خطة حزب الله للمرحلة المقبلة

انخرط المسؤولون في حزب الله خلال الأشهر الستة الماضية، ولا سيما بعد انطلاقة الثورات العربية وفي ظل المتغيرات الداخلية اللبنانية، في سلسلة متواصلة من ورشات العمل ولقاءات البحث والتفكير من أجل تحديد موقع الحزب وموقفه مما يجري ووضع الأسس الاستراتيجية للمرحلة المقبلة.
ويكشف المسؤولون في الحزب عن وجود عدّة ملفات شكلت الأولوية في اهتمام الحزب خلال هذه الورشات، ومن خلالها حُدِّدت خطة المرحلة المقبلة.
ويمكن تلخيص أهم العناوين التي تناولها المسؤولون الحزبيون سواء في جلسات النقاش أو الحوار أو من خلال اللقاءات التعبوية والفكرية التي أشرف عليها الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله وقيادات اخرى في مجلس الشورى (قيادة الحزب) على النحو الآتي:
1- قراءة أبعاد المتغيرات الحاصلة في الوطن العربي وتحديد موقف الحزب مما يجري ووضع مجموعة أفكار واقتراحات حول كيفية التعاطي مع هذه التطورات وانعكاسها على دور الحزب.
2- إعادة الاهتمام بالتعبئة الداخلية لمواجهة مختلف التحديات وللعمل على إزالة بعض «الأورام الاجتماعية والتنظيمية» التي أصابت جسم الحزب الداخلي لأسباب عديدة.
3- تحديد موقع الحزب ودوره على الصعيد اللبناني الداخلي بعد خروج «تيار المستقبل» وقوى 14 آذار من الحكم واعادة تشكيل الخريطة الداخلية.
4- علاقات الحزب مع مختلف الأطراف الداخلية والخارجية ولا سيما القوى الإسلامية الفاعلة في لبنان والمنطقة.
5- تصحيح بعض المفاهيم الثقافية والفكرية التي راجت في أوساط الحزب أو الأوساط القريبة منه بفعل «تأثيرات فكرية غير سليمة» وأدت الى نتائج سلبية على صعيد الوعي السياسي والفكري. لكن ما هي أبرز نتائج هذه الورشات؟ وكيف ينظر المسؤولون في الحزب الى آفاق المرحلة المقبلة؟ وهل صحيح ان الحزب يعيش حالة الخوف من المستقبل، أم أنه يتجه للسيطرة على الوضع اللبناني؟
نتائج الورشات واللقاءات
بداية ما هي أبرز الخلاصات والنتائج التي أدت اليها ورشات العمل واللقاءات الحوارية التي جرت داخل مؤسسات الحزب القيادية؟
يلخص بعض المسؤولين في الحزب أبرز هذه النتائج على النحو الآتي:
1- لقد فاجأت التطورات العربية الجميع بمن فيهم قيادة الحزب ولم يكن أحد يتوقع ما جرى سواء في مصر أو تونس أو ليبيا وصولاً الى سوريا.
2- كان لهذه التطورات نتائج استراتيجية هامة، وخصوصاً على صعيد وضع مصر والدور المصري، وان كان من السابق لأوانه تحديد النتائج النهائية بانتظار ما ستؤول إليه الأحداث والتطورات والخريطة السياسية الجديدة للواقع المصري.
3- الوضع في سوريا يختلف عن بقية الأوضاع في الدول العربية بسبب الدور السوري في دعم المقاومة والمواقف السياسية للنظام السوري، لكن ذلك لا يعني عدم وجود ضرورة قصوى لإحداث تغيير في أداء النظام الداخلي، وليس هناك وضوح في ما ستؤول اليه التطورات وان كان النظام قد نجح حتى الآن في السيطرة على الوضع.
4- حزب الله ليس خائفاً أو قلقاً مما جرى ويجري، وهو جاهز لكل الاحتمالات والتوقعات، وان كان لا يمكن أحداً ان يتوقع مآل الأمور في حال تصاعُد الأوضاع في سوريا ونشوب حرب أهلية أو صراع مستمر.
