الجمهورية: تمسّك ميقاتي وحزب الله بموقفيهما يؤخّر بند المحكمة، وبري يقول: الحكومة تستقيل إذا لم تنجز بيانها قبل 13 تموز

ظل ملفا المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، والبيان الوزاري للحكومة الجديدة يتقاسمان الاهتمامات السياسية أمس، فيما قال مرجع رسمي كبير لـ"الجمهورية" إنّ القرار الاتهامي في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري سيصدر عن المحكمة خلال ايام، وإن البيان الوزاري سينجز في غضون أيام أيضا، ذلك في اشارة منه إلى استمرار السباق بين هذين الاستحقاقين.

في ظل هذه الاجواء أطلق رئيس مجلس النواب نبيه بري موقفا يرجّح ان يُعجّل في إنجاز البيان الوزاري ومثول الحكومة به امام المجلس لنيل الثقة، فقال "إن مهلة الشهر الدستورية المحدّدة للحكومة لإنجاز بيانها الوزاري، والتي تنتهي في 13 تموز المقبل، هي مهلة اسقاط وليست مهلة حث، وفي حال اخفقت الحكومة في انجاز بيانها الوزاري قبل هذا التاريخ، تصبح حكومة مستقيلة، وعلى الرئيس نجيب ميقاتي أن يقدم إلى رئيس الجمهورية استقالة حكومته ظهر ذلك اليوم، وعندها يكلفه وحكومته تصريف الاعمال، ويدعو في الوقت نفسه الى استشارات نيابية ملزمة لتسمية رئيس حكومة جديد".

وأكّد بري "أن نص المادة 64 من الدستور واضح لجهة إلزامية ان تنجز الحكومة بيانها الوزاري في خلال مدة شهر من تاريخ تأليفها". واشار الى انه اطلع على اكثر من 7 اجتهادات تؤكد ان الحكومة تصبح مستقيلة إذا انقضت مهلة الشهر عليها ولم تنجز بيانها الوزاري. ولفت الى سابقات حصلت في الماضي لحكومات الرؤساء الراحلين أحمد الداعوق وعبدالله اليافي وامين الحافظ وغيرهم. وأكد انه في حال عدم انجاز البيان الوزاري في 13 تموز المقبل، سيدعو الى جلسة تشريعية في أول يوم اربعاء بعد هذا التاريخ.

ميشال المر

وكان بري التقى أمس النائب ميشال المر الذي أطلق موقفا لافتا بعد اللقاء، أكد فيه أنّه لا يستطيع حجب الثقة عن حكومة يكون برّي شريكا فيها، لكنّه شدد في المقابل على ان قراره النهائي في شأن هذه الثقة سيتخذه في ضوء ما سيتضمنه البيان الوزاري للحكومة. مؤكدا أنّ "من الطبيعي أن تأخذ العدالة مجراها". وقال: "لا نستطيع أن نقول إنّ البيان الوزاري سيتجاهلها ويغفلها، خصوصا أنّها أصبحت على النار".

اللجنة الوزارية

وعلى ايقاع السباق الدائر بين الحكومة والمحكمة، اجتمعت لجنة صياغة البيان الوزاري في جلسة سابعة عصر أمس، ولم تتناول بالبحث البند المتعلق بالمحكمة الدولية لأن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي لم ينجز بعد نصّ هذا البند، فانصرفت الى استكمال نقاش ما كانت ناقشته سابقا من برامج وزارية. وأوضح وزير الإعلام وليد الداعوق انه جرى البحث في ملف المهجرين وفي الشأن التربوي ولا سيّما التعليم العالي.

وأقرّ الوزراء أعضاء اللجنة في شكل غير مباشر بوجود "مماطلة" في انتظار طرح صيغة المحكمة، ذلك عبر ممازحتهم الصحافيين قائلين:" نعيد قراءة القراءة ونراجع المراجعة"، فيما قال الوزير محمد فنيش ممازحا: "التكرار يعلّم الشطّار". مكررا القول: "إن بند المحكمة لم يناقَش في أي من اجتماعات اللجنة".

ميقاتي ـ "حزب الله"

وكشفت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" ان اجتماعا طويلا عقد ليل الإثنين-الثلثاء في فردان بين ميقاتي ووفد من "حزب الله" خُصِّص للبحث في الصيغة المقترحة من الجانبين للبند الخاص بالمحكمة، ولم يسفر اللقاء عن أي نتيجة ايجابية.

واشارت المصادر الى تمسّك الطرفين بوجهة نظرهما، إذ أكد الحزب ان الحكومة التي جاءت بها الأكثرية الجديدة لا يمكنها ان تعيد في بيانها الوزاري تكريس ما كان أحد اسباب تطيير "حكومة الوحدة الوطنية" السابقة، وأن البيان الوزاري للحكومة لا يمكنه ان يقارب المحكمة من غير وجهة نظره، وان أي إشارة الى التزام لبنان القرار 1757 او ايا من القرارات الأخرى يبقى امرا غير مجد، ليكون البيان صادقا مع توجهات الأكثرية الجديدة.

