أين السيادة اللبنانية من جواسيس حزب الله؟

أعلن الأمين العام ل¯"حزب الله" حسن نصر الله أن حزبه اكتشف ثلاثة جواسيس ضمن أعضائه, بينهم اثنان جندتهما المخابرات الأميركية, والآخر على علاقة باستخبارات أوروبية, مشيراً إلى أن تجنيد هؤلاء جرى منذ خمسة أشهر. وقال نصر الله ان عملاء المخابرات المركزية الاميركية (CIA) الذين جندوا الجواسيس يتمتعون بحماية ديبلوماسية من السفارة الاميركية في بيروت. واتهم المخابرات الاميركية بتجنيدهم نيابة عن اسرائيل.
واكتشاف جواسيس في لبنان أمر غير نادر, لكن هذه هي المرة الاولى التي يقر فيها "حزب الله" الذي يفتخر بقدرته على منع التسلل الى صفوفه بأنه تعرض للاختراق. وفي الخطاب نفسه قال حسن نصر الله دفاعا عن الحكومة أن حكومة نجيب ميقاتي هي صناعة لبنانية 100 في المئة وأنه لم يكن هناك أي تدخل خارجي مساعد لتشكيل الحكومة, لكنه أقر بوجود "إعاقة خارجية", معتبراً "أنها من المرات النادرة التي تتشكل حكومة صناعة لبنانية".
لست ادري اين سيادة الدولة اللبنانية والحكومة اللبنانية في نشاط يمس الأمن الوطني اللبناني بالصميم, يمارسه "حزب ميليشيا" بينما السلطة الرسمية غير قادرة على أن تمارس اختصاصها الدستوري والقانوني, فبأي حق يحتفظ "حزب الله" وهو مجرد "حزب" وليس "سلطة دولة ولا جهاز امني حكومي" بأشخاص متهمين بالتجسس على شأن لبناني? "إذا افترضنا أن "حزب الله" شأن لبناني!", وليس إيرانياً, أين سيادة الدولة اللبنانية في تصرفات "حزب الله" الذي يتصرف ك¯ "سلطة دولة", وليس كتنظيم حزبي يفترض أن يحترم سيادة الدولة اللبنانية. لا نتكلم عن سلاح "حزب الله" الخارج عن الشرعية ولكننا نتكلم عن اختصاص قضائي امني حصري للدولة اللبنانية كيف يمارسه "حزب"?
لقد قال حسن نصر الله ان الأجهزة التابعة للحزب تقوم بالتحقيق مع المتورطين بالتجسس, وعلى افتراض أن هؤلاء المقبوض عليهم هم جواسيس فعلا وثبتت التهمة بحقهم, هل ستصدر محاكم حسن نصر الله الجزاء بحقهم? وربما يتم تنفيذ الإعدام في منشآت "حزب الله"?
أليس من حقنا أن نتساءل أين السيادة اللبنانية?
وإلى أين يقود "حزب الله" الدولة اللبنانية المخطوفة؟
ومن الذي يحكم لبنان? ومن الذي يقود لبنان? الحكومة والدولة أم دولة حسن نصر الله؟

أعتقد أن "حزب الله" يعيش هذه الايام في دوامة أزمة داخلية, ومنعطف خطير, ومحنة بالغة الصعوبة, فمجموعة من قيادات الصف الأول للحزب ومن كوادره المتقدمة وجَّه اليها زعيم الحزب حسن نصر الله تهمة التعامل والتخابر مع "سي آي أيه" والمخابرات الإسرائيلية! وانها عناصر متآمرة على مسيرة "حزب الله" بتعاونها مع جهاز مخابرات أجنبي سواء كان إسرائيلياً أم أميركيا.

كما كان الموقف المنحاز المفضوح لحسن نصر الله مع النظام السوري وتأييده للنظام في مواجهة الشعب السوري المنتفض, ليس بالموقف الكلامي فقط, بل من خلال المساهمة الفاعلة والحقيقية في قمع المتظاهرين السوريين وهذا ما أثبتته الوقائع من المدن السورية, فكان هذا الموقف ضربة قاصمة للملايين من أنصار الحزب سابقا ممن آلمهم هذا الانحياز الطائفي المفضوح والمعلن لحسن نصر الله مع حاكم يقتل أبناء شعبه, فاهتزت صورة "حزب الله" لدى ملايين المخدوعين في العالمين العربي والاسلامي وفي كل انحاء العالم, فحزب يدعي الممانعة والمقاومة والدفاع عن مصالح الجماهير, كيف يقف مع القتلة وساحقي الشعوب؟

ثم جاء القرار الظني للمحكمة الدولية الخاصة ليزيد من حالة الإرباك الداخلي التي يعيشها "حزب الله", على المستويين الأمني والتنظيمي, معضلة داخلية كبرى من خلال توجيه الاتهام من المحكمة الدولية الى مجموعة من قياديي "حزب الله" بالضلوع والتورط في عملية اغتيال الشهيد رفيق الحريري. وبالتورط في عمليات الاغتيال المتعددة التي أصابت لبنان والشعب اللبناني في الصميم.

وسط هذا الإرباك والتشرذم الذي يعيشه "حزب الله", طلع علينا حسن نصر الله, وهو يتصنع الابتسامة ويحاول اظهار نفسه وحزبه بمظهر المتماسك القوي, في خطابه العتيد "لن يكون في الإمكان توقيف المتهمين من "حزب الله" لا في 30 يوما أو ستين أو ثلاثين سنة أو 300 سنة)", فباي منطق تسمح الدولة اللبنانية بهكذا تحد, ويتناسى نصر الله ان لبنان الدولة والحكومة هو الذي قد وقع على اتفاقية صادق عليها البرلمان اللبناني للتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية الخاصة, وان المراجع الامنية اللبنانية ليس امامها سوى الامتثال للقرار الدولي, وتنفذ اوامر الاعتقال منعاً للفتنة وصوناً للعدالة وحمايةً للسلم الأهلي وحفاظاً على هيبة الدولة ولحماية لبنان من العقوبات الدولية في حال التلكؤ
.
ختاما نقول: إذا كان حزب نصر الله اعترف علنا انه يمتلك جواسيس للمخابرات الاميركية والاسرائيلية, فلم لا يكون يمتلك قتلة لرفيق الحريري وغيره? ليس في الامر اي غرابة!

السابق
الحياة: سليمان يقول النسبية تؤمّن التمثيل الشعبي وتحافظ على ميثاق العيش المشترك
التالي
إشاعات مضادة للثورات العربية