البناء: مجلس الوزراء يُقر فصل النيابة عن الوزارة و سليمان يؤكّد أن لا مخطوفين سوريين

شغلت الملفات الداخلية والإقليمية المتعددة الوسطين السياسي والرسمي عشية اجتماع المجلس الوزاري العربي اليوم لبحث الوضع في سورية، فيما أبدت دمشق من جديد حرصها على إنجاح المبادرة العربية وقيام لجنة من الجامعة بالاطلاع على حقيقة الأوضاع على الأرض، حيث الواقع يختلف تماماً عما يجري فبركته مما يسمى "مجلس اسطنبول" وبعض القنوات الفضائية الخليجية التي لا هم لها سوى التحريض وبث الأكاذيب.
كما أن ملفات عدة داخلية شغلت محور الاهتمام السياسي بدءاً من مشروع قانون الانتخابات الذي أخذ الحيز الأكبر من نقاشات مجلس الوزراء عصر أمس في بعبدا.
لكن الملف الأكثر حساسية كان ما جرى في الجلسة العلنية التي عقدتها المحكمة الدولية الخاصة بالتحقيق باغتيال الرئيس رفيق الحريري وتحولها لاحقاً إلى جلسة سرية. وقد أثارت المسائل التي طرحها الادعاء العام الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام سواء لجهة طلب الاستماع إلى مدعي عام التمييز القاضي سعيد ميرزا حول ما قامت به النيابة العامة لإبلاغ الأشخاص الذين تتهمهم المحكمة، أم لجهة ما أثير من قضايا وتفاصيل تتعلق بالمتهمين ويراد منها خلق فتنة داخلية على الرغم من أن مكتب الدفاع في المحكمة الذي جرى تعيينه أصلاً من المحكمة نفسها طلب إلغاء مذكرات التوقيف بحق المتهمين الأربعة من حزب الله.

ثوابت نصرالله
وقد تناول الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في الكلمة التي ألقاها عصر أمس عبر الشاشة خلال الاحتفال الذي أقامه الحزب بـ"يوم الشهيد" موضوع تمويل المحكمة من دون التطرق إلى ما حصل أمس في الجلسة العلنية التي عقدتها المحكمة المذكورة.
وذكَّر السيد نصرالله بلجوء الإدارة الأميركية إلى وقف تمويلها لمنظمة الأونيسكو لمجرد اعتراف الأخيرة بدولة فلسطين، وسأل: "لماذا يحق للولايات المتحدة أن تتخلى عن التزاماتها الدولية ولا يحق ذلك للبنان إذا ما كان هناك التزام". وقال إن الرئيس فؤاد السنيورة قدم مخرجاً للأميركيين لكي يحمي الأونيسكو من العقاب الأميركي، وليعتمد هذا المخرج مع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي و"ليحلوا عنا"، داعياً الذين يطالبون بتمويل المحكمة أن يطلبوا من الجامعة العربية والرؤساء والملوك العرب والدول الصديقة تمويلها و"يستطيع أمير عربي واحد أن يستغني عن حفلة ويمولها وبلا هالمشكلة".
وأكد السيد نصرالله أن الجنوب لم يعد مكسر عصا بل أصبح رقماً صعباً في المعادلة الدولية وقال: "اليوم وللمرة الأولى يعيش لبنان وبالتحديد جنوبه بالطمأنينة وبالثقة والارتياح". أضاف: "إن لبنان لم يعد بلداً ضعيفاً بل انه بلد قوي بشعبه وجيشه ومقاومته، واصبح قادراً على أن يقلب الطاولة على من يعتدي عليه، مستبعداً حصول حرب على لبنان.
ووجّه السيد نصرالله نصيحة إلى كل القوى السياسية بــ "العودة إلى الاهتمام بشؤون بلدنا ولنترك الرهان على الخارج وعلى التطورات الإقليمية(….).
وأقول لكل من يراهن ويصنع أوهاماً ويؤجل الملفات ويبني على سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد في سورية، إن هذا الرهان سيفشل وسيسقط، والغريب أن بعضهم لا يطرح شعار "لبنان أولاً" إلا في الخيارات"

