النهار: مبارزة مفتوحة في المجلس بين الأكثرية والمعارضة ميقاتي يرد بعنف ويؤكد التعاون مع المحكمة

بلمار رداً على نصرالله: نعتمد على أدلة ذات صدقية
الخارجية الروسية: لا نحيد عن ضرورة كشف الحقيقة

شكّل الاحتدام السياسي الواسع الذي أثاره بيان لقاء "البريستول" لقوى 14 آذار مدخلا ساخنا الى جلسات مناقشة البيان الوزاري لحكومة الرئيس نجيب ميقاتي التي تبدأ اليوم وتستمر مبدئيا ثلاثة أيام اذا أمكن فسح المجال لانهاء المداخلات النيابية ورد الحكومة عليها والتصويت على الثقة ليل الخميس المقبل.

ومع ان الحكم على مسار الجلسات والمناقشات النيابية في أيامها الثلاثة المتوقعة يتوقف على معاينة اليوم الاول ومعرفة طريقة ادارة النقاش الساخن التي سيتبعها رئيس المجلس نبيه بري، فقد بات في حكم المؤكد ان هذه الجلسات ستتحول ساحة مبارزة مباشرة بين قوى الاكثرية وقوى المعارضة للمرة الاولى منذ اسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري.

وعلى رغم ما تردد من تجاوز عدد طالبي الكلام في الجلسات الـ50 نائبا، علمت "النهار" من الدوائر المعنية في مجلس النواب ان 30 نائبا سجلوا أسماءهم في لائحة طالبي الكلام حتى ليل أمس، علما أن ثمة احتمالا لزيادة هذا العدد واذا اقتضى الامر فان رئيس المجلس سيقدم على تمديد الجلسات الى الجمعة.

في غضون ذلك، بدا الموقف الحكومي من المحكمة الدولية والقرار الاتهامي النقطة المركزية الاساسية التي ستدور حولها المناقشات والمداخلات لسائر الافرقاء، وخصوصا بعد تطور بارز تمثل في رد اتسم بالعنف للرئيس ميقاتي على بيان لقاء "البريستول" استدعى سجالا حادا بينه وبين قوى 14 آذار.

وقد اتهم ميقاتي قوى 14 آذار بـ"تضليل الرأي العام عبر ادعاء المجتمعين في البريستول ان الحكومة تتنكر لمطلب العدالة الذي التزمته الدولة". وذكّر بأن الفقرة 14 من البيان الوزاري "تؤكد احقاق الحق والعدالة انطلاقا من احترام الحكومة القرارات الدولية وحرصها على جلاء الحقيقة وتبيانها من خلال المحكمة الخاصة بلبنان". كما اعتبر ان اتهام المجتمعين للحكومة "بالتنكر لدماء الشهداء" هو "قمة التضليل وقت يعرف القاصي والداني من عمل في وقت من الاوقات على تسوية حتى لا نقول اكثر على حساب دم الشهداء وقضيتهم للتمسك بموقعهم في السلطة". وأضاف: "لهؤلاء نقول: المعارضة حق مشروع ولكن التخريب على الوطن جريمة".

وفي لقاء لاحقا مع مجلس نقابة الصحافة قال ميقاتي إن "علينا التعاون بواقعية تامة مع موضوع المحكمة مع تأكيد استقرار لبنان وعلينا التوفيق بينهما وعدم اعتبار أي منهما متعارضا مع الآخر". وأكد ان تمويل حصة لبنان في موازنة المحكمة "سيدرج ضمن الموازنة العامة في حينه".
وردت الامانة العامة لقوى 14 آذار على رد ميقاتي فاتهمته "بايهام الرأي العام بأن حكومته العتيدة حريصة على احقاق الحق والعدالة"، واعتبرت ان ميقاتي "لا علاقة له بالبيان الوزاري وربما لم يطلع عليه لان ما ورد فيه يناقض ما ورد في بيانه" أمس. ورأت ان "كلام السيد حسن نصرالله اكثر انسجاما مع البيان الحكومي من كلام رئيس الحكومة حتى بتنا نسأل من هو رئيس حكومة لبنان الفعلي".

