اللواء: تجدُّد المشادات داخل الجلسة ··· والهيئات الإقتصادية على رفضها

أعلن مجلس الوزراء رسمياً، امس، الموافقة على قرار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي المتعلق بالزيادات على الاجور وملحقاتها، والمبني على التفويض المعطى له من مجلس الوزراء، قبل ساعات من اعلان القرار، على ان يصار الى اصدار مرسوم تصحيح الاجور في القطاع الخاص، مع مرسوم تعديل النقل برفعه الى عشرة آلاف ليرة عن كل يوم عمل فعلي، واعطاء الوقت الكافي لوزارة المال لاعداد مشروع قانون تصحيح الرواتب والسلاسل في القطاع العام والذي يشمل الاسلاك الادارية والتعليمية والعسكرية، بعد صدور سلسلة رواتب القضاة بقانون خاص·
وتأتي هذه المحصلة بعد تطورات ثلاثة:

1- اعلان الهيئات الاقتصادية على لسان الوزير السابق عدنان القصار رفضها القاطع للالتزام بمرسوم تصحيح الاجور وتلويحها بابطاله امام مجلس شورى الدولة، على الرغم من تأكيد مرجع بارز في القضاء الاداري ان مثل هذه المراجعة أو الطعن، لا جدوى منها، قياساً علي ما حصل عام 2008·

2- تفرد هيئة التنسيق النقابية التي تضم ممثلي المعلمين في القطاع الثانوي والمتوسط والابتدائي في القطاعين الرسمي والخاص، اضافة الى موظفي الادارة واساتذة الجامعة اللبنانية، بالاشتراك مع الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين، بمعارضة قرار الاتحاد العمالي بتعليق الاضراب، واعتبروا ان الزيادة اهانة ضاربين يوم الاربعاء المقبل موعداً جديداً للاضراب والاعتصام، بعد يوم طويل من البلبلة لدى اساتذة واولياء الطلاب في عدد من المدارس الرسمية والخاصة·

3- عدم توصل الاجتماع بين اساتذة الجامعة والرئيس ميقاتي الى اية نتيجة تسمح بتعليق الاضراب، نظراً للتباينات في العروض التي قدمت اليهم من قبل رئيس الحكومة، والتي تضمنت موافقة على السلسلة ضمن بندين: تجزئة التنفيذ والاستكمال على مراحل، على ان تبدأ بالاستجابة كمرحلة اولى ما بين 50 و60 في المئة، الامر الذي رفضه رئيس الهيئة التنفيذية الدكتور شربل كفوري وعدد من الاساتذة الذين كانوا مشاركين، باعتبار انهم <لا يشترون سمكاً في البحر>، كما ابلغ احدهم <اللواء> ليل امس·

وكانت جلسة مجلس الوزراء وقعت تحت تأثير ترويكا رئاسية دعمت قرار زيادة الاجور فيما كانت تصريحات وزراء التكتل العوني وحركة <امل> و<حزب الله>، تحاول الايحاء بغير هذه الاجواء قبل الدخول الى الجلسة، في حين اكتفى الوزراء الاشتراكيون <بقضم اعتراضهم وبلع ريقهم>، حيث اعلن الوزير حسين الحاج حسن قبل الجلسة ان الامور سائرة الى تشكيل لجنة تضمه الى الوزير شربل نحاس والوزير فريج صابونجيان والوزير نقولا نحاس لاعادة النظر بملف الاجور رقمياً، وبالنسبة لسائر الموظفين لا سيما الذين تجاوز رواتبهم المليون و800 ألف ليرة، لكن اتصالات جرت مع الوزير علي حسن خليل، ولاحقاً مع الوزير محمّد فنيش ألغت هذا الافتراض· واتفقت الاتصالات على السير بالزيادة، كما تمّ التفاهم عليها بين الرئيسين نبيه برّي وميقاتي، لئلا تتعرض سمعة الحكومة لاهتزاز ويجعلها بحكم العاجزة أو الساقطة، وهو الأمر الذي يخدم مصالح الأقلية النيابية التي تسعى الى إظهار الحكومة عاجزة وغير قادرة على الاضطلاع بأي مسؤولية على حدّ تعبير نائب بارز شارك في لقاء الأربعاء النيابي، حيث أكّد الرئيس بري وقوفه إلى جانب قرارات زيادة الأجور والنقل والمنح المدرسية، مشيراً إلى أن اتفاقه مع الرئيس ميقاتي يشمل أيضاً تحديد مؤشر الغلاء سنوياً من الان وصاعداً، وتشكيل المجلس الاقتصادي – الاجتماعي بصورة عاجلة·

