المحضر السري 3.. الحريري للمعلم: يا إنت معنا يا ضدنا

في الحلقة الثالثة من المحضر السري للقاء الأخير الذي عقد بين الرئيس الشهيد رفيق الحريري ووزير الخارجية السوري وليد المعلم في قريطم قبيل استشهاده عام 2005، كشف الرئيس الحريري للمعلم " أن سوريا لم تعاملني كصديق، بل على أساس " يا انت معنا أو ضدنا". وقد أبلغ إلى المعلم "رسميا" أنه "سيستقيل مع نوابه إذا أقر القانون في المجلس النيابي". وفي وقت أقرّ المعلم أن "القلوب صارت معباية مع فرنسا"، حذره الحريري من أن موضوع الوجود السوري مطروح، فماذا ستفعلون؟" هنا نص الحوار في جزئه الثالث:

الحريري: هناك نقطة لم أفهمها، اتصل فاروق (الشرع) بموراتينوس الخميس صباحا .

المعلم: موراتينوس اتصل بفاروق وطلب منه تأجيل الجلسة 24 ساعة، هكذا قال لي.

الحريري: كان فاروق الذي اتصل بموراتينوس، ولا مصلحة في الكذب لأن ما حصل هو سبب معظم المشكلة، وقال له نحن نحاول التوسط مع الفرنسيين ولا يستجيبون، ونريد مساعدتك فقال موراتينوس أنا حاضر. فقال فاروق نحن من جانبنا لا نسير في التمديد في مقابل أن توقف فرنسا وأميركا قرار مجلس الأمن، على أن نتفاهم سوية بعدها على شخص رئيس الجمهورية ونبحث في الوضع اللبناني.

المعلم: والله أنا عندي خبر إن العكس هو الذي حصل.

الحريري: يخبر موراتينوس الفرنسيين ويُنقل الأمر إلى أميركا وغيرها من الدول، لقد علمت بهذه التفاصيل لاحقا، وقد ردّت 10 بلدان بالموافقة، في هذه الأثناء غيّر فاروق رأيه، وأبلغ إليهم أننا لا نستطيع وقف جلسة مجلس النواب، "بدكن تحكو مع نبيه"، فتحدثوا إلى نبيه، حتى لا يقولوا إن سوريا هي التي تتحكم بالموضوع، طلع نبيه "بهدل" موراتينوس وعقد جلسة في اليوم التالي وصوتنا مع التمديد ولم أكن أعلم بما حدث.

لماذا حصل ما حصل، كان القرار سيقف. هل اعتقد السوريون أنه لا يمكن إصدار قرار في مجلس الأمن، فوافقوا نهارا وعارضوا ليلا، لا أريد جوابا.

المعلم: لا أملك جوابا، انا استلمت هذا الموضوع حديثا، وقد أتيت لأتعلم.

الحريري: أنت أستاذ، ما هذا الكلام؟

المعلم: أقولها بصراحة، لا يمكن أن أتصور دورا إيجابيا سوريا في لبنان من دون الحريري ولا يمكن أن أتصور علاقة دبلوماسية خارجية تضر فرنسا، ماذا يجب أن نفعل الآن؟ فرنسا "تركلي ياها على جنب"، فهي صارت بعيدا "وصارت القلوب كتير معباية". ما يهمني هو أنت وبشار الأسد، لا شيء آخر نهائيا. ما الخطوات التي يجب اتخاذها لتزدهر هذه العلاقة مجددا من دون أجهزة.

الحريري: الأمور في البلد ذهبت بعيدا، لا يمكن إعادتها إلى ما كانت عليه من خلال cosmetic situation . لا رغبة لدي في أن أصبح رئيسا للحكومة، ويمكن أن تأخذ وعد شرف من رفيق الحريري، ويمكن أن تقول لي "إنت مش رجال إذا غيّرت"، لن أصبح رئيسا للحكومة إلا إذا قال لي بشار ذلك. وهذا الأمر يشكل ترجمة للقول إن لبنان لا يحكم ضد إرادة سوريا، لكن في الوقت نفسه أنا أريد أن أكون رئيسا للحكومة "en plein pouvoir" … وليس أن أكون رئيسا للحكومة وأكثرية مجلس الوزراء ضدي.