وشن "تيار المستقبل" بدوره حملة عنيفة على ميقاتي فاتهمه "بتبديل الاثواب واتقان فنون الاختباء وراء شعارات الاعتدال والوسطية". وقال: "عجيب أمرك يا نجيب مع حفظ الالقاب وأنت تحاول ان توحي ان الرئيس سعد الحريري كان سباقا في المساومة على دم الشهداء وهو الامر الذي سبقك اليه ولي أمرك السياسي المرشد الاعلى للحكومة الجديدة (…) انت تعلم وهم يعلمون ان الرئيس سعد الحريري قالها بكل صراحة وجرأة ومسؤولية انه يريد مؤتمرا للمصالحة والمسامحة ينقذ البلاد من واقع الانقسام ويؤسس لمرحلة لا مكان فيها لسطوة السلاح والتسلط على الدولة ومقدراتها، لكن الذي أتى بك الى سدة رئاسة الحكومة يعتبر نفسه أكبر من البلد ومن العالم ومن العدالة".

وأكد النائب مروان حماده مساء امس لمحطة تلفزيون "المستقبل" ان ميقاتي سيواجه اليوم هجوماً برلمانياً مركزاً يعيد الى المجلس عراقته ويظهر للجميع ان هناك نظاماً ديموقراطياً برلمانياً في لبنان". لكنه اضاف: "اذا قال ميقاتي انه مع القرار 1757 وانه سيموّل المحكمة وسيتعاون معها وانه سيبقي القضاة اللبنانيين في المحكمة وينفّذ القرارات الظنية عندها نراجع موقفنا لاننا لا نعتمد مبدأ عنزة ولو طارت".

وأبلغ مشاركون في مؤتمر "البريستول" لقوى 14 آذار اول من امس "النهار" ان مسودة البيان الذي عرض اولاً على المجتمعين لم تكن حاسمة في تبني واقع وجود الحكومة، لكن الصيغة النهائية التي اعتمدت اتت حاسمة من حيث تخيير الحكومة بين التزام رئيسها "القرار 1757 في شكل صريح ومباشر واعلان التزامه الخطوات التنفيذية لهذا القرار" وان "يرحل هو وحكومته غير مأسوف عليهما". واوضحت ان هذه الصيغة تعتبر في منزلة دون الذهاب الى اسقاط الحكومة من دون قيد او شرط.

وعن "الطلب من الحكومات العربية والمجتمع الدولي عدم التعاون مع هذه الحكومة في حال عدم تنفيذها مندرجات القرار 1757"، فهي ايضاً جاءت تطويراً لعبارة في المسودة كانت تدعو الى مقاطعة عربية ودولية للحكومة على الاطلاق.
رد بلمار

الى ذلك، رد امس المدعي العام في المحكمة الخاصة بلبنان دانيال بلمار على رفض الامين العام لـ"حزب الله" كل ما يصدر عن المحكمة، مؤكداً ان التحقيق يستند الى "أدلة ذات صدقية". وقال في بيان صادر عن مكتبه رد فيه على ما وصفه بـ"مزاعم السيد حسن نصرالله في خطابه الذي ألقاه في 2 تموز"، ان التحقيق "يتم وفقاً لأعلى معايير العدالة الدولية ولا تعتمد نتائجه الا على حقائق وادلة ذات صدقية". وشدد على "الكفاءة المهنية للعاملين في مكتب المدعي العام ونزاهتهم وخبرتهم"، لافتاً الى انهم "يتصرفون باستقلالية وحسن نية في بحثهم عن الحقيقة". ورحب بلمار "بعرض السيد نصرالله تقديم الملف الذي اشار الى وجوده لديه في شأن بعض عناصر التحقيق" وطلب "الحصول على ما عرض بالفيديو في أثناء الخطاب المتلفز اضافة الى اي معلومات ومستندات أخرى قد تساعد المحكمة في سعيها الجاري للتوصل الى العدالة".

ويشار الى ان السيد نصرالله سيلقي في الخامسة بعد ظهر اليوم كلمة في احتفال تقيمه "مؤسسة الجرحى" في "حزب الله" في مجمع شاهد التربوي على طريق المطار.
الخارجية الروسية

وأصدرت وزارة الخارجية الروسية بياناً علّقت فيه على صدور القرار الاتهامي عن المحكمة الخاصة بلبنان. ومما جاء فيه ان "روسيا التي قدّمت الدعم للمحكمة الدولية في فترة انشائها لا تحيد عن موقفها الداعي الى ضرورة كشف الحقيقة حول مقتل رفيق الحريري ومعاقبة المذنبين".

واضافت: "في الوقت عينه ننطلق من ان النتائج الموضوعية والشفافة للتحقيق النزيه وغير المسيّس والمبني على الوقائع والاحاطة بمختلف جوانب القضية، هذا كله ينبغي أن يؤمن العدالة ويساعد على التطوّر الديموقراطي للبنان سيد ومستقر في ظل السلم الاهلي والوفاق الداخلي".

السابق
أين أنتم يا أهل فلسطين؟
التالي
ميقاتي “الطويل”