الخيره عند الحيرة

 الخيرة هي استشارة الله بالإقدام أو الامتناع عن القيام بأمر من الأمور. وكان يلجأ إليها في بادئ الأمر في الأمور المهمة كالزواج والشراء والبيع والسفر وغير ذلك، ثم أخذت تستعمل تدريجياً في أمور أقل أهمية حتى وصل استعمالها في الأمور التافهة كأن يستخار هل يطبخ مجدرة أم بقلة فول مثلاً. وتكون معرفة رأي الله في الأمر المستشار به إما بواسطة الحصى أو بحبات الحمص أو الفول أو بواسطة أقلام القنباز المقلّم أو بواسطة المسبحة. فتقبض قبضة حصى أو غيره أو تحصر عدة حبات في المسبحة بين أصابع اليدين دون النظر إلى ما يراد قبضه أو حصره ثم يعاد النظر إليها وبدأ فرزها زوجاً زوجاً فإذا انتهى الفرز بحبة مفردة كان معنى ذلك الموافقة على قيام المستخير بتنفيذ ما نوى، أما إذا انتهى الفرز بزوج من الحبات فمعنى ذلك عدم الموافقة منه سبحانه وتعالى. وإذا أراد المستخير أن يتأكد من الواقعة الربانية مئة بالمئة أو عدم الموافقة بالنسبة ذاتها فإنه يعيد الاستخارة فإذا كانت النتيجة كما كانت في المرة الأولى فيكون ذلك تأكيداً على الموافقة أو عدمها وتسمى هذه الحالة (أمر) وإذا كانت النتيجة عكس الأولى كأن تكون في المرة الأولى الموافقة وفي المرة الثانية الرفض فتسمى هذه الحالة (محايرة) أي أن الوضع في الحالتين متساو. وغالبية الناس كانوا يكلفون سواهم بإجراء الاستخارة على حسابهم وعلى نيتهم أي بالنيابة عنهم فيقول المكلِّف للمكلّف: اتكل على الله فيقول الآخر توكلت على الله فيغمض الأول عينيه ويحصر كمية من حبات المسبحة بين أصابع يديه ويرفع نظره إلى السماء مسبحاً ثم يبدأ بفرز الحبات زوجاً زوجاً منتظراً النتيجة لينقلها إلى المستخير. وكثيراً ممن كانوا يكلفون بالاستخارة لم يكونوا يعتقدون بها مع أنهم متلبسون بلباس الدين فكان هؤلاء أثناء الاستخارة يوهمون المستخير بأنهم يسبحون حسب الأصول بينما هم إما كانوا يحركون شفاههم تمويهاً أو أنهم كانوا يتمتمون بما يخطر ببالهم من كلام. وقد أسرَّ أحد هؤلاء لبعض أخصائه أنه كان يقرأ دائماً أثناء الاستخارة بصوت خافت ما يلي: (بالسنبلة بالمنبله انشا الله علبكره بتموت وبجروك عالمزبلة). 

السابق
اللي بيعرف بيعرف واللي ما بيعرف بقول كف عدس!
التالي
حطيط: العدو عاجز عن اتخاذ قرار حرب لا يضمن انتصاره