سورية تنتفض.. ضدّ المؤامرة

ما شهدته سورية يوم 21 حزيران لم يكن حدثاً عادياً، فقد غصّت جميع المدن السورية بملايين المواطنين الذين خرجوا يعبّرون عن رفض الشعب السوري للفتنة والتدخل الأجنبي وعن تمسكه بوحدته الوطنية ودعمه للرئيس بشار الأسد ومشروعه الإصلاحي.

المسيرات والتظاهرات التي امتدت منذ الصباح حتى فترة بعد الظهر كانت تعبيراً عن انتفاضة شعبية إلى جانب الرئيس الأسد وبرنامجه الإصلاحي الذي طرحه في خطابه الأخير، وربطه بجدول زمني يتعلق بسلسلة من الإصلاحات والتغييرات التي تنقل سورية إلى مرحلة تاريخية جديدة.

إن أحداً لا يمكن أن يتنكر لحقيقة الطوفان الشعبي الذي شهدته العاصمة دمشق والمدن الكبرى بدءاً بدرعا إلى حماه فحلب فدير الزور وصولاً إلى طرطوس وحمص واللاذقية وغيرها. وقد كان هذا المشهد كما تعاملت معه وسائل الإعلام المتورطة في خطة تخريب سورية، بتجاهل حجمه الواسع، إثباتاً صارخاً لحقيقة المخطط الأجنبي أميركي ـ «الإسرائيلي» الذي تشارك فيه بعض الدول العربية والإقليمية.

طيلة الأشهر الثلاثة الماضية، راهنت الدوائر الاستعمارية وأتباعها على إمكانية التأثير في حجم ومدى التفاف الشعب السوري حول الرئيس بشار الأسد، وعلى إمكانية المس بوحدة الجيش العربي السوري، والشعب السوري، وإغراقهما في أتون الفتنة المذهبية.

الانتفاضة السورية التي وقعت يوم 21 حزيران بعد خطاب الأسد الذي طرح فيه المشروع الوطني للإصلاح والتغيير، وأطلق الدعوة الى الحوار الوطني والشراكة يكرس حقيقة أن الرئيس بشار الأسد هو القيادة العربية الوحيدة التي تحظى بمساندة الملايين من شعبها، وهو القيادة العربية الوحيدة التي تجمع في مشروعها قضية الاستقلال والتحرير الوطني والقومي، المعبّرة عن كون سورية قلعة العروبة وركيزة منظومة المقاومة في المنطقة، وذات البرنامج الوطني للتغيير والإصلاح وبناء الدولة الحديثة على قواعد الأولويات الوطنية لتكوين المناعة في مجابهة الضغوط الخارجية على اختلافها.
هذه الانتفاضة السورية تمثل قوة دفع تاريخية حاسمة واستفتاء غير مسبوق لم تنظمه الدولة، بل جاء حصيلة التلاقي بين قوى المبادرة الشعبية في المجتمع السوري لمصلح برنامج الرئيس الأسد للتغيير والإصلاح.

هذه الحقيقة لا تلغي وجود شرائح في المجتمع السوري سوف تواصل إظهار تصميمها على التحرك ضد القيادة السورية، سواء منها الفئة المرتبطة بالتنظيمات السورية المتورطة في خطة تخريب سورية، والتي اجتمعت في مؤتمر أنطاليا وتحظى بدعم المخابرات الأميركية والأنظمة العميلة للولايات المتحدة والحكومات الغربية ودعم «الحزب العثماني» الذي سيضطر الى التراجع عاجلاً أم آجلاً، بينما يستمر تحرك مكونات الفئتين الأخريين اللتين تحدث عنهما الرئيس الاسد في خطابه والمتمثلتين بعصابات التكفير الإرهابي والفئات الاجتماعية المهمشة التي يجري استغلال حاجاتها ومطالبها للزج بها في أتون الفتنة، وهذه المجموعة بالتحديد تتقلص مشاركتها في التحركات، بالتوازي مع انتفاضة الوعي الشعبي ومبادرات الدولة السورية بتوجيه من الرئيس بشار الأسد على خطى الحوار والمعالجات الاقتصادية والاجتماعية.

إن كل تقدم في الحوار والإصلاح وفقاً لبرنامج الرئيس الاسد، سيقلص من حجم تورط المجموعات التي حركتها دوافع عفوية لتنحصر مجموعات الشغب والقتل والتخريب بالكتلة التي تضم التكفيريين ومحازبي تجمع انطاليا، الذي يعبّر عن تكتل عملاء الغرب.

تتعزز خطوات الرئيس الأسد المتصلة بالعفو والإصلاحات ودعوته الى الحوار الوطني غير المشروط، والتي لم تستثن البيئة الاجتماعية والقاعدة الشعبية لتيار الإخوان المسلمين، بأنها تسعى إلى التحفيز على الانخراط الإيجابي في الحياة الوطنية والشراكة
تحت سقف الولاء الوطني، وهذا ما يفسر خروج مئات الآلاف في مدينة حماه دعماً للرئيس الأسد ولمشروعه.

لن تتوقف المؤامرة على سورية، لأن الولايات المتحدة الأميركية تستعجل خلال الأشهر الثلاثة المقبلة تكوين مناخ إقليمي ضاغط يخدم مصالحها وأمن «إسرائيل» لخدمة ثلاثة أهداف لا يمكن التقدم إليها دون استنزاف الموقع السوري الفاعل وإخضاعه للضغوط وهي: التمديد لقوات الاحتلال في العراق، وتثبيت نظام مصري جديد يحمي الأمن «الإسرائيلي» انطلاقاً من تثبيت وحماية اتفاقية «كامب ديفيد»، تكريس الخطة «الإسرائيلية» الأميركية المتصلة بالوضع الفلسطيني لجهة منع الاعتراف بالدولة الافتراضية في الأمم المتحدة، والإعداد لسحق بوادر انتفاضة ثالثة في الضفة الغربية المحتلة.

السابق
القرار إن تأخر
التالي
حسومات الصيف قبل موعدها… بسبب الثورات!