الاخبار: خلوة الكنيسة: تصحيح الموازنة وقرار الأجور

تلاقت خلوة الكنَيسة ومحاضرة موسكو عن تكامل الإصلاح والمقاومة مع التأكيد على الشراكة وتنوع ألوان الطيف الحكومي، وجمعت بكركي والبلمند هواجس الخوف من الآتي، أما معراب، فتريد استقالة الحكومة «الآن الآن وليس غدا»
لم تقفل أبواب دير مار الياس في الكنَيسة، على رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ووزراء التكتل ونوابه وحسب، لعقد خلوتهم التشريعية والتنظيمية، بل شاركهم أيضاً رهبان الدير الأنطوني، في افتتاح الخلوة بصلاة شكر، وتشاركوا معهم الغداء. أما «أطباق» الخلوة نفسها التي تنوعت محاورها، فتساعدوا على طبخها مع المستشارين وخبراء اقتصاديين وممثلين عن الهيئات الاقتصادية والعمال والمعلمين، ومنهم رئيس جمعية الصناعيين نعمة إفرام، ورئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن، والأمين العام لجمعية المصارف مكرم صادر، ورئيس رابطة الأساتذة الثانويين الرسميين حنا غريب.

افتتح عون الخلوة بمداخلة تناول فيها المحاور المطروحة على المجتمعين، بدءاً من الموازنة، التي رأى في وضعها «كأن هناك عناداً وإصراراً على الاستمرار في الخطأ». وقال إن الاقتصاد الريعي منذ عام 1991 «قتل الإنتاج وحوّل لبنان إلى سوق استهلاكية، فتراكمت علينا الديون»، منتقداً ما سماه «الفوضى» في إقرار زيادة الأجور الأخيرة. ونفى أن تكون الحكومة من لون واحد فـ«فيها مجموعات عدة تختلف أولويات كل واحدة منها عن الأخرى. أولوياتنا نحن هي الإصلاح ومحاربة الفساد، أولوية غيرنا هي المقاومة. ونحن من الذين يعتقدون بأنه لا توجد مقاومة من دون إصلاح، ولا إصلاح من دون مقاومة، لأنهما يتكاملان. وإذا اعتقد أحدهم بأنهما لا يتكاملان، فهو مخطئ. لأنه إن كان هناك مجتمع فاسد وحكم فاسد، فلا يمكن أن تستمر مقاومة. وإذا غابت المقاومة وحل محلها الاستسلام، فعندها بإمكان أيّ كان أن يحكم ويتحكم في البلد. وحتى لا نعيش في هذا الخلاف الدائم، يجب أن نعلنه لنتمكن من الخروج منه. لا يمكننا فقط اعتماد موقف سياسي مؤات حتى نقول إن البلد ماشي». 
أما توصيات الخلوة، التي تلاها أمين سر التكتل النائب ابراهيم كنعان، فتناولت هذه المحاور، وزادت عليها، مشددة على دور مجلس النواب والعمل الحكومي، والتركيز على المسائل الإصلاحية، عبر تقديم مشاريع القوانين والاقتراحات اللازمة، ومنها وضع قانوني برنامج لتنفيذ خطة الكهرباء بكاملها، وآخر للسدود والبحيرات الجبلية، مع التوقف مطولاً عند مشروع قانون موازنة عام 2012، حيث سجل المجتمعون 14 ملاحظة رئيسية، بعضها معروف، كشمولية الموازنة وسنويتها وافتقادها سياسات قطاعية محددة، وأخرى جديدة، ومنها رفض: تلزيم شركة خاصة أعمال التدقيق في الحسابات، وعدم إنجاز هذه الحسابات في المهل المحددة، النظام الضريبي الحالي الخالي من الضرائب على الريوع، والإجازة للحكومة بثلاثة سقوف للاقتراض. وأوصوا بتصويب المشروع على أساس توصيات لجنة المال والموازنة، وبتخصيص اعتمادات لبرامج خاصة لتسليح الجيش، ولإقفال ملفي المهجرين وتعويضات الاستملاك المتراكمة، وبإلغاء تكليف شركة التدقيق الخاصة. وبإعادة الصندوق البلدي المستقل إلى وزارة الداخلية والبلديات وتوزيع الأموال المتراكمة.

