تكليف الشيخ مدرار يلقى اعتراضا في المنطقة والسبب انه من خارجها قرار تكليف مفتي صور ومنطقتها كشف أزمة العلاقة بين اطراف سياسية

 حتى كتابة هذه السطور، مازالت الاتصالات والاجتماعات تتواصل لتسوية الوضع بعد القرار الذي اصدره مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني والقاضي بتكليف مفتي جديد لمدينة صور ومنطقتها.
منذ نحو تسعة اشهر شغر موقع الافتاء في مدينة صور ومنطقتها بوفاة المفتي السابق الشيخ محمد دالي بلطة، بعدها بأشهر رُفعت عرائض موقعة من بلديات ومخاتير وفعاليات واندية وجمعيات المنطقة الى مفتي الجمهورية تطلب تعيين مفتي جديد من رجال الدين ابناء المنطقة.
يقول مصدر من ابناء المنطقة :"لم يلق مطلبنا اذنا صاغية وخصوصا ان قوى سياسية رفضت الأمر وأصرت على تعيين مفتي آخر من مدينة صيدا".

قرار المفتي
في اواخر شهر حزيران 2011 كلف المفتي قباني إمام جامع الشهداء في صيدا الشيخ مدرار الحبال للقيام بأعمال الافتاء في منطقة صور لمدة عام. وقد أثار القرار ردود فعل متباينة.
رأى معظم اهالي قرى صور السنية في القرار اجحافا بحقهم في اختيار مفتي المنطقة، حسب احد المصادر المطلعة :" الجزء الاكبر من الناس ضد قرار التعيين باستثناء بعض الموظفين في دار الافتاء وبعض رؤساء البلديات الذين على علاقة بآل الحريري".
ويضيف :" في بعض البلديات كان رئيسها مع قرار التكليف في حين نائب الرئيس ضد القرار، مثلا رئيس بلدية البستان عدنان الاحمد من المؤيدين للقرار في حين ان نائب الرئيس كامل الاحمد ضد القرار وقد وقع على عريضة تطالب المفتي بالعودة عن قراره. وهناك حالة اخرى فموقف رئيس بلدية الضهيرة فايز درويش ضد القرار لكنه اعتذر عن التوقيع لأن جهة ما وعدته بمشروع للقرية بقيمة 50 الف دولار في حين ان نائبه ابراهيم ابو ساري وقع على العريضة وكذلك رئيس بلدية يارين".
ويزيد المصدر: "أعتقد أن معظم الوعود سيكون عرقوبياً".
ويتابع المصدر موضحاً: "جرى طرح أسماء مختلفة حتى وصلنا الى قرار المفتي بتعيين شيخ نحترمه ونجلّه، لكنه في موقعه هذا بحاجة الى مرجعية سياسية اساسية لحركته وهذا هو المطلوب. وقد اتصل بالشيخ الحبال عدد من الاصدقاء لنصحه بالاعتذار عن التكليف حماية لنفسه من الوقوع في واقع يجهله ولكن حتى الآن لم تلق النصائح أي استجابة".

أسباب الاعتراض
يعترض معظم الاهالي على القرار، حسب المصدر المطلع، لأنه يصادر حقهم الشرعي والقانوني والعرفي بأن يكون المفتي من ابناء المنطقة، خصوصا مع وجود علماء دين ذوي علم وخبرة ودراية بالواقع، ويرى في القرار مصادرة لرأيه على مدى 40 عاما قادمة لأن التكليف في لبنان يعني التثبيت وليس من امل في التغيير بعد ذلك.

أهمية العريضة
ويرى المصدر ان لا اهمية قانونية للعريضة " بل لها وقع سياسي". " وسنحاول تحديد موعد مع الرئيس نجيب ميقاتي وسنذهب كوفد شعبي كبير لتسجيل اعتراضنا وذلك بعد الانتهاء من جمع التواقيع من جميع المراكز والهيئات المعنية".
وحول استلام المفتي المكلف لمهامه، يشرح المصدر ذلك بقوله :" ربما كانت التحركات المعارضة سببا لتأخر حضوره، ويجري الحديث بأن يحضر الى صور يوم جمعة ليؤم المصلين وهي بداية ضعيفة لأن الاصل ان يكون حضوره في احتفال رسمي وشعبي يليق بمقام المفتي. لأن موقعه ليس محصورا بالوعظ والارشاد فحسب بل هو موقع سياسي اصلا".
وعند السؤال : لماذ التشديد بأن يكون المفتي من ابناء المنطقة؟ يجيب المصدر :" كل المفتيين في لبنان من ابناء مناطقهم وآخرهم مفتي منطقة راشيا الشيخ الدكتور أحمد اللدن".
ويضيف: "إن قرار المفتي قباني يتضمن تجاوزات قانونية، فالقرار لا يلتزم بشرط السن (40 عاماً) ولا بالشهادة الشرعية، فالشيخ الحبال يحمل اجازة في الحقوق وتابع دراسته في كلية الدعوة الاسلامية في بيروت وهي كلية غير معترف بها رسميا، والمفتي قباني رفض توظيف خريجيها في دور الافتاء، فإذا به يكلف من يحمل شهادتها بموقع الافتاء. وقد جرت العادة ان يكون المفتي خريجا من كلية الشريعة الاسلامية أو من الأزهر الشريف".
ويختم المصدر كلامه: "اعتراضنا ليس على الشيخ مدرار الحبال الذي نحب ونحترم، ونرتضيه ونقبل به اماما لمسجد الشهداء في صيدا، لكن لا نقبل ان يكون مفتيا لصور ومنطقتها وننصحه بالاعتذار".

