تيس نجران وشهر الرحمة

 أقبل علينا شهر رمضان، شهر الخير والرحمة، ونبارك للأمة الإسلامية قرب حلول الشهر الكريم الذي يعم فيه الخير وتتجه فيه قلوب المسلمين كافة إلى العبادات والطاعات تاركين ملذات الدنيا وشهواتها وراجين من الله العفو والمغفرة،

فنسأل الله أن يتقبل صالح الأعمال من الجميع ويغفر لنا ولهم إنه سميع مجيب.ونتمنى أن يدرك الجميع أن هذا الشهر ليس استثناء من باقي أشهر السنة الواجب بأن تكون فيها العبادة والطاعة والتحلي بالأخلاق الحسنة التي أمرنا بها ديننا الحنيف،

بل هو تكريس لهذا المفهوم الإسلامي الكريم والذي يجب أن يستمر خلق المسلم فيه على باقي أيام العام.

هنا تقع مسؤوليه كبيرة على أئمة وخطباء المساجد في تغيير الخطاب الوعظي والإرشادي لهم خلال هذا الشهر بخطاب يلامس قلوب المصلين بالمساجد – التي تمتلئ خلال هذا الشهر الكريم – بخطاب عصري وفكري يلمس ما نحن عليه وما يحتاجه واقعنا، فتلك الخطب المبكية والمحذرة من عذاب الآخرة والمبشرة بالجنة بتصوير قديم خرافي ومبالغ فيه،

لم تعد تجدي بل أصبح الجميع يحفظها من كثر ما سمعناها وما ترددت على مسامعنا منذ الطفولة، فالخطاب يجب أن يتحول إلى خطاب تنويري يدعو للتفكر وكذلك يجب أن يعالج قضايا الوطن الكبيرة التي جعلت للفساد الأخلاقي وجودا بيننا،

ولا أقصد بالأخلاقي هنا ما يهوى التحدث عنه بعض الوعاظ بالغالب من علاقة الرجل بالمرأة وهكذا أشياء لا يجهلها الطفل، فما بالك بشباب واعي، لكن أقصد الفساد بكافة أنواعه، السياسي والاقتصادي والاجتماعي والإداري، وكذلك عليهم أن يسعوا لبث خطاب التحفيز لطلب العلم والإبداع في كافة المجالات التي تساعد في رقي المجتمع،

وأن يكون الخطاب كذلك تسامحيا وسطيا يدعو للتقارب وينبذ العنصرية والتطرف، فأساليب بعض الوعاظ بالتلاعب على أوتار الطائفية من أجل الشهرة، ولبساطة مثل هذا الخطاب وسذاجته، أصبحت مقرفة ومقززة ولا يقبلها المتلقي المدرك لما يجب أن يكون عليه المجتمع من تلاحم وتآخي.

وكذلك نتمنى أن يكون لمسلسل (طاش ما طاش) وبعض أطروحاته وقضاياه الاجتماعية الهادفة التي يطرحها بشكل ساخر من خلال حلقاته التي تعرض في شهر رمضان وجودا في المساجد من خلال نقاشها بعقلانية وتسليط الضوء عليها وعلى كيفية إيجاد الحلول لبعض القضايا الهامه التي تطرح فيه ولو كانت نقدا لبعض تصرفات مجموعة من المطاوعة،

فليس عيبا أن يعترف الإنسان بعيوبه ويسعى لحلها ومناقشتها بصوت مسموع فهنا يكسب ثقة الجمهور بدلا أن يخصص بعضهم خطبا من الآن لتكفير ممثلي المسلسل والتحذير منه، رغم أن تحذيراتهم لم تجدي طيلة الأعوام الماضية، بل على العكس أصبح المسلسل وجبة أساسية بشهر رمضان، فعليهم أن يدركوا ذلك ويعترفوا بالقصور – فالكمال لله – ويسعون لحله والتحذير من الوقوع فيه.

وأخيرا سأطرح لكم قضية تيس نجران الذي نشر كخبر في صحيفة عكاظ: “تورط شابان في وضع تيس على سرير من أسرة قسم الطوارئ التابع لمستشفى حكومي في نجران، ليطلبا بعد ذلك من الأطباء تشخيص حالة التيس،

لكن فعلتهما هذه انتهت بهما إلى التوقيف في الشرطة. وأوضح مصدر أمني مطلع في شرطة منطقة نجران أن الحادثة وقعت عند الخامسة من فجر أمس، مشيرا إلى أن الشابين لم يتجاوبا مع حراس الأمن في المستشفى بداعي ضرورة إنقاذ حياة التيس”.

ومتابعة الخبر تقول أن الشابين أطلق سراحهم بكفالة عقب يومين من توقيفهم، وأحيلت قضيتهم إلى المحكمه للنظر فيها، ولا أعرف على أي قانون سيستند قضاءنا للحكم، خصوصا أننا مقبلين على شهر الرحمة،

فأين نحن من الرحمة ونحن كمسلمين لم نأبه لحالة مرضية لحيوان، وبدلا من أن يتم نقل التيس على سيارة الإسعاف لعلاجه في عيادات بيطرية،

تم سجن من حضر به، وربما أن التيس أصبح وجبة “مقلقل” لموظفي المستشفى ذلك اليوم.صحيح أن مستشفياتنا لم تقدر أن تعالج الإنسان، وغالباً ما يضطر المريض إلى البقاء دون سرير لعدة أسابيع حتى يتوفر له ذلك،

وربما يموت خلال فترة انتظاره أو في حالة وجوده على السرير قد يقتل بسبب خطأ طبي من طبيب نكتشف فيما بعد أنه سباك بالأصل ومزور لشهاداته، لكن تمنيت أن الرحمه حضرت في قلوب العاملين بالمستشفى وبأقسام الشرطة بخصوص التيس، لنؤكد أننا نعرف شيئا اسمه الرحمة 

السابق
«قبل الشاه وبعده» لا فرق.. «قبل صدام وبعده» لا فرق
التالي
الشيطان هو الممول لنا جميعا!