تحييد الجيش
ودعا إلى تحييد الجيش مشدداً على أولوية تحييد هذه المؤسسة كمؤسسة ضامنة للوحدة الوطنية والأمن.
وتطرق السيد نصرالله إلى الوضع في سورية والتهديدات ضد إيران وقال: "إن أميركا تريد إخضاع إيران وجرها إلى مفاوضات مباشرة وهذا الأمر ترفضه إيران والمطلوب إخضاع سورية لتقبل ما لم تكن تقبل به في الماضي". وقال: "عليهم أن يفهموا جيداً أن الحرب على إيران وأن الحرب على سورية لن تبقيا في إيران أو في سورية إنما ستتدحرج هذه الحرب على مستوى المنطقة بأكملها وهذه حسابات واقعية وهذا هو واقع الحال".
مجلس الوزراء
وكان مجلس الوزراء قد عقد جلسة له مساء أمس في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وتطرق المجلس إلى القضايا السياسية المطروحة بالإضافة إلى بحث جدول الأعمال المتضمن استكمال بحث مشروع قانون الانتخابات ومشروع قانون فصل النيابة عن الوزارة ومشروع قانون استعادة الجنسية وتعديل صلاحيات المجلس الدستوري لجهة تفسير الدستور.

أبو فاعور
وإثر الجلسة أعلن وزير الإعلام بالوكالة وائل أبو فاعور أن رئيس الجمهورية ميشال سليمان قال خلال جلسة الحكومة أن كل قادة الأجهزة الأمنية أكدوا أن لا تضييق على الإعلام، مشيراً إلى أن سليمان لفت إلى أن "ما جرى مع إحدى المؤسسات الإعلامية لا يعدو كونه حادثاً بسيطاً. كما أكد الرئيس أن "الخروقات على بعض المناطق على الحدود توقفت وما حصل لم يكن بشكل متعمد وجرت اتصالات بين لبنان وسورية لوقفها".
وأعلن أبو فاعور، أن رئيس الجمهورية "أكد أن لا مخطوفين سوريين في لبنان، وتعليماتي كانت واضحة بشأن مسؤولية الدولة عن حماية كل الناس مع التأكيد الدائم على عدم ممارسة أي نشاط في لبنان. أما قضية اختفاء الأخوة جاسم وشبلي العيسمي فهي بيد القضاء".
ولفت أبو فاعور إلى أن "رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أعطى توجيهاته للهيئة العليا للإغاثة لتأمين متطلبات اللاجئين السوريين في لبنان". وأشار إلى أن "ميقاتي أكد على مداخلة سليمان ودعا الى مقاربة الموضوع الاقتصادي من كل القوى بمسؤولية وطنية عالية".
وأوضح أبو فاعور انه "جرى عرض كتاب رئاسة الجمهورية المتعلق بتعديل مادتين لفصل النيابة عن الوزارة وحصل نقاش موسع واتفق جميع الوزراء على مبدأ الفصل بين الوزارة والنيابة، لكن كان هناك تباين حول مبدأ النائب الرديف إضافة إلى نقاش حول شمول رئيس الحكومة بهذا الفصل".
ولفت إلى أنه "اتفق على نص التعديل الدستوري لمشروع قانون يرمي إلى تعديل المادتين 28 و41 من الدستور وهو ينص على أنه لا يجوز الجمع بين النيابة والوزارة ويعتبر مستقيلاً من المجلس النيابي النائب الذي يعين وزيراً فور نيل الحكومة الثقة، ولا تشمل أحكام هذه المادة منصب رئيس الحكومة، وتسري أحكام المادة عند تشكيل أول حكومة، كما يلغى نص المادة 41، وإذا خلا منصب في المجلس النيابي ينتخب عضو جديد خلال شهرين، ويعتمد النظام الرديف في قانون الانتخابات النيابية الجديد، كما يحل النائب الرديف محل الأصيل عند فراغ منصب الأصيل".
 "همروجة" جلسة المحكمة الدولية!
وكانت المحكمة الدولية قد عقدت جلسة علنية أمس تناولت فيها القضايا المتصلة بالمحاكمات الغيابية. وقد طرحت علامات استفهام حول ما قدمه ممثل المدعي في المحكمة الدولية من طلب للاستماع إلى القاضي ميرزا حول الإجراءات التي اتخذت لتبليغ المتهمين، الأمر الذي اعتبر تدخلاً في عمل القضاء اللبناني وتشكيكاً بالدور الذي يقوم به. وحاول ممثل المحكمة إشاعة أجواء حول عدم قيام الأجهزة القضائية والأمنية بالخطوات المطلوبة لتبليغ المتهمين، داعياً إلى ما اعتبره "إتمام كل خطوات التبليغ قبل المحاكمة الغيابية".
وقد طلب مكتب الدفاع في المحكمة "إلغاء مذكرات التوقيف الصادرة بحق المتهمين الأربعة". وسأل مدير "مكتب فرنسوا رو" "إن كانت المحكمة قد اتخذت كل الخطوات للسماح للمتهمين بتلقي التبلغ بالتهم الموجهة إليهم والسماح لهم بالمثول أحراراً أمام المحكمة".
وقد تحولت الجلسة إلى جلسة سرية حيث تحفظ مكتب الدفاع على طلب مكتب المدعي العام دانيال بلمار تحويلها إلى جلسة مغلقة.
ومما يذكر أن حصول محاكمات غيابية يعتبر تجاوزاً لأصول قيام المحاكم الدولية حيث لأول مرة تلجأ محكمة دولية إلى إجراء محاكمات غيابية.

