الانباء: مقابلة التايم تشعل حرب البيانات بين المستقبل وحزب الله وبلانفورد ينفي إجراءها بنفسه

وصف حزب الله ما نشرته مجلة «التايم» الاميركية من لقاء مع مطلوب للمحكمة الدولية بـ«فبركات بوليسية كاذبة». وصدر بيان الحزب مساء اول من امس بعد نهار من الصمت الثقيل، ويبدو ان دورا لعبه الرئيس نبيه بري في اصدار هذا النفي نزولا عند طلب رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الذي زار بري في عين التينة وعرض معه الامر مستفظعا امر ما نشر، وما ينطوي عليه من تهشيم لهيبة الحكومة، ومن ابراز لعجز السلطة عن القيام بواجبها تجاه المحكمة الدولية، علما ان النائب ميشال موسى نفى ان يكون الرئيس ميقاتي طرح موضوع «تايم» مع الرئيس بري خلافا لما كرسته المعطيات المتصلة بهذا الموضوع.

من جهته، اعتبر الرئيس سعد الحريري ان ما ورد في «التايم» يؤكد ان الدولة اداة بيد حزب الله، وقال الحريري في بيان وزع على الصحف ان سليمان وميقاتي والوزراء لا يريدون ان يسمعوا او يقرأوا ولا يستطيعون مخالفة مرشد الجمهورية الاعلى.

وسأل الحريري الرئيس سليمان عما اذا كان سمع بالمقابلة التي نشرتها المجلة الاميركية مع احد المتهمين المطلوبين للعدالة الدولية وهل يريد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ومعه باقي الفريق الوزاري المسؤول مبدئيا عن التزامات لبنان تجاه المحكمة الدولية ان يسمع بتلك المقابلة والاعلان الذي جاء على لسان المتهم بعجز السلطة اللبنانية عن توقيفه وامتناعها عن توقيفه رغم معرفتها بمكان اقامته؟

وقال ان سياسة صم الآذان ودفن الرؤوس في الرمال تجاه كل ما يتصل بحزب الله وسطوته على القرار الحكومي هي السائدة.

ورد حزب الله بيان آخر على تصريح الحريري بالقول: استعجل رئيس حزب المستقبل، كما هي عادته، وعادة مسؤوليه بتبني مضمون مقابلة مختلقة وكاذبة في مجلة «تايم» وسارع للبناء عليها، وساق التحليلات السياسية المضللة والمجافية للحقيقة، ما يزيد الشبهة لدينا ان تصريحه جزء من الفبركة الإعلامية، للروايات الممجوجة التي ترعاها المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والإكثار من سيل الأكاذيب التي تخفي الحقيقة. وأضاف البيان: لقد أصدر الحزب بيانا بين فيه كذب ادعاء مراسل «تايم» بإجراء المقابلة المذكورة، وما بنى عليه الحريري كذب وافتراء، وبالتالي فإن استنتاجاته وبالتالي تقييمه السياسي باطل لأنه بني على باطل، وهذه عينة مما يغترف منه حزب المستقبل ورئيسه لطمس الحقيقة.

المتهم العنيسي صاحب المقابلة

ورجحت المصادر المتابعة ان يكون المتهم حسين العنيسي هو الذي تحدث الى مراسل «تايم» وقالت المصادر لـ «النهار» البيروتية انه استنادا الى معلومات لديها ان اللقاء حصل أواسط الأسبوع الماضي، (الثلاثاء) او (الأربعاء) بحضور مترجم عربي غير لبناني، وان المصدر المسؤول في حزب الله الذي جرت المقابلة في منزله يتقن الانجليزية جيدا، وكان يدقق في صحة الترجمة إليها.

نيكولاس: آخر أجرى المقابلة!

وطرأ جديد أمس في هذا السياق الجدلي الساخن بين حزب الله والمعارضة وعلى رأسها تيار المستقبل، حيث توصلت المؤسسة اللبنانية للإرسال الى تأمين اتصال هاتفي مع مراسل تايم نيكولاس بلانفورد، الذي فاجأها بالقول انه ليس شخصيا من أجرى المقابلة مع المتهم باغتيال الرئيس الحريري والآخرين، بل ان الذي قام بذلك شخص آخر، اما هو فقد اقتطع جزءا من المقابلة ووضعه في مقالته في «تايم».

ثم أكد بلانفورد في اتصال مع محطة «ام تي في» أنه لم يجر المقابلة مع المتهم باغتيال الرئيس رفيق الحريري بنفسه، لكنه تلقى من إدارة تحرير المجلة في نيويورك اتصالا لإبلاغه عن أن لقاء أجري مع احد المتهمين، وستتم إضافته إلى التحقيق الذي أجراه حول المحكمة الخاصة بلبنان في عدد المجلة.

