كتاب الجمر..

أمّا وقد تقدّم الشهر،بتؤدة وتثاقل، وسط كل هذا الحرّ والرطوبة، من دون أن يتغيّر شيء في طبائع الأقوياء، إلا نحو الأسوأ، فلا بد من كلمة سواء نرى من خلالها إلى
إلى التطاول على الآلهة الكذّابين في شهر الإيمان والتقوى.
إنه شهر فضيل، شهر القرآن، شهر العبادة والتوبة والبَرَكة والحسنات،شهر الخير والصلاح والإستغفار. شهر التضحية والإيثار. شهر الفضائل… هكذا أراده الإسلام .
أما في هذا الزمن اللبناني اللعين الذي بات فيه (القابض على دينه كالقابض على جمر)، فهو أصبح، وبفعل فاعل عمد يتصوّر مسبقاً ويصمم وينفّذ، شهر الاستغلال والطمع والجشع ورفع الأسعار واقتناص الربح كيفما كان، ولو بالحرام، بل بالحرام الموصوف… شهر قلّة الحياء وقلّة الإيمان وقلّة الدين وقلّة الأخلاق وقلّة الضمير… شهر التآمر مع الشهوات وعليها ضدّ الإيمان والفطرة الخيِّرة.
نعم. هي مؤامرة على ما تبقّى في اليقين من ثقة بالمسؤول وبالآخر، كلّ من هو مسؤول وكل آخر، رجل دين كان أم رجل دولة، سياسي أو تاجر أو قاضٍ أو دركي. فالكلّ، كلّ من "يده طايلة"، متّهم بطول اليد على الممنوع والعيب والحرام، وقِصرها على الخير والتقوى والواجب والمطلوب والمشروع والقانوني.
$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$$
البندورة والبقدونس في سباق مع الخسّ والنعناع والليمون الحامض والبصل الأخضر. وقبلها أنواع اللحوم كافة، الحمراء والبيضاء والزرقاء والصفراء والكحلية…المضروبة منها والفطيسة، وحتى تلك الصالحة للاستهلاك البشري. كلّها داخل السباق. والمعجنّات التي تميّزت بالإرتفاعات القياسية في ماراتون الفرّانين، وجدت في الحلويات ما يسلبها عرش الغلاء والعربدة الذي تربّعت عليه. فما العمل؟
أمّة ساقطة… أرادها دين الله أن ترتفع إلى مصافه السامية، فأنزلته إلى دركها الأسفل وامتطته ومرّغته بوحل شعاراتها الكذّابة ونواياها المريضة.
لكن هذا كلّه، على غرابته، ليس غريباً، بل إن له في المنطق الانتقامي ما يبرّره: فالدين الحنيف فرض على هذه الأمة الصيام، وهذا يشتمل من بين ما يشتمل عليه، الامتناع عن الأكل. لكنّها أمة أكول، تعيش لكي تأكل. وهنا سرّ هذا التيه الذي تعانيه هذا الرمضان وكل رمضان.
ولكي يكتمل النقل بالزعرور توفّرت لنا هذه الإدارة الفاسدة الفاسقة المرتشية السارقة المنافقة الآسنة ومعدومة الضمير، وبالتالي هذا المجتمع الفالت الذي لا وازع فيه من قانون ولا من أخلاق ولا من إيمان ولا من ضمير. و"بفضل" هذا كلّه أصبح الحرام بوصلة القوم، الحرام في الشهر الحرام.
وهذا سطر في كتاب الجمر…

السابق
بعد خمس سنوات على حرب تموز: “وعد” تعيد الناس الى بيوتهم
التالي
السفير: تركيا تلوّح مجدداً بتدخل عسكري أوبامـا والملـك السـعودي يطالبان الأسـد بوقـف فـوري للعنـف