عندما يُتهم الشيعة ظلماً بقتل الزعيم السنّي

يشعر الشيعة في لبنان، بنهريهما الكبيرين والجداول، بنوع من المرارة وهم يراجعون السنوات الست الماضية، حيث دارت الدوائر وحطت اخيرا في احضانهم، في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه، على الرغم من المحاولات العقيمة الجارية لدفع الاتهام عن الطائفة وعن الحزب الذي باتوا يعتبرونه جزءا من روحهم وقطعة من اجسادهم، وحصره في عدد من الاشخاص.

فعلى الرغم من حالة اللامبالاة التي يتعاطى معها الشيعة اللبنانيون ظاهريا مع القرار الظني الصادر عن المدعي العام الدولي دانيال بلمار، فان في نفوسهم اكثر من سؤال حول المستقبل الذي ينتظر شريحتهم الانسانية بكل مكوناتها السياسية والاجتماعية في لبنان والخارج. هم كانوا يعرفون سلفا ان الاتهام سيوجه الى عناصر من «حزب الله» في هذه القضية، حيث كاد السيد حسن نصر الله في اكثر من مناسبة طوال السنتين الماضيتين، يتلو عليهم نص القرار الظني وربما الحكم النهائي، قائلا لهم: خذوا من ذقني لن يغيروا حرفا من القرار المرسوم سلفا.

ليس سهلا في المنطق السياسي على الاقل، وفي بلد كلبنان تحيطه منطقة ملتهبة بالعصبيات، ان تُتهم عناصر شيعية بقتل الزعيم السنّي الذي ملأ الدنيا وشغل الناس ردحا طويلا من الزمن.

ربما لا يشعر الشيعة اللبنانيون بالخوف والرعب كما يتراءى للبعض، لأن في حاضرهم وماضيهم وعقيدتهم فائضا من القوة المعنوية والمادية. لكن الاحساس بالظلامة الواقعة عليهم جراء هذا الاتهام، يحيي في نفوسهم تاريخا طويلا من الشعور بالعزلة القاتلة لهم ولوطنهم، وفي مكنونهم ان ذنبهم الوحيد انهم قاتلوا اسرائيل وانتصروا عليها وأخرجوها من ديارهم بعدما دفعوا الغالي والنفيس في سبيل ذلك.

ان اكثر ما يقلق الشيعة في لبنان في هذه المرحلة، دفعهم الى فتنة مذهبية سعت قياداتهم طويلا الى درئها عن البلد، خصوصا وهم يستمعون الى الخطب التحريضية عبر الشاشات المحلية والفضائية، وهم يعرفون سلفا ان سقوط الهيكل سوف يكون على رؤوس الجميع، وللاسف ثمة من يسعى في لبنان والخارج الى هذا الهدف الدنيء، لكنهم في الوقت نفسه يعولون على الخطاب العقلاني لرئيس حكومتهم الجديد نجيب ميقاتي وغيره من الشخصيات والشرائح الشعبية السنيّة التي تحرص على استقرار البلد وسلمه الاهلي.

ينتظر اللبنانيون بفارغ الصبر مساء اليوم خطاب السيد حسن نصر الله. والرهان كبير وأكيد على ان «السيد» لن يخرج عن المسلمات والمبادئ الاساسية التي تمنع الفتنة. ويبقى على المراهنين على الفوضى من اجل تحقيق غايات واهداف صغيرة، ان يضعوا في حسبانهم انه قد لا يبقى وطن يحلمون بالتربع على عرشه اذا ما استمروا في سياسة «علي وعلى اعدائي يا رب».

السابق
اللعبة أكبر من لبنان..جاهزون لأي طارئ.. وتحت أمر القيادة
التالي
هل يضحّي حزب الله بالمحكمة أم بالحكومة؟