كذلك طالبوا بوضع خطة متوازنة طويلة الأمد لإنماء القطاعات الإنتاجية وتطويرها. وأوصوا في موضوع زيادة الأجور باعتماد المبادئ المقترحة من وزير العمل شربل نحاس «على أن تدرس الآثار الجانبية التي يمكن أن تنتج عنها». وقرروا «تكوين قوة دفع ضاغطة» لتحريك ما لا يزال عالقاً من التشريعات والمشاريع المقدمة من التكتل. ودعوا إلى تحقيق استقلالية القضاء، وتطوير السياحة. وقرروا أخيراً اعتماد آليات ووسائل تطوير عمل التكتل برلمانياً وحكومياً وشعبياً، وتأليف لجان للدرس والإعداد، وأخرى للمتابعة.

وسرعان ما رد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، على عون، بأن الحكومة «هي حكومة اللون السياسي الواحد مع الحصص المختلفة، وأول اهتماماتها هو الاستراتيجية الكبرى في الشرق الأوسط، لا المواطن اللبناني». ورأى أن هذه الحكومة بعد الجلسة الأخيرة «تبين أنها لم تعد تتمتع بمقومات الحكومة»، ودعاها إلى «الاستقالة اليوم قبل الغد رأفة بلبنان، وبسمعة الدولة اللبنانية، وبسمعة الأشخاص الموجودين فيها».

في هذا الوقت، كان النائب محمد رعد يؤكد على الشراكة، في محاضرة ألقاها في جامعة الصداقة الروسية في موسكو، من خلال قوله إن صون السلم الأهلي والاستقرار وبناء الدولة القادرة المتوازنة يحتاج إلى جهود كل القوى وتقارب الرؤى والبرامج «والكف عن الرهانات الخاطئة في الاعتماد على القوى الدولية والإقليمية». وأعلن أن المقاومة «لا تتوهم أبداً أنها قادرة على حكم البلاد بمفردها حتى وإن كانت في موقع السلطة، فهي لن تكون إلا شريكاً للآخرين من اللبنانيين، الذين تتبادل معهم وجهات النظر وتخلص بالشراكة معهم إلى تقرير ما يحقق مصلحة البلاد»، مؤكداً أنها «تلتزم الاحترام الكامل لكل الآخرين حتى لو اختلفوا معها في بعض النقاط، وترفض منطق الإلغاء والإقصاء والتهميش، ومن حقها على الآخرين في لبنان أن يبادلوها المنطق نفسه». وشدد على أهمية دور روسيا في استعادة التوازن إلى القرارات الدولية، متحدثاً عن دور المقاومات في العراق وفلسطين ولبنان «في فتح مسار التوازن الدولي في المنطقة»، مردفاً «ولا نبالغ إذا قلنا إن استنزاف الموارد الأطلسية في معركة التحرر من الاحتلال والهيمنة، يربك قدرات الحلف الأطلسي على التوسع في اتجاه محاصرة الاتحاد الروسي ومصالحه الحيوية». ورأى أن «قرار نصب منصات للدرع الصاروخي الأطلسي في تركيا أخيراً، هو رد فعل متهور على تنامي فعل المقاومة والممانعة النشطة في المنطقة».

ومن نيويورك، حدد البطريرك الماروني بشارة الراعي، شروط ما «يسمونها الربيع العربي»، بحصول الشعوب على مطالبها وحقوقها، وتنفيذ كل الإصلاحات، وأن يكون ذلك نتيجة للحوار لا للصراع والحروب الأهلية، وبعيداً عن كل التدخلات الخارجية، وقال: «لا يكون ربيعاً عربياً إذا استمر العنف واستمرت الحرب، لأنها تحصد أبرياء كثيرين، ويدفع الثمن عادة من هم أقليات، ولن يكون ربيعاً عربياً إذا مات واحد من أبناء هذه الأمة، ولن يكون ربيعاً عربياً إذا وصلنا إلى حروب أهلية أو دينية أو طائفية».

وقد حصل الراعي أمس على تأييد بطريرك الروم الأرثوذكس اغناطيوس الرابع هزيم، لهواجسه من «وصول الحكم في دمشق إلى حكم سلفي»، وقال «إننا نعبر عن الأمر ذاته، لكن بطريقتين مختلفتين»، إلّا أنه شكك في «نشوب حرب أهلية في سوريا»، وتمنى «ألا يتأثر لبنان بما سيحدث في سوريا».
ووسط كل ذلك، طارت مديرة مكتب مصر والمشرق في وزارة الخارجية الأميركية ليزا كارل، من واشنطن، وحطت أمس في منطقة المصيطبة، حيث التقت النائب تمام سلام، وعرضت معه التطورات «محلياً وإقليمياً»! 

السابق
حزب الله يتكيف مع جنبلاط
التالي
بطء الانترنت !!