الاجتماع الوزاري العربي اليوم
أما على صعيد الوضع في سورية، فمن المقرر أن يعقد اليوم مجلس وزراء الخارجية العرب اجتماعاً في القاهرة لبحث الوضع في سورية في ضوء ما حصل على صعيد تنفيذ المبادرة العربية.
وعشية اللقاء عقدت اللجنة الوزارية العربية المعنية اجتماعاً لها مساء أمس في القاهرة أجرت فيه تقويماً للموقف بعد أسبوعين من الاتفاق على المبادرة العربية. كما عقد اجتماع أمس على مستوى المندوبين في مقر الجامعة العربية تحضيراً لاجتماع اليوم.

المذكرة السورية
وقد قدم أمس سفير سورية في الجامعة العربية يوسف أحمد مذكرة رسمية إلى الأمانة العامة للجامعة تتضمن ترحيب سورية وتعاونها التام مع زيارة بعثة من الجامعة العربية.
وأكد السفير أحمد أن سورية ملتزمة بخطة العمل العربية التي أقرها مجلس الجامعة بتاريخ 2 ـ 11 ـ 2011 وهي جادة في تنفيذ بنود الخطة وقد قامت فعلاً بتنفيذ معظمها، معتبراً أن زيارة بعثة جامعة الدول العربية إلى سورية ستسهم في الوقوف على حقيقة التزام سورية بالخطة وفي الكشف عن دوافع وأجندات بعض الأطراف الداخلية والخارجية التي تسعى إلى إفشال خطة العمل العربية.
وفي تصريح لوكالة "سانا" أشار السفير أحمد إلى أن سورية كانت قد دعت جامعة الدول العربية منذ قرابة الشهر للتواجد على الأرض والاطلاع على حقيقة الأوضاع بعيداً من عمليات التحريض السياسي والتزوير الإعلامي التي ما زال العديد من الجهات الخارجية يمارسها ضد سورية، وذلك بهدف تأجيج الأوضاع داخلها وتحريض بعض جهات المعارضة في الخارج والمجموعات الإرهابية المسلحة في الداخل على عدم التجاوب مع جهود ومبادرات التهدئة وعلى رفض الحوار الوطني وذلك في عملية تنسيق واضحة مع تلك الجهات الخارجية لاستدعاء خيار التدخل التخريبي السافر لبعض القوى الدولية في الشأن السوري الداخلي.

مصادر دبلوماسية
وعشية الاجتماع العربي في القاهرة أبدت مصادر دبلوماسية خشيتها من أن محاولات تجري بضغوط أميركية وغربية لتحريف الاتجاهات المطلوبة للاجتماع بما يتوافق مع المسعى الأميركي ـ الغربي لتعطيل المبادرة العربية. وسألت المصادر عما إذا كان الاجتماع سيتعاطى بإيجابية مع الرغبة السورية الصادقة بإنجاح الحل العربي، خصوصاً أن دمشق نفذت معظم بنود هذا الحل، بينما يسعى ما يسمى "معارضة الخارج" إلى استمرار أعمال العنف والقتل، وفي الوقت نفسه تحوير عمل الاجتماع باتجاه سلبي وهو ما ظهر في عنوان الدعوة الى "التظاهر" الصادر عن هذه المعارضة المزعومة والذي دعت فيه ـ العنوان ـ إلى تجميد عضوية سورية في الجامعة العربية".
لكن المصادر لاحظت أن هناك صعوبات كبيرة أمام بعض الذين يتناغمون مع "مجلس اسطنبول"، خصوصاً أن أكثرية الدول العربية ترفض تجميد عضوية سورية أو تدويل الأزمة في سورية كما يرغب حلفاء أميركا في "معارضة الخارج" ومن معهم عربياً. 

السابق
الحياة: الادعاء الدولي يطلب الاستماع إلى ميرزا والدفاع يطلب تعليق مذكرات التوقيف
التالي
فيلتمان المحرض !!