مسلسل المحكمة مستمر

«الرواية الرسمية» لحادثة أنطلياس لم تقنع قوى 14 آذار، لكن مسلسل المحكمة الدولية في التبليغات اليومية لا يكتفي بتحدي الملل فقط، وإنما له معجبون يأملون أن تشمل حلقاته المقبلة ضم ملفاتهم إلى ملفه الأمّ
وسّعت قوى 14 آذار، بجناحيها المقيم والمغترب، دائرة استهدافاتها الداخلية، وبدا أمس أن قلوبها «المليانة» لم ولا تريد الاقتناع بـ«رمانة» أنطلياس، فلم توفر في معرض هجومها على «الرواية الرسمية» وزير الداخلية ولا وزير الإعلام ولا المجلس الأعلى للدفاع، حتى وإن كان برئاسة رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، وحضور رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و6 وزراء وقادة الأجهزة الأمنية.

ويبدو أن كل «ذنب» المجلس الأعلى للدفاع، الذي اجتمع أمس في قصر بعبدا، هو أنه أبقى مقرراته سرية «وفقاً لنص القانون»، وأعلن في البيان الصادر عن اجتماعه أنه بحث الوضع الأمني عموماً ومهمات الجيش والأجهزة الأمنية «في المحافظة على الوطن وحمايته وتشديد الإجراءات لتعزيز السلم الأهلي ومنع أي إخلال أو عبث فيه والتشديد على منع نقل السلاح وتهريبه»، وشدد «على تمتين التعاون مع قوات اليونيفيل وحماية تنقلاتهم في لبنان». كذلك بحث إجراءات «مساعدة المواطنين السوريين الذين قدموا الى لبنان من جراء الأوضاع القائمة في سوريا». وخلص إلى توزيع المهمات على الوزارات والأجهزة المعنية «وأعطى التوجيهات للتنسيق الدائم بين الأجهزة العسكرية والأمنية لتبادل المعلومات لحسن تطبيق القوانين والأنظمة المرعية الإجراء».

كل ذلك لم يعجب الأمانة العامة لقوى 14 آذار، فأسفت «لمستوى التعاطي المتواضع للمجلس»، مشيرة إلى نقطة «حماية تنقلات اليونيفيل، في حين أنها جاءت الى لبنان لمساعدة الجيش اللبناني في بسط سيادة الدولة على كل أراضيها». وانتقدت الحديث «عن التنسيق بين الأجهزة الأمنية كأنه غير قائم في ما بينها، وكذلك عن مقررات اتخذها بدل أن يطمئن اللبنانيين الى أمنهم واستقرارهم بقرارات معلنة وصارمة». وإذ لم تعلق نهائياً على تشديد المجلس على «منع نقل السلاح وتهريبه»، اتهمت الحكومة بـ«تسخيف الوقائع وتحويرها» في انفجاري أنطلياس والرويس، وطالبتها «بوقف سياسة تغطية الجهات التي تقف وراء المجرمين وعمليات الاعتداء والتفجير» وباتخاذ الإجراءات اللازمة «لمحاسبة المسؤولين السياسيين عن تحوير الحقائق وإخفائها».

ومن الأمانة العامة ككل، إلى أحزاب وشخصيات 14 آذار، سرى عدم الاقتناع كتعميم عام، قاسمه المشترك هو مثلما قال النائب نبيل دو فريج «إن الرواية الرسمية لتفجير أنطلياس غير مقنعة»، مع اختلافات تفصيلية، حيث نسب النائب إيلي ماروني «الرواية» إلى وزارة الداخلية، ووصفت الكتلة الوطنية وزير الإعلام بأنه بدا بعد جلسة مجلس الوزراء «كأنه مذيع في محطة المنار ينقل بصورة شبه حرفية رواية حزب الله للحدث».

وفي المقابل، ردت العلاقات الإعلامية في حزب الله، على «الحملة الإعلامية المسعورة» لاتهام الحزب بحادثة أنطلياس، ورأت أن وسائل إعلام لبنانية وعربية تعمد عند كل حادثة إلى زج اسم الحزب «في إطار خطة اتهامية مبرمجة تفبرك الوقائع وتحورها سعياً الى تشويه صورة حزب الله وتوهين صدقيته أمام جمهوره العربي واللبناني». وإذ نبهت إلى أن ذلك يسهم في أجواء الشحن والتوتير، دعت الجهات الرسمية المعنية إلى وضع ضوابط ومتابعة الأمر «لضمان عدم استمرار الوسائل المذكورة في نهجها التضليلي».

