ربيع الكوادر

الناس في الشرق والغرب العربي تعيش ربيع الحرية ونحن هنا بالكويت نعيش ربيع الدينار والكادر. لا بأس علينا بالعافية، ولكن لا أقل الالتزام بحدود العقل والمنطق والمطالبة من منطلق الاحساس الوطني.
ليس سراً أن نقول ان الحكومة داوت وعالجت قصة الرواتب بصورة انتقائية، بل الأولى أن نقول بصورة فوضوية لأنه لو كانت انتقائية لقلنا أنه يوجد في الموضوع ذكاء مخلوط بالدهاء والخبث. لكن الصورة التي مرت عليها الزيادات والكوادر والموافقات تشي بأن الحكومة لا تعلم ما الذي تفعله، فهي خالية من كل علامات الفطنة بما فيها الخبث والمكر والدهاء. 
المشكلة التي تعيشها الحكومة على قسمين. مشكلة مع فريق من الموظفين في القطاع العام ممن استشعروا بالغبن والظلم بزيادة نظرائهم في المواقع الحكومية الاخرى كالقانونيين على سبيل المثال، ومن ثم رفعوا صوتهم بالمطالبة والتهديد بالاضرابات. وقسم آخر من الموظفين ممن رأوا ان الوقت بدا سانحاً للمطالبة بالزيادات على اعتبار أن دوامة الكوادر سارية ومن ثم لا بأس برمي السنارة لعل وعسى مع انهم قد تسلموا زياداتهم قبل كم سنة. وللعلم أقول لكم بأن جمعية أعضاء هيئة التدريس ماضية بتسخين جبهتها هذه الأيام وعما قريب ستبدأ بتنظيم مسيراتها واحتجاجاتها من باب أنها مؤسسة راقية وتستحق الأفضل.

لست في مقام الحديث عن الاستحقاق وما إن كانت مطالب الجهات جديرة بالاحترام، لكن يوجد أمران من بين كل هذه الشوشرة. الأول أن الحكومة ان ظلت تسير بهذه الصورة الجنونية فتأكد أنها لن تنتهي إلا وقد تكون وضعت مصير أبنائنا بين خيارين: إما يبيعون بَنَكا على الدوار أو يشوون ذرة على طريق الخفجي! فالدوامة انها ستعطي وستعطي وكل كادر سيفتح عين هذا الطرف أو ذاك وبالأخير لن ترضي أحداً. فالمعالجة يجب أن تكون من منظور شامل وعام وبعيداً عن الحلول الصغيرة والوضعية.
أما الأمر الثاني فهو الحديث عن الواجبات. فكما أن للموظف حقوقا (كما عوروا راسنا النقابات)، عليه أيضاً وفي الوقت نفسه واجبات. كل النقابات تطالب بالزيادات، لكن لم نسمع عن معايير الكفاءة والانتاجية والتهرب الوظيفي والبطالة المقنعة والمرضيات وكل أساليب اللف والدوران. فيا حكومة كما تقبلين بالزيادات، كذلك يجب إجبار الموظفين على احترام مفاهيم الكفاءة والانجاز الوظيفي وانزال العقوبات بحذافيرها، بالضبط كما يطالبون بتطبيق سلم الكوادر والحوافز بحذافيرها. فهذه المعادلة يجب أن تفهمها النقابات كذلك، فحقوق الموظفين مرهونة بانتاجيتهم. فكما لكم أن تمارسوا حقكم المدني في الاضراب والتظاهر والزيادة، عليكم واجب وطني ووظيفي بالالتزام بمعايير الكفاءة والجودة. فإما هكذا، أو لا! 

السابق
دور المسلمين في إنقاذ اليهود!
التالي
الحياة: بري خلال لقائه نجاد: التطورات تبعث على الخوف