ودعا برّي النواب إلى عقد جلسة عامة قبل ظهر الثلاثاء المقبل 18 الحالي لانتخاب أمين سر وثلاثة مفوضين ولانتخاب أعضاء اللجان ورؤسائها ومقرريها، علماً ان خارطة اللجان ستحافظ على وضعيتها السياسية الحالية، وأن التغيير الوحيد الذي سيطرأ يشمل فقط ملء الشغور بسبب التوزير من الكتل نفسها·
 
مجلس الوزراء وفي ضوء حرص الرئيس برّي على نفي التباين بينه وبين الرئيس ميقاتي، حمل وزراء التيار العوني معهم اعتراضهم على القرار ومضمونه وصيغته كا اذيعت في أعقاب جلسة مجلس الوزراء في السراي، امس الأوّل، معتبرين أن ليس هناك من قرار، ولا من تفويض لرئيس الحكومة، لكنهم قوبلوا باعتراض جماعي في وجههم من جميع الوزراء الآخرين، وفي مقدمهم وزراء جبهة النضال و?<امل> و?<حزب الله>، ولم يخل الأمر من مشادات، لا سيما بين الرئيس ميقاتي والوزير شربل نحاس، شارك في جانب منها الوزير خليل، وتدخل الرئيس ميشال سليمان لتصويب النقاش، وأعيد التأكيد على قرار السراي، وعلى التفويض المعطى للرئيس ميقاتي التفاوض مع الهيئات الاقتصادية، أو تعديل نسبة الزيادة، وترك للهيئات الاقتصادية ان تحدد الزيادة التي ترتأيها، وبحسب قدرتها على الرواتب التي تفوق المليون و800 ألف ليرة·

كذلك، اعيد التأكيد على ضرورة تفعيل اللجنة الوزارية المختصة بالشأن الاجتماعي، لتكون أي زيادات في المستقبل مدروسة أكثر، ولمراعاة ومعالجة أوضاع كل المواطنين صحياً وسكنياً ومعيشياً، مع التأكيد أيضاً على ضرورة مراقبة الأسعار·

وفهم أن الزيادات التي أقرّت تشمل فقط القطاع الخاص، وسوف يعد وزير العمل شربل نحاس المرسوم بالرغم من اعتراضه عليه، اما الزيادات للقطاع العام، فان وزير المالية سيعد مشروع قانون في شأنه، وهو سيأتي بمرسوم زيادات القطاع الخاص مع مراعاة وضع من راتبهم يفوق المليون و800 ألف ليرة·

وكان وضع هؤلاء قد شكّل ثغرة في القرار الحكومي، إلا أن الأجواء التي نقلت الى مجلس الوزراء عن اعتراض الهيئات الاقتصادية عليها، وعدم جواز فرض الدولة عليهم ما يتجاوز تحديد الحد الأدنى للأجور دفع باتجاه التغاضي عن إصلاح هذه الثغرة في المرسوم وترك أمر التفاوض حولها لرئيس الحكومة مع الهيئات الاقتصادية·

وبحسب معلومات وزارية، فإن مجلس الوزراء لم يبحث أمس سوى في هذا الملف، إضافة الى ملف السجون، ولم ينجز سوى جدول أعماله السابق ولم يصل إلى جدول أعمال جلسة الأمس·

وكان وزير الطاقة جبران باسيل حمل معه ملفين: واحد حول التنقيب عن النفط والغاز، وآخر عن خسارة بـ 48 مليون دولار على الدولة لشركتي الهاتف الخليوي السابقتين، وكان يريد إثارة فضيحة في الأمر، لكن البحث لم يصل لا إلى بند التنقيب عن النفط ولا إلى بند الخليوي المدرج على جدول الأعمال·

إلى ذلك، أجاز المجلس الموافقة على مشروع قانون بإصدار سندات خزينة بالعملات الأجنبية أو بالعملة الوطنية لتسديد الديون المترتبة على الدولة إلى المستشفيات، وتعيين العميد روبير جبور مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي بالوكالة، وذلك عند غياب المدير العام الأصيل·

وأكد الرئيس ميشال سليمان الذي ترأس الجلسة في قصر بعبدا، بأن معالجة مسألة الأجور تمّت وفق اقتناعاتنا وليس تحت ضغط المطالب، وأنه من الأنسب وضع أسس لموضوع غلاء المعيشة وتصحيح الأجور بحيث تقرّ سنوياً بشكل منتظم وعلمي، دون أي عائق أكان للحكومة أو للهيئات الاقتصادية أو اتحاد نقابات العمال، داعياً الى وجوب تطوير هيكلية مصلحة حماية المستهلك وتفعيلها·