في هذا الوقت، وفي تسلسل لافت في مضمونه وفي إيقاعه الذي تكرر ليومين على التوالي، التقى أمس وفد من المحكمة الدولية أرملة الأمين العام الأسبق للحزب الشيوعي جورج حاوي، سوزي مادايان وابنته نارا، في مكتب المدعي العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا في قصر العدل في بيروت. استمر اللقاء مدة ساعة، أعلنت بعده ابنة حاوي أن الوفد أبلغها ووالدتها رسمياً ما أذيع في الإعلام أمس عن ترابط قضية اغتيال والدها بقضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري، وكذلك ترابط محاولتي اغتيال النائب مروان حمادة والوزير السابق إلياس المر بالقضية ذاتها. وقالت نارا حاوي لـ«الأخبار»، إن الوفد أبلغ العائلة أيضاً الإجراءات القانونية التقنية، ومنها أن لجنة التحقيق الدولية ستطلب من القضاء اللبناني رفع يده عن قضية حاوي وضمها للتحقيق الدولي، تمهيداً لإصدار قرار اتهامي خاص بهذه القضية، وعندها يصبح من حق العائلة تقديم ادعاء شخصي أو عدم تقديمه، رغم أن هذا الأمر لا يؤثر على سير المحكمة.

ورفضت حاوي التعليق على ما سمعته من الوفد «لأننا عرفنا بهذا الترابط من خلال التسريبات الصحافية، كما أن المحامي أبلغنا سابقاً بالإجراءات التي ستتخذها المحكمة الدولية». ورأت أن من المبكر الحديث عن موقف العائلة، والتعليق على الموضوع أو إعلان إذا ما كانت ستتخذ صفة الادعاء الشخصي أو لا، وذلك لأن العائلة لم تطلع على مضمون التحقيق. ونفت أن يكون الوفد قد تحدث عن الجهة المشتبه فيها، أو أن يكون قد أشار إلى أن الأشخاص الأربعة الذين اتهمهم المدعي العام الدولي بالتورط في جريمة اغتيال الحريري سيكونون هم أنفسهم المتهمين في اغتيال حاوي، لأن الحديث عن مضمون التحقيق يبقى بانتظار انتقال الملف كاملاً إلى المحققين الدوليين.

ويبدو أن جولات الوفد الدولي لن تنتهي قريباً، لأن الرئيس أمين الجميل قال في حديث تلفزيوني، أمس، إن «الإشارات الآتية تبين الترابط والتداخل» بين اغتيال نجله الوزير السابق بيار وقضية اغتيال الحريري.

وفيما المحكمة الدولية ماضية في إشاعة أجواء الترقب، عبر مسلسل التبليغات بالجملة والمفرق، ظهر الرئيس المغترب سعد الحريري، عبر بيان جديد، خالف فيه رئيس الجمهورية في نقطتين، قالهما الأخير في إفطار قصر بعبدا، حيث رأى أن أحداث المنطقة والترقب المرافق لمسار المحكمة الدولية لن يكونا سبباً لإثارة القلق لدى اللبنانيين، وأن تحديد وظيفة الحوار بالتوافق على سبل معالجة المسائل الخلافية العالقة «يعيد فكرة الحوار إلى نقطة الصفر»، وقال إن «الباب الوحيد للحوار يبدأ من حسم مسألة السلاح غير الشرعي، لا من المحاولات المعروفة لاستدراج قضية المحكمة الدولية الى طاولة الحوار من جديد».

لكن ما يريده الحريري باباً وحيداً للحوار، يرى الرئيس سليم الحص أنه لا «يصلح أن يكون مادة للحوار في حال عقد حوار وطني»، مشدداً على أن «السلاح المقاوم يبقى من المعطيات، لا بل من المسلّمات، ما دام العدو الإسرائيلي الغاشم يربض على حدودنا ولا يتورّع عن الاعتداء علينا».

السابق
الحياة: بلمار تجنّب الحضور إلى بيروت لأسباب أمنية والرابط بين الجرائم تنفيذي لتغيير وجهة لبنان
التالي
امتعاض من تأخر الأشغال عند مفرق قانا