كلمة تركية.. ماذا في الأفق؟

اصداء تصريحات رئيس الدبلوماسية التركية أحمد داود اوغلو, ما تزال تتردد في جنبات المنطقة وتخومها, بعد أن بدت وكأنها تقترب من نقطة اللاعودة وارتقت الى درجة الانذار الذي يتجاوز مرحلة الكلام, على ما قال اوغلو نفسه فهل نحن أمام خطوة بل خطوات تركية دراماتيكية تضع المنطقة دولها والشعوب، أمام مشهد جديد يؤسس للعصر التركي, الذي لا يجد اردوغان كما عبدالله غل وخصوصاً مهندس دبلوماسية صفر مشاكل (التي باتت موضع تساؤل ان لم نقل فشلاً كبيراً) غضاضة في الحديث عنه والعمل بدأب ومثابرة على بلورته وتشكيله؟

من المبكر القول أن تركيا ستذهب الى نهاية الشوط في «سياستها السورية», وبخاصة بعد اجتماع الساعات الست التي عقدها مع الرئيس السوري ووزير خارجيته, الذي خرج بعد اوغلو ليتحدث بتفاؤل عن خطوات سورية جريئة خلال اسبوعين من الآن, ما يعني أن الرجل سمع كلاماً-حتى وهو ينقل رسالة من عبدالله غول لنظيره السوري, قالت تسريبات الصحف التركية أن الاول «حذّر» الأخير من التلكؤ في اتخاذ قرارات تستجيب لمطالب الشعب السوري «حتى لا يندم لاحقاً»!!

نقول تصريحات أوغلو اوجدت انطباعا فوريا بان دمشق مقبلة على مرحلة جديدة رغم ان الاعلام السوري الرسمي نقل له مصادر رئاسية ان الاسد اكد ان بلاده لن تردد في محاربة الجماعات المسلحة.

موقف انقرة الاخير الغاضب والمنفعل يعكس ازمة في الدبلوماسية التركية اكثر مما يؤسس لضغوط مماثلة على دمشق، التي لا تبدو في عجلة من امرها او انها «محشورة» بين مواعيد وتواريخ واستحقاقات ملزمة بتسديدها «غب الطلب» سواء في «غضون اسبوعين» على ما اعلنت انقرة عند مغادرة اوغلو العاصمة السورية وليس بالتأكيد «فورا» على ما هدد وزير الخارجية التركية الذي يستعد ورئيسه غل للهبوط في مقديشو في خطوة انسانية رمزية وذات عوائد كبيرة على الدبلوماسية التركية تضامنا مع الجائعين وضحايا الجفاف في الصومال المنكوب.

اين من هنا؟

انقرة (لا دمشق كما تجب الاشارة) هي التي وضعت نفسها في ظرف ضاغط وباتت «ملزمة» باتخاذ خطوات تعكس حجم غضبها الذي يبدو انه مبالغ فيه، تفوح منه رائحة المزايدة والبحث عن دور قيادي اكثر مما يشكل انتصارا للشعب السوري ومطالبه المحقة وهي بتكرار تهديداتها انما تكون صعدت شجرة عالية بات من الصعب عليها الان النزول عنها الا عبر سُلّم يوفره لها الاخرون، بعد ان لم يتريث قادتها في قطع «المتر الاخير» من مشوار الزعم بان ما يحدث في سوريا هو شأن داخلي تركي.

ويبدو ان قميص او اعلان حقوق الانسان العالمي هو السُلّم الذي قد تلجأ انقرة للاستعانة به للنزول او للتصويب على النظام السوري متذرعة ايضا بمبدأ التدخل الانساني (…) الذي طالما شكل الذريعة التي تخفت وراءها قوى الاستعمار التقليدي والحديث على حد سواء، ناهيك عما يمكن ان يكون في جعبة انقرة من «ايذاء» لدمشق سواء في فرض عقوبات اقتصادية ام في سحب سفيرها وتخفيف بعثتها الدبلوماسية وربما قطع العلاقات كخيار متطرف.

هل من مزيد؟.

نعم.. ثمة التلويح بالخيار العسكري او اقامة منطقة عازلة (بالقوة) في شمال سوريا بحجة حماية اللاجئين لا نحسب ان انقرة لا تدرك عواقبه ومخاطره وبخاصة ان المعارضة التركية لن تقف متفرجة بل هي الان لا تتردد في اتهام اردوغان بالعمل لحساب القوى الكبرى كما قال دولت بهشتلي زعيم الحركة القومية المتشددة، فيما حذر كمال اوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري من مغبة مشاركة تركيا في أي تدخل عسكري في سوريا.

السابق
رضيع يغرق في دلو ماء
التالي
عدنان منصور: لا مشكلة في الحكومة وستنجز مشروع قانون الكهرباء