تقتضي مصالح البلدين أن نحدّدها معا ونتفق عليها معا، لا أن تعيّن سوريا "الكبير والصغير" في البلد. وأنا لم أصل إلى مرحلة "حاطط راسي براس بشار الاسد"، هذا كلام "فاضي"… إضافة إلى ذلك، نبني على هذه النظرية "لنخرب بيتنا وبيت العالم"، لماذا؟ لماذا لم يرسل في طلبي ويسألني حقيقة ما حصل.

المعلم: هذا ما كان يجب أن يحصل.

الحريري: لكنه لم يحصل، لم يستشرني في رغبته بالتمديد، لكنت أعطيته رأيي وسرت في رأيه. قال لي قرّرت، "وما تجاوبني، فكر ورجاع رد". هذا الكلام حصل بيني وبينه.

المعلم: صادق.

الحريري: أسمع كلاما عن أن حسني مبارك قال له (للأسد) إن شيراك قال له (لمبارك) أنني قلت لشيراك أنه "حطلي الفرد براسي"، (الأسد) أنا لم أقل ذلك. ممكن أن يكون شيراك قال هذا الأمر لحسني مبارك، لكن هذا تعبير يستعمله الأجانب ويعني انه فعل أمرا ما غصبا عنه.

هل هناك أحد في العالم لا يعرف أنني ضد التمديد وأنني قبلت بالتمديد غصبا عني. كما أن جماعتكم تقول، عندما يسألوهم لماذا تتعاطون بهذا الأسلوب مع الحريري وهو سار معكم في التمديد، "ليش هوي مدّد بخاطرو، مدّد غصبا عنه".

المعلم: يا عيب الشوم.

الحريري:…أنا أعرف أن سوريا ستتأذى من هذا الموضوع، لكنها لم تسألني ولم تسمع مني ولم تعاملني كصديق، إنما عاملتني على أساس "يا إنت معنا يا ضدنا" …دعني أسألك سؤالا يا وليد، لو كان هذا الملف في يدك، ألم تكن لترسل في طلبي وتسألني عن الموضوع؟

المعلم: طبعا.

الحريري: لكن أحدا لم يتصل. فنحن لسنا أطفالا، كنت اتصلت وقلت لي، يا أبو بهاء، هناك أشخاص "زعران" وراء هذا الموضوع، ونحن لا نصدق، كيف يمكن أن تساعدنا في هذا الموضوع؟ لكن هذا الأمر لم يحصل.

المعلم: في الفترة الأخيرة، كان فاروق "مستلم كل شي".

الحريري: …ما المطلوب مني؟ عندما يأتي إلي سفير هذا البلد أو ذاك ويقول لي السوريون يتكلمون هكذا، ماذا أفعل، هل أتصل بكم، لن أفعل. "ما بدا شي"، لماذا وليد المعلم أو فاروق أو مندوبك هنا لم يأت إلي ويقول يا أبو بهاء لم نعد نريدك رئيسا للحكومة، لكنت قدمت استقالتي في ربع ساعة. رأيتم كيف بعد التمديد، عندما قال لي رستم "مش ماشي الحال"، قدمت استقالتي، ماذا حصل هل أصدرت بيانات ونظمت مظاهرات؟ بقيت صامتا أربعة أشهر.

المعلم: وهذا الأمر أسجله لك.

الحريري: لا أريد ان تسجله لي. فلم أقم بهذا الأمر عن ذكاء. أنا أتصرف هكذا.

المعلم: طبعا ذكي.

الحريري: أكيد ذكي، وإلا لما وصلت إلى هنا. لكن لم أخطط لتركيبة.

المعلم: كيف سنعالج الموضوع، لا شك لدي في نظافتك.