أما الرئيس ميقاتي، فأكد أن قرارات تصحيح الأجور خطوة ضرورية لمعالجة الشأن الاجتماعي، مشيراً إلى أن هذه القرارات ستتزامن مع سلسلة اجراءات وتدابير لضبط الوضع المعيشي ومنع الغلاء·

الى ذلك، كشف رئيس الاتحاد العمالي العام غسان غصن أن وفداً من الاتحاد سيلتقي ظهر اليوم الرئيس ميقاتي في السراي لاستكمال البحث في عدم الزيادة على الرواتب التي تفوق المليون و800 ألف، وانعكاس هذا القرار على الموظفين، في حين أكد مصدر قضائي أنه لا يحق للهيئات الاقتصادية الامتناع عن تنفيذ قرار مجلس الوزراء، أو الطعن به أمام مجلس الشورى، وهي ملزمة بالدفع بانتظار القرار الأولي لمجلس الشورى والذي سيصدر بعد 15 يوماً من تاريخ الطعن، متوقعا ان يرد مجلس الشورى الطعن، خصوصا وان سوابق كثيرة سجلت في مجلس الوزراء كان آخرها عام 2008 التي التزمت بتنفيذه الهيئات الاقتصادية في وقته·

عشاء جنبلاط في مجال آخر، اكد عضو <اللقاء الديمقراطي> السابق فؤاد السعد لـ <اللواء> المعلومات التي تحدثت عن العشاء الذي اقامه النائب وليد جنبلاط لحلفائه السابقين في <اللقاء الديمقراطي>، مشيرا الى ان الجميع حضر العشاء، وقال معلقاً عليه: <هذا هو الوضع الطبيعي الذي كان قائما، فلا هو (اي جنبلاط) بامكانه ان يتخلى عنا، ولا نحن في امكاننا ايضا ان نتخلى عنه>·

اضاف: <ما حصل في السابق كانت له ظروفه وحيثياته، ولم يكن بالامكان اتخاذ اي موقف غير الموقف الذي اتخذه هو، والذي اتخذناه نحن>·

واوضحت مصادر مطلعة ان العشاء لا يؤسس لاي مرحلة جديدة بين النواب المفترقين عن خط جنبلاط الجديد، والزعيم الدرزي، وانما يأتي في سياق تثبت موقعه الوسطي الجديد الى جانب رئيسي الجمهورية والحكومة، وهو ما سيؤكد عليه في مقابلته مع قناة <المنار> الناطقة بلسان حزب الله مساء غد الجمعة، الى جانب التأكيد على ضرورة تمويل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، لان مصداقية لبنان موضوعة على المحك·

وبمعزل عن سيناريو الاخراج النهائي الذي سيعتمد في حسم ملف التمويل، فإن الامور، بحسب تأكيدات جديدة من فريق الأكثرية، لن تتجه الى اي تصعيد لا في الداخل ولا في الخارج·

وفي هذا السياق نقل زوار الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله عنه تأكيده على ضرورة الحفاظ على الوضع الامني المستتب، وعدم تغليب المحكمة الدولية على حساب المصلحة الوطنية والاستقرار الداخلي·

وقال هؤلاء ان نصر الله الذي اكد على موقفه الرافض لتمويل المحكمة تساءل امام زواره عن السبب الكامن وراء التداول في هذا الموضوع، في هذا الوقت المبكر، مجددا التأكيد على تأمين الدعم اللازم للرئيس ميقاتي لمواجهة كافة الاستحقاقات ولتكمل الحكمة مشوارها حتى الانتخابات النيابية المقبلة في العام 2013·

تجدر الاشارة الى ان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون، طلب من لبنان، بحسب مصادر متابعة في فريق المعارضة، تسديد المتأخرات الواجبة عليه من حصته في تمويل المحكمة قبل نهاية تشرين الاول الجاري كمهلة اخيرة، على ان تسدد الحكومة حصتها من موازنة العام 2011 في مهلة اقصاها نهاية العام الجاري·

 

السابق
فنيش: لم يكن بالامكان إعطاء أكثر مما طرح بالنسبة الى الاجور
التالي
الجمهورية: مجلس الوزراء يتمسك بـأفضل الممكن.. لكن الاضراب التربوي مستمر