الاخبار: جنبلاط يخشى الذوبان في المساحات الكبرى

في توقيت محسوب، شنّ وليد جنبلاط هجومه على النسبيّة من منطلقٍ أقلّويٍ، ليكون رافعة التصدي لهذا الطرح الذي كان المغدور كمال جنبلاط أوّل من طرحه، وذلك بعد تكسّر خطّ الرفض الأول للنسبيّة في الفاتيكان مع إزاحة الكاردينال نصر الله صفير عن سدّة البطريركيّة، ما استوجب تدخل زعيم المختارة

بعد 14 يوماً على توقيفهما، أخلى قاضي التحقيق العسكري فادي صوان سبيل الشابين اللذين أوقفتهما مديرية استخبارات الجيش في بيروت يوم 29 تموز 2011، إثر الاشتباه في قيامهما بتهريب أسلحة إلى سوريا. وكانت النيابة العامة العسكرية قد ادعت على الموقوفين وسيم وسمير ث. (أحدهما مسؤول عن المرفأ السياحي التابع لشركة سوليدير في منطقة السان جورج ببيروت) بجرم الاتجار بالأسلحة، بعدما أوقفتهما مديرية استخبارات الجيش إثر تسلّم أحدهما عدداً من البنادق الحربية من تاجر سلاح. كذلك عُثِر في حوزة أحد الموقوفَين على كمية من الكوكايين والحشيشة، مع ميزان مخصص لوزن المخدرات. وقد أحيل الموقوفان على مكتب مكافحة المخدرات في الشمال.

وأثار قرار إخلاء سبيل الموقوفين استهجان الأمنيين المعنيين بعملية التوقيف، وخاصة أن المدعى عليهما «أوقفا بالجرم المشهود، وبحوزتهما 6 بنادق حربية والأموال التي كانا يريدان استخدامها لشراء كمية إضافية من الأسلحة»، على حد قول مسؤول أمني. ولفت المصدر إلى أن «الألغاز» التي تلف القضية بدأت من لحظة نقل الموقوفين إلى سجن القبة في طرابلس، لسبب لا يزال مجهولاً، إضافة إلى توقيع القاضي صوان إخلاء سبيلهما، يوم أمس.

وبعيداً عن هذه القضية التي لم يعثر على من يفسرها في القضاء أمس، أعلن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط الحرب على النسبيّة. فقد اختصر وريث المغدور كمال جنبلاط كلمته في إفطار مؤسسة العرفان التوحيديّة بموقف واضح وحاسم من النسبيّة. إذ أشار إلى أن البعض يتحدّث منذ مدّة عن النسبيّة «على أنها المدخل إلى إلغاء الطائفية، جميل جداً!». لكنّ جنبلاط ذكّر «هذا البعض» بأن شعار النسبيّة أتى في سياق برنامج متكامل هو «برنامج الحركة الوطنية بقيادة كمال جنبلاط آنذاك، من أجل لبنان الجديد ومن أجل إلغاء الامتيازات الطائفيّة».

ثم قدّم مطالعته التي يستند إليها لرفض النسبيّة وهي أن «اليسار اللبناني قضى أو ضعف ومعه كمال جنبلاط، أما وإن عناوين صغيرة بديهيّة كالأحوال الشخصيّة أو غيرها من العناوين يبدو أنها دفنت في المهد ولا أريد الاسترسال أكثر في هذا، ويستحسن تأجيل هذا البحث، البحث عن النسبيّة». وفضّل جنبلاط البقاء على ما نحن عليه من أجل الحفاظ على التنوع والتعدد والتمايز، «وخير مثال هذه الجمعة الكريمة، أفضّل أن نبقى في شتى الصعد البلديّة والنيابيّة والاختياريّة في المنافسة الأهليّة، وقد أدخلنا عليها مفهوماً جديداً في الديموقراطيّة، الديموقراطيّة التوافقيّة، وهي مظهر من الشورى أو الحوار كما يقولون».

ولفت جنبلاط إلى أنه بعد نهاية الحرب الأهليّة «المشؤومة، دخلت علينا نظريّة الانصهار الوطني أي صهر الفرد أو المجتمع في قالب واحد، رفضنا هذه المقولة، لكننا أكّدنا على تحديد الثوابت، العدو الإسرائيلي، نهائيّة لبنان، العروبة المنفتحة، الإنسانيّة، وخير دليل على ما قمنا به، وبما أن الربيع العربي الحالي واحد قولاً وفعلاً، الحزب الواحد، والقائد الواحد، بل ها هم كلهم يختارون التعدديّة الحزبيّة أو ما شابه أي يعترفون بالتنوع والتميز».

