ميقاتي “الطويل”

عندما يعلو صراخ المتشددين يخرس المعتدلون. ويصير المعتدل اشبه بحكم ضعيف البنية على حلبة مصارعة حرة مفتوحة. فهو غير قادر على ردع المتصارعين، واذا حاول تحول كيس ملاكمة. واكثر ما يستطيع هو رفع ذراع الفائز. فاذا اخطأ وتدخل انتقل الى مقاعد المتفرجين او رمي خارج القاعة او صار على حمالة اسعاف.

هكذا يراد للرئيس نجيب ميقاتي ان يكون حاله وحال حكومته بعد صدور القرار الاتهامي قبل نيل حكومته الثقة.

فريق 14 اذار يعرف ان ثمة استحالة لحكومة ميقاتي او حتى لحكومة برئاسة سعد الحريري، في تطبيق القرار وملاحقة المتهمين والتزام القرارات الدولية في هذه المعمعة الصعبة. لكنه لن يفوت فرصة لاستثمار "الانتصار المعنوي" لصدور القرار، ولن يدعه يفلت من يده، في سعيه الى استعادة السلطة التي يقول انها سرقت منه بانقلاب، تحت شعار تطبيق العدالة ومعاقبة الجاني طريقاً نحو الاستقرار. هو لا يستطيع التصويب على "حزب الله" في معركة غير متكافئة ومكلفة. لذلك يركز التصويب على الحكومة ورئيسها، فاذا سقطت انكشف الحزب القابع خلفها وقلَّت قدرته على المناورة وصار محكوما بالتسوية من موقع اضعف.

"حزب الله" من جهته لا يحبذ المواجهة المفتوحة مع خصومه الذين يريدون جره الى مواجهة في الشارع يدرك ان كلفتها ستكون تهشيما لصورته مقاوما "شريفا" لاسرائيل لا مطمع له الا بفلسطين وما تبقى من ارض لبنانية محتلة. لذا يأخذ الحكومة درعاً واقية له من السهام ويدافع من خلالها عن نفسه وعن متهميه، وان يكن سيردّ السهام عنها لا حباً بها بل وقاية لنفسه.

المجتمع الدولي بدوره، يعرف انه سيخوض معركة خاسرة سلفاً اذا صوّب على الحزب لان أوراق اعتماده مكشوفة في الجنوب وغيره، لكنه مثل 14 آذار، ليس قادراً إلا على الحكومة، رافعا ضدها عصا العقوبات، مهدداً إياها بإلقاء الحرم عليها اذا لم تلتزم تنفيذ القرارات "ذات القداسة الدولية". اما اذا حدث العكس ونطق ميقاتي بـ"التزام" القرارات، فان ذلك يعني سقوطه في مطب الخلاف مع رفاقه الجدد في الحكومة، ومن ثم مع حلفائهم الاقليميين في "جبهة الصمود والتصدي". باختصار هو بين نارين.

"مسكين" الرئيس ميقاتي، أدخل "قفص المحكمة" و"حلبة المصارعين" قبل ان يدخل جنة الحكم ونادي الياقات في مجلس الوزراء. لكنه في بيانيه الاخيرين يبدو انه قرر ان يفيد من قامته المديدة وباله الطويل وان يشارك في الملاكمة كي لا يتحوّل كيساً للمتصارعين فيخسر عندها الأولى والآخرة، ولن يكون بعد ذلك قادراً حتى على حجز بطاقة في مقاعد المتفرجين!

السابق
النهار: مبارزة مفتوحة في المجلس بين الأكثرية والمعارضة ميقاتي يرد بعنف ويؤكد التعاون مع المحكمة
التالي
معضلة.. يرحل أو لا يرحل