت فكرة الفصل بين النيابة والوزارة إجماعا من معظم الوزراء كفكرة إصلاحية، ولكن سجلت تحفظات على فكرة النائب الرديف من قبل وزيري «حزب الله» والوزراء علي حسن خليل وعلي قانصو وناظم الخوري، فيما دعا الوزير وائل ابو فاعور الى ولوج الموضوع الاصلاحي ليس من خلال الجزئيات بل من خلال سلة متكاملة. وقال: «ليت بعض القوى السياسية وافقت على البرنامج المرحلي للحركة الوطنية وعلى مشروع كمال جنبلاط للتغيير الديموقراطي لكانت وفرت على البلد ربما الحرب الاهلية، وبكل الحالات اعتقد ان التاريخ أنصف كمال جنبلاط بأن اصبح هذا المشروع اليوم يحظى بموافقة الجميع».

وساد هرج ومرج بين الجانبين، استدعى تدخل رئيس الجمهورية للقول: انا أعددت هذه الصيغة، وقصدت فيها ان تشمل النواب فقط وليس رئيس الحكومة، لان لرئيس الحكومة رمزية معينة، ولا نستطيع ان نساوي الرئيس بالنائب.
الا ان النقاش تشعب، وأدى الى توقف الجلسة لبعض الوقت، جرت خلالها اتصالات جانبية، ومن ضمنها اتصال بين الوزير جبران باسيل والنائب ميشال عون، ليصار بعدها الى القبول باستثناء رئيس الحكومة من احكام مشروع الفصل… وأقر المشروع بعد ادخال تعديلات جوهرية على الاقتراح المقدم من رئيس الجمهورية.

المحكمة الدولية: لا قرار
وفي لاهاي، عقدت الغرفة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان أولى جلساتها لمناقشة حجج المدعي العام القاضي دانيال بيلمار ومكتب الدفاع بشأن المحاكمات الغيابية باعتبار أنّ المحاكمة الغيابية جديدة على صعيد المحاكم الدولية.
وقد ناقشت المحكمة في جلستها العلنية والتي تخلّلتها فترة سرّية، تقارير وردت إلى مكتب بيلمار من المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا حول الخطوات التي قام بها لتبليغ المتهمين الأربعة من «حزب الله» بمضمون القرار الاتهامي والتهم المسندة إليهم والعمل على توقيفهم وسوقهم إلى مقرّ المحكمة في لاهاي.
وقد طلب ممثّل بيلمار الذي تغيّب عن الجلسة لأسباب صحيّة على ما بات معروفاً، سماع ميرزا للتحقّق من استنفاده كلّ الخطوات اللازمة لتوقيف المتهمّين، فيما طلب رئيس مكتب الدفاع المحامي الفرنسي فرانسوا رو إلغاء مذكّرات التوقيف الغيابية بما يتيح محاكمة المتهمّين عبر مثولهم أمام المحكمة بواسطة الفيديو من منازلهم، على أن تصدر الغرفة قرارها والكلمة الفاصلة بهذا الشأن في موعد آخر.

وفيما كانت غرفة الدرجة الأولى، تتابع جلستها الماراتونية بعد استراحات وجيزة، تعمّد فريق عمل بيلمار الاستشهاد بكلام للسيّد نصر الله من دون تسميته عبر التلميح إلى أنّ « قيــادة المنظّمة هدّدت بقطع اليد التي تمتد إلى المتهمّين»، وذلك في معرض تفسيره نقاطاً وردت في تقارير مدعي عام التمييز اللبناني سعيد ميرزا عن التبليغات والظروف المحيطة بها.
وكما كان متوقّعاً، أثار فريق مكتب بيلمار مضمون المقابلة المزعومــة التي ادعــت مجلّة «تايم» الأميركية إجراءها مع أحد المتهمين الأربعة، ممّا يؤكّد ما جرى الحديث عنه سابقاً من أنّ هذه المقابلة افتعلت لاستعمالها ذريعة من جانب مكتب المدعي العام، وبرغم نفي «حزب الله» لهذه المقابلة، إلاّ أنّ فريق بيلمار استشهد بها وأصرّ على اعتبارها حقيقية. 

السابق
النهار: المحكمة قد توقف متهماً ونصرالله لا يراها موجودة
التالي
الانباء: 14 آذار تزور وادي خالد اليوم وتحضر للقاء مع المجلس الوطني السوري