يا صلاتش يا محمد زي أبوه خيّالً!

 غضب أحد الحكام على سكان بلدة ثاروا عليه. فأقسم أنه إذا مكنه الله منهم وأظفر بهم ليبيحن نساءهم لجنده، وأن يأمر كل جندي من جنوده بأن يفعل بالمرأة التي يصادفها وتكون من نصيبه من المرات بعدد الأسنان التي في فمها.
ووقعت الواقعة بين الجنود وسكان البلدة ومكّن الله الحاكم من أهلها ووفى هو بالمقابل وبدوره بقسمه. فكان من نصيب أحد فرسانه امرأة عجوز. فلعن الفارس المنكود حظه، ولكن هون عليه مصيبته أنه لم ير في فم العجوز بعد تفحصه غير سن واحد. فأغمض عينيه وأدار وجهه مستعيذاً من الشيطان الرجيم ومستعيناً بالرحمن الرحيم وأنجز مهمته متنفساً الصعداء بعد ذلك وباصقاً بصقة لو وقعت على عصفور لقتلته.
ولكن العجوز قد لذَّ لها ما ذاقت بعد انقطاع طويل، مدت أصبعها إلى فمها تفتش عن سن أخرى ربما لم تكن على علم بها أو ربما يشفق الله عليها فيرزقها سناً أخرى، ولكن الأعجوبة لم تتم. وعاودت التفتيش فوقعت أصبعها على نتوء في لثتها فركضت وراء الفارس وتعلقت به مستنجدة قائلة: (يا خوي بعد فيه قرمية) ولكن الفارس لم يكن ليعود ولو أرسل الله لها بدل القرميه ناباً ولو بقدر ناب الفيل.
وعاشت المرأة العجوز أياماً وأشهراً في جو لقائها مع الفارس وذكرياته. وامتد بها الخيال حتى ظنَّت أنها حبلى. وصارت تنتظر موعد الولادة وتستعد لها. وكانت قد أوصلها الوهم إلى معاناة الوحام والشعور بتحركات الجنين. وفي أحد الأيام وقد اعتبرته يوم الولادة خرجت إلى البرية لتلد بعيداً عن أعين الناس. وفي جانب أحد الصخور أحست بشيء يهبط إلى أسفل بطنها، فأخذت تزجر وإذا بشيء يندفع خارجاً ولم تنتبه إلى أنه خرج من الخلف. وعلى صوت الانفجار ذعر أرنب كان ينام بالقرب منها فولّى هارباً يقفز قفزات واسعة وبرشاقة الفارس فظنت أنه هو الذي خرج منها وأنه هو ولدها الموعود وأنستها فروسيته ورشاقته ذهابه بعيداً عنها وإلى غير رجعة فراحت تفخر تفخر به ويداها منحنية إلى الوراء وعيناها تلاحق فارسها الصغير قائلة: يا صلاتش يا محمد، يا صلاتش يا محمد! زي يبوه خيال! خيال زي يبوه!
 

السابق
مثل النّوَرْ ما بسافروا إلاَّ بالشوب!
التالي
جنبلاط لـ”الأنباء”: السودان على أعتاب مرحلة جديدة