5- لم يعد الحزب قلقاً من ملف المحكمة الدولية وهو مستعد للتعاطي مع كل نتائج المحكمة مع ادراكه ان ما يجري يستهدف دوره ووجوده المقاوم واثارة الفتنة المذهبية وتشويه صورة الحزب.
6- الأوضاع الداخلية اللبنانية انتهت لمصلحة الحزب وحلفائه حتى الآن، لكن ذلك لا يعني ان الحزب أصبح هو القوة الأولى والأساسية في ادارة شؤون البلد، بل هناك مجموعة من القوى والأحزاب والشخصيات السياسية المتحالفة في ما بينها وهي التي تدير أوضاع الحكومة. وهذا التحالف ليس قائماً على أسس قوية، بل يحتاج الى الكثير من الجهد للحفاظ عليه بسبب الخلافات المستمرة بين اركانه.
الأولوية حماية الوجود
وينفي المسؤولون في حزب الله كل المقولات والمعطيات التي تنشر عن سعي الحزب الى السيطرة على الوضع اللبناني أو ربط لبنان «بدولة الولي الفقيه» أو سعيه الى القيام بخطوات غير تقليدية أمنية أو عسكرية في حال تدهور الأوضاع في سوريا أو في المنطقة، وهم يؤكدون ان الحزب يتعاطى بهدوء وروية مع الأحداث وهو يستعد لكل الاحتمالات، والأولوية الأساسية في المرحلة الحالية هي «حماية الوجود والمقاومة» وذلك في مواجهة كل المحاولات الهادفة إلى تشويه دور الحزب أو ادخاله في صراعات مذهبية أو سياسية.
ويلخص بعض المسؤولين في الحزب أهم الخطوات التي يجري العمل عليها في المرحلة المقبلة من اجل تطوير الأداء الداخلي والخارجي:
1- اعادة النظر ببعض الأوضاع التنظيمية والثقافية الداخلية لمعالجة بعض الثُّغَر التي برزت في الأشهر الأخيرة والعمل على زيادة مستوى الاهتمام الثقافي والتعبوي.
2- الاهتمام بالجانب الفكري وتصحيح بعض المفاهيم والأخطاء التي تنتشر سواء داخل الحزب أو في الأوساط القريبة وخصوصاً في ما يتعلق بقضايا عقائدية كقضية الامام المهدي وما يرتبط بها من مفاهيم تفصيلية (الانتظار، الظهور، توقيت الظهور، العلاقة بين انتظار المهدي والأوضاع السياسية).
3- تعزيز التواصل مع القوى الإسلامية في لبنان والمنطقة ولا سيما الاخوان المسلمون ومعالجة كافة الثُّغَر والاشكالات التي تصيب هذه العلاقات من خلال الحوار والنقاش.
4- الاهتمام بالوضع الداخلي اللبناني من خلال العمل لانجاح التجربة الحكومية الحالية وتعزيز مؤسسات الدولة وعدم الدخول في صراعات أو نزاعات مع بقية الحلفاء والأطراف حول المناصب والمكاسب لأن المهم الآن إنجاح هذه التجربة وتطوير الواقع السياسي، لا تحصيل المكاسب التفصيلية.
5- البدء بدراسة مشاريع الاصلاح السياسي والاقتصادي للمرحلة المقبلة وتحويل الأفكار النظرية الى اقتراحات عملية والسعي إلى تبنيها من قبل المؤسسات الرسمية.
6- عدم حسم الموقف النهائي من قانون الانتخابات رغم الدعم المبدئي للنسبية وانه يجب بحث هذا الملف بهدوء ومن خلال دراسة كل المعطيات التفصيلية مع انتظار ما ستؤول إليه التطورات في لبنان والمنطقة.
هذه بعض الأفكار والخلاصات التي توصلت إليها قيادة حزب الله من خلال دراسة التطورات في لبنان والمنطقة، ومسؤولو الحزب ومؤسساته المختلفة مستمرون في مواكبة التطورات وهم في ورشة شبه دائمة لمواكبة الأحداث والتفاعل معها، وليسوا في وارد القيام بانقلابات أو احداث عنفية داخلية أو خارجية، وان كانوا جاهزين لكل الاحتمالات.

السابق
تنازل عن ألمانية.. من أجل ناقة!
التالي
اكتشاف بروتينات تسرّع نقل الدواء إلى الخلايا