عام المحروسة الدراسي يبدأ ساخناً

لم تصدّق الجهات الحكومية أن المعلمين المصريين سيستجيبون للدعوة للإضراب مع بداية العام الدراسي الجديد إلا حين استقبلت نحو 1200 مدرسة العام الجديد بلا مدرّسين. هذه المدارس التي شاركت في اليوم الأول للإضراب لا تتعدى الـ2,6 في المئة تقريباً من إجمالي مدارس الجمهورية التي يصل عددها إلى 45 ألفاً و773 مدرسة بحسب بيان رسمي لوزارة التربية والتعليم. لكن «نقابة المعلمين المستقلة» أعلنت أن نسبة المشاركة في الإضراب اقتربت من 80 في المئة، وأنها تتجه صعودا.
وأياً كانت النسبة الصحيحة، فإن الإضراب انتشر في كل محافظات الجمهورية، وفي مقدمتها محافظة السويس.
ويأتي إضراب المعلمين مع بداية العام الدراسي بعد أول انتخابات لنقابة المعلمين تجري بعد الثورة، وهي الانتخابات التي اكتسحتها جماعة الإخوان المسلمين مع فوزها بـ80% من المقاعد، سواء على مستوى النقباء أو في مجالس النقابات الفرعية، على مستوى الجمهورية، علما أن الجماعة تعارض الإضراب باعتباره «يعطّل مصالح المواطنين». هكذا وجد معارضوها دليلا يؤكد ما سبق وأعلنوه من أن فوز الجماعة بالانتخابات لا يعكس تواجدها الحقيقي بين المعلمين، وإلا لكانت استطاعت منع وقوع الإضراب! 
تفاعل الأحداث طوال الأسبوع الأول من العام الدراسي أسفر عن إعلان المعلمين تعليق الإضراب لأسبوع واحد، يعطى كمهلة للحكومة لتنفذ وعودها بزيادة الحوافز والمكافآت وتثبيت المؤقتين، كما أسفر التفاوض بين المعلمين ووزير التعليم، وكما أعلن رئيس الوزراء في محاولة لحلّ الأزمة. ورغم أن ما أعلنته الحكومة لا يرضي طموح المعلمين الذين يرغبون في حياة كريمة لا تضطرهم للجوء إلى إعطاء الدروس الخصوصية، يكون أساسها عقود عمل محترمة وأجورا أساسية مرتفعة، إلا أنهم قبلوا بما أعلنته الحكومة كبادرة على حسن النوايا، وللمحافظة على مصالح التلامذة الذين لا ذنب لهم. هذا القرار جاء بعد أن تطورت الأحداث يوم السبت الماضي (بداية أيام الأسبوع الثاني للدراسة)، حيث قطع آلاف المعلمين شارع قصر العيني (حيث يوجد مقرّ مجلس الوزراء) ومنعوا المرور فيه، وعلقوا لافتات ترفع مطالب «حد أدنى للأجور وحد أقصى للمرتبات» و«أين العدالة الاجتماعية؟»، فيما امتدت «عدوى» الإضراب إلى أغلب المدارس الحكومية.
المعلمون المصريون الذين يعانون من تردّي أوضاعهم المعيشية، لا يلتفت إليهم أحد، برغم كل الوعود السابقة والحالية، وبرغم وقوعهم تحت طائلة عقوبات قانونية استهدفت كبح انتشار الدروس الخصوصية، في الوقت الذي لم يقابل هذه العقوبات زيادة حقيقية في الرواتب، ما يعني أن أغلب المعلمين سيعيشون تحت خط الفقر في حال اكتفائهم بالرواتب الحكومية.
المعلمون كانوا من أكثر الفئات التي نظمّت فعاليات عارضت النظام السابق، وهددت في ما سبق بعدم السماح بإقامة امتحانات آخر العام، إلا أن وعوداً حصلوا عليها جعلتهم يتراجعون عن ذلك. واليوم يبدو أنهم وقعوا في موقف لا يحسدون عليه، فالحقوق التي يطالبون بها تواجه بذريعة الحاجة إلى «تخصيص ميزانية كبيرة من جانب دولة تعاني من مشكلات مالية حقيقية»، وفي الوقت نفسه هم معرضون للوقوع تحت طائلة قانون الطوارئ الذي أعيد تفعيله للحدّ من الإضرابات.
وما بين التحجج بضعف ميزانية الدولة وبين التهديد بقانون الطوارئ، لا يزال تلامذة مصر مهددين بالجلوس في فصول خاوية، ينتظرون من «يقفون له ويوفونه التبجيلا».. بلا بوادر لحلول ترضي المعلمين وتؤمن حقوقهم.  

السابق
شيخ الأزهر: سنقف بالمرصاد لمحاولات المد الشيعي
التالي
التعلّم والتذكر مرتبطان بما في اليد