النهار: الحكومة تواجه فوضى قرار الأجور بتثبيته وانقسام نقابي والهيئات الاقتصادية ترفض الالتزام

على رغم الفوضى غير المسبوقة على الصعد العمالية والنقابية والاقتصادية وحتى الوظيفية التي أثارها أمس قرار زيادة الاجور المبتور وشهدت بسببه البلاد بلبلة واسعة، بدا قرار مجلس الوزراء مساء بتثبيت هذا الاجراء بمثابة معالجة مكابرة لقرار متسرع، ذلك ان القرار الذي اتخذ تحت وطأة الضغط ليل الثلثاء جرى تثبيته مساء الاربعاء بعامل الخوف من التراجع والتنازل تداركا لمزيد من الضغوط المتنوعة.
وإذ بدا واضحا ان قوى الاكثرية غرقت في معظمها في حفرة اختبار سيئ رتبه هذا القرار بمضاعفاته وتداعياته الفوضوية الواسعة على صورة الحكومة، لم تكن حال الحركة النقابية أقل سوءا مع الانقسام العميق الذي برز أمس في الاضراب الواسع الذي نفذه القطاع التربوي والتعليمي "عاصيا" ومستقلا عن الاتحاد العمالي العام. كما ان عاملا آخر زاد تفاقم التداعيات وتمثل في رفض الهيئات الاقتصادية قرار زيادة الاجور واتجاهها الى الطعن فيه، الامر الذي يبقي الملف مفتوحا على الغارب على مزيد من الارباكات والتعقيدات.

وفي تحد مزدوج للقرار الحكومي ولقرار الاتحاد العمالي العام تعليق اضرابه، عمَّ الاضراب التربوي والتعليمي معظم مدارس لبنان الخاصة والرسمية وسط بلبلة واسعة، فيما قررت هيئة التنسيق النقابية تنفيذ اضراب شامل الاربعاء المقبل 19 تشرين الاول وتنفيذ اعتصام امام السرايا رفضا "للقرار المذل والتخريبي" الذي يؤدي الى فرز حاد بين الموظفين وضرب للمعايير والتراتبية الوظيفية والاقدمية"، كما جاء في بيانها.
ولم تقف التداعيات عند هذه الحدود، اذ إن مشكلة الشطر الثالث من الاجور التي استثنيت من الزيادة ظلت عالقة بين الحكومة والاتحاد العمالي العام نفسه الذي تحفظ عن هذه النقطة، مع العلم أن القرار يلحظ زيادة 200 الف ليرة على الشطر الاول للراتب حتى مليون ليرة و300 الف على الشطر الثاني حتى مليون و800 الف ليرة، ويحرم ذوي الدخل ما فوق هذا السقف أي زيادة.
أما موقف الهيئات الاقتصادية، فجاء رافضا لمجمل القرار باعتبار أنه "لا يرتكز على المعايير العلمية والمنطقية ولم يراع الرقم الصادر عن ادارة الاحصاء المركزي في ما يتعلق بالنسبة التراكمية للتضخم (…) كما يخالف قانون العمل والاتفاقات الدولية التي تحصر حق الدولة بالزيادة في الحد الادنى للأجور فقط". ودعت "كل المؤسسات في القطاع الخاص الى عدم تطبيق القرار ريثما يعاد النظر فيه او يجري بت المراجعة التي ستتقدم بها الهيئات الى مجلس شورى الدولة للطعن في القرار". 
وعلى رغم احتدام النقاش في جلسة مجلس الوزراء مساء أمس في قصر بعبدا في شأن الملابسات التي واكبت تفويض قرار زيادة الاجور الى رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي، قرر مجلس الوزراء تحصين القرار و"الموافقة على الزيادات وملحقاتها المقترحة من رئيس مجلس الوزراء استنادا الى التفويض المعطى له في جلسة مجلس الوزراء (اول من) أمس".
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان الزيادة ستأخذ طريقها الى التنفيذ من دون أي تعديل فور صدور المرسوم انما فقط في القطاع الخاص، اما الزيادة في القطاع العام فقد بدأت وزارة المال بدرسها لاعداد مشروع قانون لجدولتها بحيث تأتي مشابهة للزيادة في القطاع الخاص مع فارق انها لن تكون محددة بسقف راتب المليون والـ800 الف ليرة. واكد وزير المال محمد الصفدي ان التراتبية الوظيفية ستؤخذ في الاعتبار.
وقالت المصادر ان "ما كتب قد كتب" وليس ثمة امكان لفرض المزيد على القطاع الخاص، بالنسبة الى الشطر الثالث المتعلق بالراتب ما فوق المليون والـ800 الف ليرة.

وعلم ان وزراء "تكتل التغيير والاصلاح" كرروا في الجلسة اعتراضهم على صيغة القرار وطريقة صدوره وحصل جدل قانوني ودستوري في شأن عملية تفويض رئيس مجلس الوزراء ورد وزير الاشغال غازي العريضي وسانده الوزير علي حسن خليل على مداخلات هؤلاء وفي مقدمهم وزير العمل بان الرئيس ميقاتي يمكنه ان يقرر وانه فوّض اليه اتخاذ القرار المناسب. غير ان وزراء "التكتل" اعتبروا ان القرار مجتزأ وغير مدروس ويشكل خللا في التراتيبية الوظيفية.
وفيما تردد ان وزير العمل قد لا يوقع المرسوم، نفى الوزير نحاس ذلك وقال انه سيعد المرسوم وقد جرى "تأكيد المواقف الاعتراضية في مجلس الوزراء".

"قبل نهاية الشهر"
وسط هذه الاجواء برز تطور جديد في ملف تمويل المحكمة الخاصة بلبنان. اذ توقع رئيس قلم المحكمة هيرمان فون هايبل ان تدفع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي حصة لبنان من موازنة المحكمة "قبل نهاية الشهر الجاري".
وافاد مراسل "النهار" في نيويورك علي بردى ان فون هايبل اوضح في لقاء عقده أمس مع عدد من الصحافيين خلال زيارته لنيويورك ان "لدى لبنان 30 يوما ليدفع حصته" البالغة اكثر من 32 مليون دولار من اصل 65 مليون دولار لموازنة المحكمة خلال السنة الجارية. وتوقع "بشدة" ان يدفع لبنان هذا المبلغ "قبل نهاية الشهر الجاري".

وعن اتهامات "حزب الله" للمحكمة بأنها اميركية واسرائيلية. قال: "لو كانت هذه المحكمة اميركية واسرائيلية لا افهم لماذا هناك اكثر من 25 بلدا من القارات الخمس تدفع لهذه المحكمة (…) الا ينبغي ان تدفع الولايات المتحدة واسرائيل وحدهما لها؟". واذ توقع ان يصدر المدعي العام القاضي دانيال بلمار قرارات اتهامية اضافية في نهاية السنة الجارية أو مطلع السنة المقبلة في قضايا الوزيرين السابقين مروان حماده والياس المر والامين العام السابق للحزب الشيوعي جورج حاوي، اكد ان تمديد الاتفاق بين الامم المتحدة ولبنان الذي تنتهي صلاحيته في آذار 2012 هو "شأن الامين العام للامم المتحدة بان كي – مون من دون اي طرف آخر".  

السابق
الحياة: زيادة الأجور لا ترضي العمال ولا أصحاب العمل
التالي
ما وراء أحداث ماسبيرو