الحريري: يجب أن يعرف الأخوان أننا نقدرهم ونحترمهم لكننا نحترم أنفسنا أيضا، فنحن تعرضنا للإهانة بكرامتنا وكل شيء. لماذا؟ لنفرض جدلا أن رفيق الحريري فعل هذا الأمر، لماذا تغير الآن وهو معنا منذ 25 عاما، لم يسألوا أنفسهم هذا السؤال. والكلام "الفاضي" الذي قيل عن أن مروان حمادة وغسان (سلامة) زاروا الحريري في سردينيا ووضعوا القرار 1559، من يقول هذا الكلام كأنه يقول نحن حاولنا قتل مروان حمادة، وهذه إحدى مشاكلكم مع وليد جنبلاط، "لأنو واصلّو كلام" إن مروان حمادة ذهب إلى سردينيا وكتب القرار 1559 مع الحريري. مروان حمادة لم يزر إيطاليا عام 2004 . "يا حرام الشوم".

المعلم: هو رجل وطني، أليس وليد جنبلاط رجلا وطنيا؟

الحريري: لماذا وصل وليد جنبلاط إلى هذه المرحلة؟

المعلم: له أسبابه.

الحريري: ما هي هذه الأسباب؟

المعلم: هناك سوء تصرفات في السابق لكن لا يجوز أن تستمر.

الحريري: لكنها مستمرة لا يمكن لسوريا أن تبني سياستها بناء على تقارير مخابراتية…في النتيجة، هناك العلاقة الشخصية بيننا وبينكم، وهناك الموضوع العام في البلد. لا يمكن أن تتصرفوا بعد اليوم على أساس "نيّمنا" المخابرات ووضعنا وليد المعلم في الواجهة، "هيدا الموضوع ما حدا قابضو".

المعلم: أعرف.

الحريري: إضافة إلى أن لا شيء يمنع أن "يفشلكم" الآخرون وبسهولة لأن هناك مصالح كبرى. لا يمكن أن تتخيل الوضع الحاصل، هناك مصالح مالية كبرى وقد دخلت الدول الكبرى في الموضوع لتلعب بيننا. موضوع الوجود السوري مطروح، فماذا ستفعلون؟ هل ستستمرون بالاستماع إلى فلان وفلان، هذا لن يحل القضية.

اتفاق الطائف، مقسوم إلى قسمين، قسم مرتبط بالعلاقة بين لبنان وسوريا، وقسم بالإصلاحات التي تشكل ضمانا. أثناء وجودي في الحكومة وأثناء حكومة سليم الحص، أعطي رئيس الجمهورية صلاحيات لم يكن يتمتع بها قبل اتفاق الطائف، وصرنا اليوم في موضوع القضاء (قانون الانتخاب) وهو سيؤدي إلى انتهاء اتفاق الطائف والعودة بالبلد إلى ما قبل العام 1975. إذا اعتمد القضاء مع التقسيم الراهن لبيروت سيأتيني بعدد نواب لم أكن أحلم به في حياتي، وأنا سأنزل في كل الأماكن التي يمكن أن أنزل فيها وأعتقد أنني سأربح، لكن إذا ربح رفيق الحريري سيخسر البلد وأنا لا أريد أن يحصل هذا الأمر.

المعلم: لهذا أنت مع المحافظة؟

الحريري: أنا لا أقول أمرا لا مصلحة لهم فيه، إذا كانت بيروت محافظة واحدة فأنا سأربحها بكاملها لكن إذا اعتمد القضاء فسأربح نوابا في الجنوب والبقاع والشمال، أما إذا اعتمدت المحافظة لا قدرة لي على ربح نواب في الجنوب والبقاع، نجاحي في الجنوب صفر وفي البقاع بسيط جدا، لكن حظوظي كبيرة مع القضاء أنت تعلم أن الشهادة بالقانون يفعلها رفيق الحريري أمام العالم بأكمله. إذا قلت إن القانون جيد، فالعالم كله سيقول أنه جيد،… وإذا قلت أنه عاطل … سيقولون عاطل، هل لديك شك في الموضوع؟

المعلم: أنا شخصيا كلا

الحريري: … إذا أقر القانون في المجلس النيابي، سأستقيل أنا ونوابي وأنا أبلغك رسميا.

السابق
الحناجر… وباي باي بشار
التالي
النهار: لبنان للمحكمة: لم نجد المتهمين الكهرباء تكهرب المجلس اليوم