اسمعوا منهم وتعجبوا..!؟

توقفتُ طويلاً أمام تصريح لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وملخص ما تقول فيه «إن الرئيس السوري بشار الأسد فقد شرعيته، ومن يقول إنه لا يمكن الاستغناء عنه؟»، وكان سبقها الرئيس الأميركي باراك أوباما بكلام دائماً ما يتكرر له على تحديد مصير الرئيس اليمني علي عبد الله صالح وقبله الرئيس المصري حسني مبارك والرئيس التونسي زين العابدين بن علي، وأيضاً «العقيد» الليبي معمر القذافي مهما يكن موقفنا من هذا المجرم خاطف الإمام موسى الصدر.
كما توقفتُ كثيراً أمام التصريح الفرنسي الذي يقول إن ما سمّاه «اعتداء» المواطنين السوريين على السفارة الفرنسية هو خرق للأعراف الدبلوماسية!
توقفتُ كذلك كثيراً عند إطلاق حرس السفارتين الأميركية والفرنسية النار والقنابل المسيلة للدموع على المواطنين السوريين الذين كانوا يتظاهرون أمام السفارتين، وتعجبت من احتجاج واشنطن أماما سفير سورية فيها، على احتجاج الشعب السوري على تدخلها في بلاده.

من أعطى الأوامر لهؤلاء بإطلاق النيران؟ ألا يُعتبر ذلك في نظر كلينتون اعتداء على أمن المواطن السوري وتخريباً للاستقرار وتشجيعاً للمعارضين على القيام بما يحلو لهم في سورية؟

ماذا نقول عن محاولات الإدارة الأميركية ومعها الاتحاد الأوروبي وحتى فرنسا، وضعَ العراقيل أمام الحكومة اللبنانية الجديدة برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، عبر الضغط عليها في موضوع المحكمة؟ وهي الحكومة الشرعية والدستورية التي أتت نتاجاً للديمقراطية.

حقاً، لم يعد هناك حياء لدى أميركا خصوصاً وهذا العالم عموماً الذي يدعو نفسه «متحضراً» وهو البعيد عن ذلك كلَّ البعد، والدليل ما فعلته أميركا وما زالت تفعله في العراق وما تسميه «إعادة الديمقراطية» إليه متناسية ما ألحقته بالمواطنين العراقيين في سجن أبو غريب… لماذا لا نرى مثلاً ما فعلته أميركا بالسودان مقسمة إياه إلى دولتين؟ ويا للعجب! أول المعترفين بالدولة الجديدة كانت «إسرائيل» التي هللت وعرضت «المساعدة» لأن «حلمها» تحقق.

وتأتي كلينتون لتقول «إننا لا نتدخل في الشؤون الداخلية لأي بلد ونريد «الحرية» للشعوب». لكن نسألها، هي ووزير الخارجية الفرنسي، ماذا فعل سفيرا بلديهما في دمشق؟ ومن سمح لهما بزيارة مدينة حماه «المتوترة»، الذي يحاول الجيش السوري إعادة الهدوء والنظام إليها؟

ليست بقليلة أهمية أن يتظاهر المواطن السوري أمام سفارة أميركا وفرنسا (وغيرهما من السفارات) في عاصمته مطالباً بطرد السفيرين لأنهما تجاوزا الأعراف الدبلوماسية والدولية.
وهنا لماذا يركز الإعلام الأميركي خصوصاً والإعلام الغربي وطبعاً معه الإعلام «الإسرائيلي» عموماً على التظاهرات اليومية التي في أكثرها مركبة تقنياً وفنياً؟

لماذا لا يشير هذا الإعلام إلى الاعتداءات التي يتعرض إليها بشكل متواصل الجيش السوري من الخارجين على القانون، ومن يزود هؤلاء بالأسلحة ومن يشجعهم على الاستمرار في التحرك؟
بعد تقسيم العراق والسودان، أي دولة تنظر إليها أميركا الآن لتقسيمها، مصر أم اليمن أم سورية تنفيذاً للمخطط الأميركي الصهيوني القاضي بتقسيم الدول العربية إلى دويلات طائفية عنصرية خدمة لـ«إسرائيل».

فيا أيها العرب، خصوصاً في الخليج، أين أنتم من هذا المخطط الرهيب، تحذّركم أميركا من «عدوكم» إيران، وتبيعكم أسلحة دفاعية قديمة بمليارات الدولارات تدّعي أنها متطورة، بعد إعادة ترميمها، لأنها ممنوع عليها «إسرائيلياً» أن تبيعكم أسلحة جديدة وحديثة وتحثّكم على مقاتلة إيران التي «لا تريد لكم الخير» كما يقول الأميركيون للمسؤولين الخليجيين.

والسؤال الأخير، لماذا ممنوع على لبنان تزويد جيشه بالمعدات القتالية الحديثة من طائرات حربية وغيرها؟

على أي حال، إن معادلة الشعب والجيش والمقاومة في لبنان وصمود الشعب السوري في سورية تحت قيادة الرئيس بشار الأسد هما اللذان سيردّان على كل هذه الاعتداءات الأميركية والدولية وهما اللذان سيُفشّلان المخططات الصهيونية ــ الأميركية.

السابق
تغييرٌ عربي لصالح متغيّراتٍ دولية!
التالي
إطلالة الحريري: جميلة أنت.. لو لم تتكلمي