الشيخ الحبال
وحاولنا الاتصال عدة مرات بالمفتي المكلف مدرار الحبال لكنه وبعد اعطائنا مواعيد للاتصال مجددا، اعتذر عن المقابلة واعطاء الرأي بالموضوع ووعد بلقاء آخر فيما بعد.

تيار المستقبل
وبعد توجيه الشبهة نحو تيار المستقبل والنائب بهية الحريري بأنهما وراء قرار التكليف، يوضح منسق تيار المستقبل في الجنوب د. ناصر حمود بأن قرار التكليف يصدر عن مفتي الجمهورية اللبنانية " ولا علاقة لنا به ولا نعلق عليه ونعتبره امرا واقعا وهذا ما يشرح موقفنا".
ويعترض د. حمود على استخدام تعبير ان الاكثرية ضد التكليف :" ما تقول عنهم اكثرية، هم بعض الاشخاص وبعض العلماء، واريد ان اؤكد ان تيار المستقبل لم يكن له دور اساسي، بل كنا كالآخرين لنا دور استشاري".

تأييد القرار
ويؤيد د. حمود القرار بسبب " ان المنطقة حساسة وان تعيين اي رجل دين من ابناء المنطقة يمكن ان يزيد من حساسيتها، والافضل ان يكون المفتي غير مسيس حتى يستطيع جمعها حوله، وخصوصا ان قرار التكليف هو لمدة عام واحد، وبعدها يجري انتخاب مفتي للمنطقة فيترشح من يريد ويفوز من يستطيع. اننا نمر بمرحلة صعبة ولا نريد شرخا في المنطقة".

مواصفات المفتي
ويزيد د. حمود: "إن المفتي الحبال شخص متزن بعيد عن كل التيارات والتجاذبات السياسية والاجتماعية وهو قادر على تجميع اهالي المنطقة".
وحول الحديث عن مسؤولية النائب بهية الحريري عن قرار التكليف يوضح د. حمود: "أن أيّاً كان لم يطرح الموضوع مع النائب الحريري وجها لوجه، لا كعلماء من المنطقة ولا كجماعة إسلامية".
بعد هذه اللقاءات، حصلت اجتماعات بين تيار المستقبل والجماعة الاسلامية إلا أن الطرفين لم يتوصلا إلى حل للأزمة التي أطلقها قرار المفتي.

(كادر)
نص العريضة
نحن الموقعين امضاءنا ادناه رؤساء بلديات ومخاتير ورؤساء جمعيات من أبناء الطائفة السنية في صور ومنطقتها نؤكد على ما يلي :
أولاً: الاستنكار والرفض المطلق للقرار المفاجئ بتكليف مفتٍ لصور ومنطقتها من خارج القضاء والذي تجاهل مطالب الأهالي بضرورة أن يكون المفتي من أبناء صور ومنطقتها.
ثانياً: نعلن مقاطعتنا التامة لأي مفتٍ من خارج القضاء لما فيه من مصادرة لحقوقنا التي ضمنتها القوانين المرعية الإجراء.
ثالثاً: نطالب المراجع المعنية بالرجوع عن قرار التكليف وتصحيح الخلل بأسرع وقت لأنه الضامن الوحيد لوحدة الصف السني وتماسكه في صور ومنطقتها في هذه الظروف الاستثنائية التي يمر بها لبنان.
رابعاً: إن تجاهل هذه المطالب سيدفعنا إلى سلسلة من الخطوات التصعيدية يعلن عنها في حينها.
 

السابق
لا سوريا تغيرت ولا العالم!
التالي
عن زيارته لمصر في الوقت الحالي السيّد علي الحكيم: إنّ مصر ضرورة عربية وإسلاميّة على الدوام