14 آذار سيطول أمد انتظاره على عتبة الحكم

تنطلق العجلة الحكومية في بحر هذا الاسبوع في اتجاه مقاربة الملفات الداخلية المتراكمة، على أن تكون باكورة إنتاجيتها يوم الخميس المقبل، حيث ستصدر عن الجلسة الأولى لمجلس الوزراء دفعة من التعيينات التي لا تحتمل التأجيل، كمنصب المدير العام للأمن العام، وتمديد ولاية حاكم مصرف لبنان، وتعيين رئيسٍ للأركان في الجيش اللبناني. وفي هذا المجال أكد مصدر وزاري أن هذه التعيينات ستكون خطوة أولى على طريق مشوار طويل في ما خص ملء الشواغر في الادارات العامة، والتي وصلت إلى حدود الـ 57 بالمئة، موضحاً أن نائب مدير المخابرات في الجيش اللبناني العميد عباس ابراهيم سيُعين مديراً عاماً للأمن العام، على أن يبقى رياض سلامة في موقعه حاكماً لمصرف لبنان، ويعّين العميد وليد أبو الحسن رئيساً للأركان، أو عميد آخر من آل سليمان.
وفي تقدير المصدر الوزاري، أن لا عقبات منتظرة أمام العمل الحكومي، وأن الصراخ الذي سينطلق من هنا أو هناك، سيبقى صراخاً في واد، ولن يكون له أدنى تأثير على مسيرة العمل التي ستبدأ بترتيب البيت الداخلي من خلال نفض الغبار عن ملف التعيينات الإدارية، الموضوع على رف الانتظار منذ سنوات، بفعل الخلافات السياسية التي كانت تضرب البلاد، إضافة إلى مرض الفساد الذي استوطن الادارات لسنوات طويلة، وآن الاوان لطرده ورفد الوزارات والمؤسسات العامة بدم جديد لمواكبة عصرنة الادارة وبلوغ مصاف الدول التي سبقتنا بخطوات كبيرة في هذا المجال.
وحول ما إذا كانت الحكومة ستتأثر بالمناخ السياسي الذي ترجم عبر الجلسات مناقشة الثقة، يسارع المصدر الوزاري إلى التأكيد بأنه في كل يوم يمر تُرسّخ الحكومة أقدامها ومعها الأكثرية، مقابل تراجع المعارضة خارج الحكم، خطوات إلى الوراء، فالحكومة أقلعت، والوضع الداخلي ممسوك إلا في حال حصول تطور دراماتيكي غير موضوع في الحسبان، يكون ناجماً عن التطورات التي تعصف بالمنطقة.
لكن المصدر يعود ليستدرك قائلاً إن المعارضة سيطول أمد انتظارها، فهي الآن تعيش على أمل انقلاب المشهد الاقليمي، لكي توظِّف ذلك في معركتها الداخلية، وهذا الأمر حتى هذه اللحظة مستبعد إلى حد أن نفَس المعارضة لن يكون طويلاً، وهي في نهاية المطاف ستسلّم بالأمر الواقع، وستكون مجبرة على التعايش مع الظرف الراهن، بفعل أسباب متعدّدة من الممكن الاتيان على ذكر بعضها.
على المستوى الداخلي، هناك الانتخابات النيابية التي باتت على مسافة سنة وأقل من نصف السنة من الآن، والحكومة في صدد وضع قانون انتخابي جديد ستجري على اساسه الانتخابات النيابية المقبلة، حيث من غير الممكن أن تصب نتائجها في خانة تحويل الاقلية الحالية إلى أكثرية، باعتبار أن الظروف السياسية التي سمحت لها لأن تكون أكثرية في الانتخابات السابقة، ليست ذاتها التي ستكون في العام 2013، هذا إلى جانب أن الشعب اللبناني خبر هذه الاقلية، وبات على علم أنها قاصرة عن تحقيق آماله وأمانيه، وأن جُل ما تقوم به هو تنفيذ أجندة ورغبات خارجية، لا تخرج عن الإطار السياسي، الذي كان لسنوات خلت على حساب الانماء، والملف الاقتصادي والاجتماعي.
ومن سوء طابع المعارضة أن الانتخابات المقبلة سيصادف موعدها مع اغلاق الادارتين الاميركية والفرنسية نوافذهما باتجاه الخارج، وتحديداً الشرق الأوسط، للتفرُّغ الى التحضير وخوض الانتخابات الرئاسية، وهذا يعني أن قوة الدفع التي أوصلت المعارضة الحالية إلى الحكم في الفترة السابقة، ستكون مغلولة في المرحلة المقبلة، ما يٌبقي هذه المعارضة في المستنقع الذي وضعت نفسها فيه، من دون أن يكون لها أي قدرة على تعزيز موقعها السياسي.
أما على المستوى العربي، فإن المعارضة ستكون أمام مرحلة تفقد فيه أكبر سند لها، من خلال إعداد بعض الدول العربية وفي مقدمها المملكة العربية السعودية لما بعد التوريث، لا سيما وأن الخلافات لن تبقى لأمد طويل جمراً تحت الرماد وإلا ستطفو آجلاً أم عاجلاً على السطح.
هذه المعطيات الدولية والعربية لن تكون في صالح الاقلية الحالية، لا سيما أن المحطات السياسية السابقة رسّخت ثابتة مفادها أن الولايات المتحدة الاميركية والدول الأوروبية تتعايش مع الأزمات وهي في ضوء ذلك ستجد نفسها مجبرة على التعاون مع حكومة الرئيس ميقاتي، وأن الورقة التي تعتمد عليها الاقلية، وهي المحكمة الدولية، ستفقدها في وقت ليس ببعيد، ولا سيما أن وثائق «ويكيليكس» حول هذه الحكمة ستبدأ بالظهور في وقت قريب جداً، وهي ربما تكون بمثابة الفضيحة للفريق الذي وضع كل «بيضه» في السلة المثقوبة.
وفي رأي المصدر الوزاري أن علينا الآن مراقبة مايجري حولنا، كوننا لسنا في جزيرة معزولة، فلبنان على مدى التاريخ يتأثر سلباً أو ايجاباً وفق التطورات التي تحصل في محيطه، غير أنه من المؤكد أن المرحلة المقبلة في لبنان، لن تكون أمنية، بل سياسية دخلت فيها الحكومة إلى المدى الكبير والبعيد.

السابق
الأمم المتحدة: حصار غزة قانوني ووفياّت مرمرة سابقة لأوانها!
التالي
سعد يحكي نفسه !!!