وأوضحت المصادر أن ميقاتي جدّد إشارته الى ان لبنان لا يمكنه التنصّل من علاقاته الدولية ولا من ارتباطه بالمحكمة التي تعني جزءا من اللبنانيين، وانه لا بد للبيان من ان يقارب هذا الملف من البوابة التي تحفظ علاقات لبنان الدولية من دون ان يكون مضطرا إلى سَوق البلاد الى مواجهات داخلية بسبب المحكمة او اي بند آخر. ولفتت المصادر الى ان الاعتراف بالقرار 1701 كان لبنانيا وبإجماع مختلف الأطراف، وهل يمكننا ان نتنكّر للقوات الدولية ودورها في الجنوب؟

وقد تبلغت المراجع المعنية، ولا سيما في قصر بعبدا وعين التينة، هذه الأجواء، كما تبلّغ رئيس "جبهة النضال الوطني" النائب وليد جنبلاط النتيجة السلبية، الأمر الذي قاد الى جولة جديدة من الاتصالات، بعيدا من الأضواء لتأمين المخرج الذي يحفظ الوصول الى صيغة ضمن المهلة المحددة دستوريا لولادة البيان الوزاري، والتي تنتهي في 13 تموز المقبل التزاما بمدة الشهر الذي يلي إصدار مراسيم التشكيل.

وعليه، قالت المصادر ان هذا الأمر سيكون مدار بحث في اللقاء الأسبوعي الذي سيعقد ظهر اليوم في قصر بعبدا بين رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان وبرّي. ولم تستبعد المصادر ان يقصد ميقاتي قصر بعبدا في الساعات المقبلة للغاية نفسها.

وفي السياق نفسه، قال مرجع رسمي كبير لـ"الجمورية" ان ما يؤخّر هذا البيان هو حصول تبدّل في مواقف بعض المعنيين، مشيرا الى "أن الاتصالات منصبة على بلورة صيغة لبند المحكمة تراعي مواقف جميع الاطراف المشاركة في الحكومة. وأكّد ان "ليس هناك امكانية لتلافي إيراد هذا البند في البيان الوزاري، لأن ذلك قد يشكل حرجا كبيرا لميقاتي الذي يعمل على وضع نص واقعي لهذا البند".

وقال المرجع نفسه تعليقا على ما هو متداول في شأن القرار الاتهامي: "كلما وصلنا الى حل معيّن في اي قضية، لوحوا بهذا القرار". واضاف انه في حال صدر القرار متضمنا الاتهامات التي تم تسريبها في الماضي، فإنّ مسؤولية "حزب الله" وحركة "امل" بالدرجة الأول ستكون التعاطي مع هذه المسألة بهدوء، ولفت النظر فقط الى ان هذا القرار مسيّس فعلا، بدليل تلك التسريبات التي تحدّثت عن تورط عناصر من "حزب الله" في الجريمة.

وعمّا يمكن الحكومة ان تقوم به فور نيلها الثقة، قال المرجع نفسه إن عليها "ان تقوم بكل شيء لأن الحكومة السابقة لم تقم بأي شيء".

عون يطمئن

والى ذلك لفت رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النائب ميشال عون الى ان "الحوار حول موضوع المحكمة محصور بين ميقاتي و"حزب الله"، لأنهما منذ بداية التكليف تحاورا حول هذا الموضوع ولم يطرح أي شيء بعد على لجنة البيان الوزاري. فنحن نطلب الحقيقة والعدالة"، وطمأن الى ان القرار الاتهامي "لن يؤثر في الشارع اللبناني، او على الاقل ليس اكثر من ملف شهود الزور". قائلا: "انه إذا لم يتضمن البيان الوزاري فقرة عن المحكمة، فلن تتوقف المحكمة عن العمل والقرار الاتهامي سيصدر، والبيان الوزاري يسير جيدا". آملا في "الانتهاء خلال هذا الأسبوع من إعداد الفقرة الأخيرة المتعلقة بالمحكمة".

ونسبت "وكالة الصحافة الفرنسية" الى مصدر قريب من ميقاتي قوله: "ليس خافيا على احد ان ميقاتي لم يطرح بعد الفقرة المتعلقة بالمحكمة الدولية على اللجنة الوزارية، وانما تركها الى وقت لاحق"، وأضاف: "هناك اتصالات تجري خارج اطار اللجنة الوزارية مع القيادات المعنية بموضوع المحكمة للتوصل الى مقاربة موحدة او مقبولة لدى الجميع في موضوع المحكمة".

السابق
الاخبار: قاض لبناني في المحكمة: القرار خلال 10 أيّام
التالي
الأنوار: مشروع تكتل داخل الحكومة يحذر من مخاطر المواجهة مع المجتمع الدولي