مع الرئيس الأسد ستخرج سورية منتصرة على الفتنة الأخيرة …

 لأن سورية ليست ليبيا، ولا هي اليمن، فقد بقيَ جيشها، الوطني والقومي العقيدة، محافظًا على ولائه للدولة، التي لا تميّز بين طائفة وأخرى، ولا بين مذهب وآخر.
فالجيش العربي السوري، الذي تنامت عقيدته القتالية على مواجهة "إسرائيل" يوم كان الرئيس الراحل حافظ الأسد قائد قواته الجوية، قبل أن يصبح رئيسًا أعلى للبلاد، هو اليوم في عهدة نجله الرئيس بشار الأسد يحافظ على الخط القومي الذي لا يحيد عن مسلمات القوة والمنعة، ولهذا السبب لم تهزّه رياح التآمر الخارجي وهو اجتاز تجاربها بنجاح لوأد الفتنة، غير عابئ بالتضحيات في تصدّيه للمتسلّلين والمندسّين على أطراف الحدود.
ولم تثنِه الشعارات، المنسلّة تحت جنح المساجد، عن أداء دوره الوطني لإنقاذ سورية من أكبر إستهداف لوحدتها وولائها للقيادة برغم الحملات الإعلامية التي شُنّت على مهمّاته الأمنية لأنه يدرك، من خلال قياداته، حجم المؤامرة على بلاده من أجل إحداث شرخ طائفي بغيض، يناقض طبيعة النظام القائم على أُخوّة الجميع في بوتقة الدولة.
ولقد أعطت تجربة الحراك الشعبي في مصر مثلاً عن التحوّل الذي طرأ على ميدان التحرير، عندما رفع جماعة الإخوان المسلمين رايات الدولة الإسلامية، مِمّا إضطر شباب مصر إلى الإنسحاب من التجمّع الأخير، لئلاّ ينحرف مسار الإنتفاضة عن طريقه الديمقراطي التعدّدي بعيدًا من طروحات الدين في أنظمة الدولة.
لقد كان الرئيس بشار الأسد متنبّهًا، منذ اللحظة التي إندلعت فيها شرارات التحرّك في مناطق ذات حساسية طائفية، لهذا التوجّه المبيت، ولخطورته على مستقبل بلاده وأجيالها الجديدة، فحسم الأمر في التصدّي لهذه التحرّكات. قبل أن يستفحل أمرها وتُحوّل الساحة الداخلية إلى صدام طائفي لا يستفيد منه إلاّ العدو "الإسرائيلي" الذي يطمح إلى إقامة كيانات طائفية من حوله تتماهى مع كيانه العنصري الطائفي المتمثّل بالقومية اليهودية، وتبرّر قيام مثل هذه الدولة.
فاستهداف سورية هو إستهداف لعرين العرب، الذي وقف في وجه أعتى الهجمات على العراق عام 2003، وعلى لبنان عام 2006، وعلى غزة عام 2008. ولولا دعمه لحركات المقاومة في وجه هذه الهجمات، لأصبح الشرق الأوسط الجديد الذي بشّرت به وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كوندوليزا رايس، في متناول القوى الكبرى وتحت سيطرة الكيان العبري.
لقد عرف الرئيس بشار الأسد، أن بلاده معرّضة لِما عجز الغرب و"إسرائيل" عن تحقيقه بالحروب والفتن، فذهب رأسًا إلى وأد الفتنة في مهدها، واستطاع أن يضع حدًا لاستغلالها ساحة المطالب التي كان في طليعة المنادين بها، والعاملين على تحقيقها بسلسلة من الخطوات الإصلاحية، التي شرع بها منذ تسلّمه مقاليد الحكم عام 2000، إلاّ أن ظروف الحرب الأميركية على العراق سنة 2003، وما تعرّض له من ضغوط وأحداث في لبنان عام 2005، وما أعقبها من إعادة قواته إلى سورية، حالت كلها دون مضيه في هذا السبيل، برغم ما أحدثه من تحديث في إدارة البلاد وتحرير الإقتصاد من قيود التعامل في الإستثمارات والمشاريع المصرفية والإنشائية.
لم يكن الرئيس الأسد ليساوم على كل ما يمس بحقوق بلاده أو بالحقوق العربية، ولم يتنازل قيد أنملة عن دعمه لعناصر التصدِّي المقاومة للإحتلال "الإسرائيلي"، لأنه لو تنازل لَكان الدعم الغربي طوع بنانه.
ولأنه رجل دولة، فقد قاوم بمواقفه السياسية المتمسّكة بهذه المسلّمات كل إغراءات الترغيب والتهويل والوعيد، ما حمل الغالبية الشعبية في بلاده، والقوات المسلّحة في سورية على الولاء له برغم التشهير الإعلامي الذي حاول أن يقلب الوقائع لصالح خطة تستهدف النظام السوري المنيع.
وبرغم بعض المطالبات الخارجية بوقف حملة حفظ الأمن التي يقوم بها الجيش والقوى الأمنية، فقد ثابر الرئيس الأسد على التعامل مع أوكار الفتنة بالحزم والحسم، لأنه يدرك أنه لا بد من تأمين الأمان الداخلي من أي خرق خارجي، ليتمكّن من إفساح المجال للقوى الإيجابية في سورية من طرح الأفكار البنّاءة في هيكلية الدولة، وفي كافة القطاعات المدنية، وتلبية المطالب المحقّة في مناخ لا تسوده الفوضى التي تصرف الجيش عن واجبه القومي في الدفاع عن الحدود التي يتربّص بها العدو ويتحيّن الفرص للانقضاض عليها، متى سنحت له الفرصة.
إن سورية، التي خرجت من تحدّيات خارجية أكبر، هي اليوم أقوى من أن تنال منها الفتن المفتَعَلَة، لأن جيشها هو صمّام الأمان لخروجها من هذه الأزمة.
فمع الرئيس الأسد، ستخرج سورية منتصرة على الفتنة الأخيرة. 

السابق
الانتفاضة السورية والحرب الأهلية!
التالي
الوزير منصور: هل يعود “منصوراً” من دمشق… أم مقيّداً برزمة من الإملاءات؟