علي فضل الله كرم ناشطين دوليين أعادوا القضية الفلسطينية إلى الواجهة

 كرم العلامة السيد علي فضل الله، النائب البريطاني السابق جورج غالاويه، وفريق الناشطين الدوليين الذين ساهموا في "أسطول الحرية"، ووفد جمعية "فيفا فلسطين"، في عشاء أقامه على شرفهم في قرية الساحة التراثية ـ طريق المطار.

وتخلل التكريم كلمة لغلاويه تحدث فيها عن المرجع الراحل السيد محمد حسين فضل الله، مشيرا إلى أن "هذا الاسم قد تماهى مع عناوين الكرامة والشرف على مستوى العالم كله، وليس في العالم الإسلامي وحده".

وأضاف: "إن اسم فضل الله سيظل مشرقا في سماء العالم"، مؤكدا أن ما "تعلمه الناشطون الدوليون من فكر السيد فضل الله، وما عاينوه في لبنان، هو بمثابة درس دائم في الحياة، لأنه درس الدفاع عن الحق والكرامة".

فضل الله

وألقى العلامة السيد فضل الله كلمة جاء فيها: "أن تكون مع فلسطين، هو أن تكون إلى جانب الحق والعدل، وأن تقف في مواجهة الظلم، وأي ظلم أشد من طرد شعب كامل من أرضه؟
أن تكون إلى جانب فلسطين، هو أن تعيش إنسانيتك في القول والعمل، فتقف إلى جانب الإنسان، هذا الإنسان الذي حرم أبسط حقوقه في العيش بكرامة وحرية على تراب أرضه ووطنه، كما تحيا كل شعوب العالم في أوطانها، عزيزة حرة كريمة.
أن تكون مع فلسطين، هو أن تعيش آلام شتات هذا الشعب ومآسيه والموزع في العالم ظلما وعدوانا، وأن تقف معه، وأن تحمل نكبته، لتستفز هذا العالم، كل العالم، بمآسيه وبجراحه وبدمائه، لعل ذلك يعيد إليه بعض إنسانيته تجاه آلام الإنسان وقضايا الإنسان المنتهكة في أكثر أرجاء الأرض".

واضاف: "إن ما يجري في فلسطين هو عمل دائم ومستمر لمسح الذاكرة الفلسطينية، بعدما هود المغتصبون كل الأرض التي عاش عليها هذا الشعب، فصارت الأسماء غير الأسماء، أسماء المدن والقرى كلها تغيرت، كذلك أسماء الأشياء، كل الأشياء.
منذ ما يزيد على الستين عاما، والخطة المرسومة دوليا، وفي كثيرٍ من الدوائر الإقليمية، هي أن تذوب فلسطين وتتلاشى، وأن يكبر الكيان الصهيوني ويتضخم، ليصبح هو الحقيقة في قلب المنطقة".

وتابع: "كان الهدف أن يسقط شيء اسمه الشعب الفلسطيني، وألا يتحدث العالم كله عن هذا الشعب، وأن يصار إلى جمع يهود الشتات في مكانٍ زعموا أن أجدادهم كانوا فيه قبل ثلاثة آلاف سنة، وألا ينظر ما يسمى العالم المتحضر إلى معاناته إلا من خلال قرارات خجولة لا تقبل التنفيذ".

وقال: "لقد ساعد خذلان الأنظمة العربية وتواطؤ النظام الدولي ومجلس الأمن الدولي، على تهميش قضية الشعب الفلسطيني، وحاولوا خداع هذا الشعب في أكبر عملية تزوير للتاريخ، لتبرز الضحية بثوب المجرم، وليغدو الفلسطيني المدافع عن حقه إرهابيا.
ولذلك، فإن قيمة ما تتحركون به كناشطين دوليين، حاملين لواء الدفاع عن الشعب الفلسطيني المظلوم، وساعين الى فك الحصار عن غزة بوابة لفلسطين كل فلسطين، أنه يأتي في السياق المعاكس لهذه اللعبة الدولية، التي حاولت شطب الشعب الفلسطيني، وسعت إلى تصوير المسألة مشكلة أمنية، متجاوزة العمق السياسي الذي تمثل بالاحتلال وبنتائجه، التي منها البطش والقتل والاغتيال والمجازر والحصار".

