هل يريد الحريري الفراغ لإسقاط لبنان ؟

تُبدي أوساط رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قلقها من تزايد حِدّة الخطاب السياسي والتشنج حول كل قضية تثار في البلد، سياسية كانت او امنية او اقتصادية او ادارية او مالية او اجتماعية، مستغربة ذهاب بعض الاطراف السياسية بعيدا حتى تعريض البلاد ومصالح الناس للخطر.

وتقول الاوساط انه إذا كان مفهوما تسجيل موقف سلبي او ايجابي من قضية المحكمة الدولية او من الحكومة، فإنه من غير المفهوم ان تدفع القوى السياسية الوضع الداخلي الى حافة انفجار خطير غير محسوب النتائج، وهو ما يستدعي تحركا دائما من رئيس الحكومة باتجاه القيادات والمسؤولين لتهدئة الاوضاع، مشيرة الى ان زيارته امس الاول لرئيس المجلس النيابي نبيه بري لا علاقة لها بما تم نشره في مجلة «تايم» الاميركية او سواها من احداث، وهدفت للبحث في بنود جلسة مجلس الوزراء غدا الثلاثاء ولا سيما ملف الكهرباء، وفي بنود الجلسة التشريعية للمجلس النيابي الاربعاء، اضافة للبحث في الوضع العام.

وتشير إلى أن أكثر ما يقلق هو دخول الرئيس سعد الحريري مباشرة وبشكل شبه يومي على خط التأزيم الاعلامي والسياسي مع الحكومة ومع «حزب الله» ومع سوريا وأخيرا مع رئيس الجمهورية، بعد الحملة الشخصية التي استهدفت ميقاتي، وبما يؤشر لرغبة في دفع الأمور إلى مواجهة مباشرة مع الخصوم السياسيين ومع سوريا، قد لا ينأى عنها الشارع.
وتسأل الأوساط الحكومية: هل ان حملة «تيار المستقبل» وحلفائه على الحكومة لمحاولة إسقاطها ستؤدي الى النتائج التي يريدها الحريري، أم انها سترتد سلبا عليه وعلى البلاد بسبب تعطيل مصالح البلاد والعباد، وخصوصا معالجة ملف الكهرباء والأزمة المعيشية؟ وهل ان اسقاط حكومة الرئيس ميقاتي يضمن للحريري العودة الى الحكم حتى لو تغيرت الاكثرية النيابية وانقلبت مجدداً لمصلحة تسميته؟ وفي حال عاد، هل يستطيع ان يحكم وهو يستعدي أكثر من نصف الشعب اللبناني وقواه السياسية؟

وتضيف الاوساط الحكومية: هل ان سقوط الحكومة في ظل تصاعد الخلافات السياسية واجواء الشحن والتحريض سيؤدي الى حل للأزمة السياسية، ام سيدفع البلاد الى حالة طويلة من الفراغ الحكومي وربما الفوضى الامنية وفلتان الشارع، وهل يريد الحريري الوصول بلبنان الى الفراغ الحكومي والفوضى من ضمن المشروع القائم في المنطقة العربية، والذي يحوّل ابرز الدول فيها الى بؤر توتر وانقسام وفوضى؟

وتعتبر الاوساط ان الحملة التي تثيرها المعارضة بوجه الحكومة حول القضايا الداخلية، والتي تطال ايضا ملف السلاح المقاوم، هي حملة مفتعلة لاثارة الضجيج والغبار حول ما تقوم به الحكومة لتعطيل عملها ومنعها من تحقيق أي انجاز عجزت عنه حكومات المعارضة الحالية، خاصة ان ملف السلاح المثار الآن، لطالما كان موجودا وتغاضت عنه المعارضة وقتها لحسابات ومقايضات سياسية، وهي تربطه الان بجرائم اغتيال وبالقرار الاتهامي، وبما تسميه مشروع بناء الدولة، من باب الضغط على المقاومة وعلى الحكومة وتوسل دعم الخارج في هذه العملية التحريضية عبر التسريبات الاعلامية والامنية والقضائية، وآخرها امس التسريبات عن «تخطيط لجرائم اغتيال ستطال كبار مسؤولي «تيار المستقبل» «للتغطية على اتهام «حزب الله»
بجريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري»!

وفي الشأن الحياتي، تُحمّل الاوساط المعارضة البرلمانية، المسؤولية امام جمهورها اولا وامام كل اللبنانيين ثانيا، عن عدم اقرار مشروع توفير الكهرباء للمواطنين في جلسة مجلس النواب يوم الاربعاء المقبل، وتقول: اذا كانت المعارضة معذورة حتى الان في طرح الاسئلة والاستفسارات وحتى في رفض المشروع لأنها تعتبر انه غير وافٍ ويحتاج الى ضوابط ادارية ومالية وقانونية، فإن عذرها يصبح غير مقبول عندما توفر لها الحكومة كل الاجابات المطلوبة وهو الامر المرجح حصوله من قبل الحكومة.

ويوضح وزير الاقتصاد والتجارة نقولا نحاس لـ«السفير» ان الحكومة تدرس بدقة كل الخيارات في ملف الكهرباء، وتدرس كلفتها قبل اتخاذ القرار النهائي، وما سيحصل في الاجتماع الوزاري اليوم في السراي، سيركز على هذه النواحي ولاسيما كيفية ادارة هذا المشروع، وفي كل الحالات ليس هناك أي امر سيمنع اقراره، وكل ما تقوم به الحكومة هو محاولة التوصل الى خيارات صحيحة وسليمة وقابلة للتنفيذ، لانعكاسها على موازنات الاعوام المقبلة، «ولن نتوقف عند محاولات التعطيل».

السابق
السفير: الأسد.. كلام أوباما لا قيمة له… ومن يذهب بعيداً فسنذهب أبعد
التالي
سينغ: لا دليل على تهريب الأسلحة إلى جنوب الليطاني