وإذ أشار بلانفورد إلى أنه يركز في هذه الفترة على التحقيق في اغتيال الرئيس الحريري، أكد أنه «واثق من أن اللقاء مع المتهم قد حدث، وإلا لما كانت ادارة المجلة قد وافقت على نشره»، مشددا على أنه لم يتعرض للتهديد من «حزب الله» أو غيره وأنه لم يتلق أي اتصال من الحزب، بل فقط تلقى اتصالا من السلطات اللبنانية وهو سيقابل أحد المسؤولين الأمنيين خلال الساعات المقبلة.

انسحاب استباقي للتحقيقات

إلا ان مصادر متابعة لاحظت لـ «الأنباء» ان هذا الاتصال التوضيحي جاء بعد إعلان من «تايم» بتبني صحة كل ما ورد في المقابلة، ورأت المصادر ان نيكولاس، وهو صحافي عريق ورزين ربما كان استعان بأحد المراسلين في مكتبه لإجراء مثل هذه المقابلة، وربما كان المراسل أجراها دون تخطيط مسبق ثم عرضها عليه، وهذا يحصل في عالم الصحافة عادة، لكن مراسل تايم لم ينف حصول المقابلة من أساسها. ويعتقد البعض ان «انسحاب» نيكولاس من الموضوع، غايته تجنب الأسئلة والأجوبة امام القضاء او الامن اللذين بدآ رحلة البحث عن الحقيقة في هذا الشأن، لكن قول نيكولاس انه لم يكن من اجرى المقابلة لا يعفيه من المساءلة، كونه المراسل الرئيسي، وعليه ان يفصح عن هوية المراسل الذي اجراها ثم قدمها اليه.

سيناريو الصدفة

وضمن السيناريوهات المتداولة في هذا الموضوع، ان المراسل الثانوي لـ «تايم» كان بصدد اجراء مقابلة مع مسؤول في حزب الله في منزله، وفي هذه الاثناء وصل المتهم المطلوب للمحكمة الدولية، فتعرف عليه المراسل من صورته التي نشرت، وحصل سلام وكلام وتعارف تطور الى اسئلة واستيضاحات والى التوافق على هذه المقابلة في منزل المسؤول عينه وبحضوره الدولة اللبنانية، وان الكلام المعسول لرئيس الحكومة تدحضه الوقائع والاحداث.

على اي حال، واضح من قيود وزارة الاعلام اللبنانية انه ليس لـ «تايم» اي مراسل في بيروت غير بلانفورد، كما انه لم يطلب اي متعامل محلي محتمل مع المراسل الوحيد اي تصريح بالتوجه الى «المربع الامني» لحزب الله.

في هذا الوقت، تابعت المعارضة اللبنانية حملتها على الحكومة الميقاتية انطلاقا مما نشر في مجلة «التايم»، فقال الامين العام لتيار المستقبل احمد الحريري ان حزب الله ينصر ظالما ويقدس متهما ويحمي شتاما، وما كانوا قديسين ولن يكونوا معصومين.

واضاف ان الطائفة الشيعية اشرف من ان تتورط في دم الرئيس الحريري وهي ليست محل اتهام من احد، متسائلا عن ربيع الطائفة الشيعية في لبنان ومتى يحين.

اما عضو القوات اللبنانية انطوان زهرة فقد اعتبر ان ما اوردته مجلة «تايم» يؤكد بما لا يدع مجالا للشك ان هذه الحكومة عاجزة عن تلبية طلبات المحكمة الدولية، وان حزب الله يتحدى في لبنان المجتمع الدولي ومؤسساته وتؤكد المصادر على واقعية هذا السيناريو، الذي يبعد نية العمد في اجراء المقابلة التي بالنتيجة حصلت. اما عن سبب اختيار تسريب اسم المتهم العنيسي دون الثلاثة الآخرين من المتهمين، فقد ردته المصادر الى ان العنيسي ليس قياديا من مستوى سليم عياش ومصطفى بدر الدين وبالتالي ان كلامه لا يعكس التوجه الحقيقي للحزب.

السابق
الحياة: الأسد ..غير قلقين على الوضع الأمني والحل سياسي يتضمن مراجعة للدستور
التالي
البناء: الأسد: أيّ عمل عسكري ضدّنا ستكون تداعياته أكبر ممّا يتحمّلون ولن نسمح لأيّ دولة في العالم بأن تتدخّل في قرارنا