واضاف: "إن أهمية هذه الحركة التي انطلقت في "أسطول الحرية"، وصولا إلى سفينة الكرامة، وإلى الشخصيات والناشطين الذين أوقفهم العدو في مطار تل أبيب، وعمل على طردهم أو ساقهم إلى السجون، إن أهمية ذلك، تكمن في أن هذه الحركة أعادت القضية الفلسطينية إلى الواجهة الإعلامية، وإلى البدايات وقلب الأحداث.
وإذا كانت إسرائيل نجحت بفعل التواطؤ الدولي والإقليمي، في منع المتضامنين الأجانب من الوصول إلى قلب الضفة الغربية وإلى غزة، لمناسبة الذكرى السابعة لصدور الفتوى القانونية لمحكمة العدل الدولية في لاهاي، والتي تؤكد أن لا شرعية للجدار العنصري الفاصل، ولكن هذا النجاح يمكن أن يتحول إلى فشل عبر إصراركم على إحراج هذا الكيان، وإبرازه للعالم بصورته العنصرية والوحشية التي لا تحترم أعرافا دولية، ولا تقيم وزنا لاتفاق جنيف ولكل ما يتصل بحقوق الإنسان، وخصوصا إذا كان هذا الإنسان فلسطينيا أو يدافع عن حقوق الفلسطينيين".

وتابع: "لقد أوضحت حركتكم للعالم، أن الشعوب الأوروبية تحمل من خلال هذه النماذج التي تمثلونها، حسا إنسانيا عاليا، وعاطفة جياشة تجاه الآلام الإنسانية، وأن وقوفكم إلى جانب شعب فلسطين، يمثل تحسسا رائعا ونبيلا تجاه الآلام الفلسطينية، وأن مسؤوليتنا جميعا أن تعم هذه الروح الإنسانية ربوع أوروبا وأميركا، لتعود إلى الحق قوته مقابل حق القوة، ويعود إلى العدالة تأثيرها في مقابل الظلم الذي تجسد بأبشع صوره في فلسطين".

وقال: "إننا في الوقت الذي نحيي فيكم هذا الحس الإنساني الرائع الذي يعبر عن درجة عالية من المسؤولية تجاه شعب مظلوم ومحاصر، نحيي عزمكم وصمودكم، وإصراركم على معاكسة كل هذا الواقع الدولي، وعلى تجاوز كل هذه الجبال من الضغوط، الساعية الى ثنيكم عن مواقفكم الداعمة لقضية الشعب الفلسطيني، والعاملة على كسر حلقة الحصار الظالمة عن غزة ومن ورائها كل فلسطين، التي تتعرض لأبشع عملية عقاب جماعي في التاريخ، ونؤكد عليكم الاستمرار في هذه المسيرة، لايجاد واقع جديد تطل من خلاله شعوبنا على فجر الحرية، لنبني معا حضارة للانسان المعذب المضطهد، يشترك في تشييدها الشرق والغرب، لنرفع عنه أغلال الاحتلال والحصار، ونعيده إلى آفاق الضوء بعد ضمان حقوقه الإنسانية كاملة، ليستعيد دوره في عملية بناء الأمم، وليشارك في صناعة هذا العالم على الصورة التي أرادها موسى وعيسى ومحمد. صورة الإنسان التي أرادت الأديان كلها أن ترفع من شأنه، ليعطي الحياة إبداعا، ويزرع فيها آمالا بدلا من زراعة الإرهاب والقتل والاحتلال".

وأضاف: "تحية لكم يا من خرجتم من نمطية التفكير الذي أراد صانعو السياسات الاستكبارية أن يعلبوا تفكير العالم في إطاره. إننا معكم نستحضر مشهدا إنسانيا رائعا، يتعالى على كل الفئويات والعصبيات والانتماءات، في سبيل إعلاء كلمة الحق ونصرة قضية محقة".

وختم: "إننا نرى في مسعاكم أملا جديدا لمستقبل أكثر عدلا ومسؤولية وإنسانية، نحن معكم، وندعو الله لكم بالتوفيق".
 

السابق
صديق حقيقي.. لنذكر مبارك
التالي
جنبلاط: لتحصين الوضع الداخلي وتوسيع حلقة الحوار في بكركي