واستعان جنبلاط بالآية القرآنيّة التي تقول: «جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا»، وقد أفتى جنبلاط تفسيراً: «هذا يعني أنني أفضل ألف مرة في السياسة وغير السياسة أن أسقط أو أنجح بين أهلي في الإقليم خاصة والشوف الأعلى، على أن أذوب في المساحات الكبرى مع كل احترامي للآخرين». ويبدو أن جنبلاط نسي أنه أوّل من سخر من الديموقراطيّة التوافقيّة وشبّهها باللويا جيرغا.

محمود عباس في بيروت لـ 48 ساعة
اقترب استحقاق أيلول الذي لطالما تحدثت عنه السلطة الفلسطينيّة. ففي أيلول ستطالب السلطة مجلس الأمن الدولي بالاعتراف بدولة فلسطين. الاعتراف كما هو متوقع سترفضه الولايات المتحدة الأميركيّة. لكن ذلك لن يمنع رئيس السلطة الفلسطينيّة محمود عباس من المحاولة لتأمين الدعم اللازم للخطوة التي تنوي الدبلوماسيّة الفلسطينيّة القيام بها. هكذا، سيزور «أبو مازن» لبنان غداً مساءً. وجهته الأولى ستكون القصر الجمهوري، حيث سيلتقي رئيس الجمهوريّة ميشال سليمان. وسيبحث الطرفان الإجراءات التي تنوي السلطة الفلسطينيّة القيام بها. كما سيطلع «أبو مازن» الرئيس سليمان على نتائج اتصالاته التي قام بها، وخصوصاً أن «لبنان عضو في مجلس الأمن الدولي وسيكون الشهر المقبل رئيس مجلس الأمن ورئيس المجموعة العربيّة»، كما يقول عبد الله عبد الله ممثل منظمة التحرير في لبنان في اتصال معنا.

أما في اليوم الثاني فسيزور «أبو مازن»، الرئيس نجيب ميقاتي، على أن يتوجه الاثنان عصراً إلى مقر ممثليّة منظمة التحرير ليرفعا العلم الفلسطيني على المبنى، معلنين بذلك ترفيع مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الطرفين من ممثليّة لمنظمة التحرير إلى سفارة دولة فلسطين، وخصوصاً أن لبنان قد «استكمل الإجراءات للترفيع الدبلوماسي تنفيذاً للقرار الصادر عن مجلس الوزراء عام 2008»، كما يقول عبد الله. بعد إفطاره مع ميقاتي، سيلتقي أبو مازن مع الصحافيين الأربعاء مساءً ليطلعهم على الاتصالات التي أجراها، بالإضافة إلى الخطوات التي ستقوم بها السلطة لإقرار الاعتراف بالدولة الفلسطينيّة. أما على الصعيد الفلسطيني الداخلي، فسيعقد الرئيس عباس ليلاً اجتماعات مع قيادات حركة فتح في الساحة اللبنانيّة. كذلك سيلتقي مسؤولي اللجان الشعبيّة التابعين لمنظمة التحرير في لبنان لإطلاعهم على «صندوق الطلبة الفلسطيني الذي أنشأه وكيفيّة تطويره، وخصوصاً أننا نتوقع تسجيل ألف طالب إضافي العام المقبل» كما يقول عبد الله.

يُشار إلى أن زيارة أبو مازن تتزامن مع زيارة 35 طبيباً فلسطينياً سيقومون خلال شهر رمضان بإجراء عمليّات جراحيّة للمرضى الفلسطينيين. أما بالنسبة إلى النشاطات التي ستواكب التحرك الدبلوماسي الفلسطيني فيقول عبد الله إن هناك «مجموعة من الشباب سينطلقون من القدس في 5 أيلول وسيزورون مراكز التأثير مثل لبنان، الرئيس المقبل لمجلس الأمن، ودولة قطر التي ستكون رئيسة الجمعية العامة للأمم المتحدة، بالإضافة إلى زيارة لمراكز الدول الدائمة العضويّة في مجلس الأمن، على أن ينتهي مشوارهم في نيويورك لتسليم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون مذكرة بمطالب الفلسطينيين». يضيف عبد الله إنه في الأسابيع المقبلة ستتركز التحركات على «الدول التي لم تتخذ موقفاً حاسماً من المطلب الفلسطيني، على أن يقوم الرئيس بزيارات للدول الأعضاء في مجلس الأمن». هكذا، سيمضي عباس 48 ساعة في لبنان، على أن يغادر صباح الخميس، آملاً أن تكون «حركته بركة».

السابق
البناء: توقيف ضابطين و10 عسكريين …. وملف السجون إلى الواجهة مجدداً
التالي
الانباء: لبنان يبدأ إجراءات الاعتراف بدولة فلسطين استباقاً لزيارة عباس غداً