فرحة تحرير الأسـرى في مخيمات برج البراجنـة وشاتيـلا

تنطلق الأسهم النارية من أرض مخيم برج البراجنة، لتملأ فضاء لبنان فرحاً بالمرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى بين «حركة حماس» وإسرائيل. ومن المخيم، تصدح صرخة واحدة موجّهة إلى الأسرى المحررين، بلكنة فلسطينية: «عم نبكي كرمالهن، منتمنى نكون معاهن…». في البرج، جمعت «حماس» جميع القوى الفلسطينية في احتفال مركزي دعت إليه للمناسبة، ليوحّدهم جميعاً، فشبكوا الأيادي «لأن عودة الأسرى اليوم هي عيد وطني بالنسبة لنا».

رايات فلسطينية وأعلام القوى والفصائل، ترفرف عند مدخل المخيم. النساء يطلقن الزغاريد ابتهاجاً، بينما يتعاون مع الرجال على توزيع الحلوى على المارة. أما الأطفال فهتفوا «الحرية لباقي الأسرى»، وكسروا قيداً خشبياً رمزياً، تجسيداً لمشهد إطلاق سراح الأسرى من داخل السجون الإسرائيلية. يتقن الجميع معادلة الصفقة: إطلاق سراح ألف أسير وسبعة وعشرين أسيرة على مرحلتين، في مقابل الإفراج عن الجندي الإسرائيلي السجين في قطاع غزة جلعاد شاليت.

ولكل من الفصائل الفلسطينية، أسرى محررون تحتفل بهم، ولو أن حصة الأسد تعود لـ«حماس». فحركة «فتح» احتفلت بإطلاق سراح «عميد أسراها» نائل البرغوتي، الذي اعتقل منذ العام 1978، كذلك الأمر مع «الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين» و«الجهاد الإسلامي» و«القيادة العامة» و«لجان المقاومة الشعبية»، كما «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين» التي احتفلت بإطلاق عدد من أسراها، وفي قلب أفرادها غصة كبيرة بسبب تدهور صحة قائدها الأسير أحمد سعدات الذي يضرب عن الطعام منذ ثلاثة أسابيع.
 هاد الفصعون؟!

اختار بعض سكان المخيم التسمّر أمام الشاشة الصغيرة داخل منازلهم، لمتابعة أحداث تبادل الأسرى، فراحوا يحتفلون بإطلاق كل أسير، بغض النظر عن انتمائه السياسي: «كلهن أولادنا وأخواتنا وحبابنا»، تقول أميرة التي تتمنى لو تشارك أهالي الأسرى فرحتهم التاريخية. وتعتبر أميرة صفقة التبادل «فاتحة العودة الى فلسطين المحتلة». ويرى جمال أن «الفرحة الحقيقية ستُتوّج بإطلاق سراح ما تبقى من الأسرى الفلسطينيين ويبلغ عددهم حوالى ثمانية آلاف». تقاطعه ابنته بسؤال: «بابا مين هالولد؟»، يضحك الوالد مجيباً: «هاد شاليت اللي كانت آسريتو حماس». فتعبّر الابنة عن صدمتها كرد فعل أول على إجابة الوالد: «معقول هاد الفصعون مقابل ألف أسير؟!». استمرّ الاحتفال من العاشرة صباحاً حتى الثانية عشرة ظهراً. ووجّه خلاله المسؤول السياسي لحركة «حماس» في بيروت رأفت مرة «تحية باسم الشعب الفلسطيني وجميع القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان إلى الأسرى الذين جسدوا هذا العرس الفلسطيني الكبير». وقال: «نحن اليوم كسرنا إرادة الجيش الإسرائيلي وكل الخطوط الحمر، هو يوم للحرية

والمقاومة والصمود الفلسطيني». وأكّد مرّة أنه «لن يهدأ لنا بال حتى يتمّ الإفراج عن جميع الأسرى ونعود إلى أرضنا التي هجرنا منها». بدورها، وزّعت «فتح الانتفاضة» بياناً لفتت فيه الى أن «إتمام الصفقة انجاز وطني هام، يستحق كل التقدير ويُضاف إلى سلسلة الانجازات التاريخية التي حققتها الثورة الفلسطينية». وثمّنت فتح «دور حركة حماس وجناحها العسكري كتائب القسّام وجميع الفصائل التي شاركت في هذه العملية»، كما أشادت بدور «جمهورية مصر العربية على مدار المرحلة السـابقة، والــذي ساهم بشكل فعال في رعاية وإنجاز هذه الصفقة». كما أصدرت «رابطة البرلمانيين الدولية لنصرة فلسطين» بيانا حيّت فيه الحدث، ودعت «إلى المزيد من الجهاد والمقاومة لاستعادة كل الأسرى الفلسطينيين وإعادتهم إلى عوائلهم وأولادهم الذين ما زالوا ينتظرونهم منذ سنوات». وفي مخيم « شاتيلا»، انطلقت مسيرة شعبية شاركت فيها جميع القوى والفصائل، بالإضافة إلى عدد كبير من سكان المخيم، وانطلقت من مدخل المخيم من جهة صبرا. وتخلّل المسيرة رفع الأعلام الفلسطينية ولافتات كٌتب عليها: «بالمقاومة… كسرنا قيد الجلاّد». وتحدث فيها كل من مرّة، ورئيس رابطة علماء فلسطين الشيخ بسام كايد. 

السابق
صفقة شاليط والعجز الإسرائيلي
التالي
ماستر التنمية الريفية والبيئة في كلية الزراعة