اللواء: أول مواجهة استخباراتية بين حزب الله والسفارة الأميركية وميقاتي يتداول مع سليمان وبرّي بصيغة وسطية لفقرة المحكمة تجمع بين العدالة والإستقرار

نصر الله يتّهم الـ سي·أي·إي بتجنيد 3 عناصر ··· وعوكر تصف الإتهامات <بالفارغة>
في غمرة البحث عن صيغة وسطية يقاربها الرئيس نجيب ميقاتي في الفقرة الخاصة بالمحكمة الدولية، تجمع ما بين العدالة والاستقرار، اندلعت أول مواجهة من نوع غير مألوف في لبنان، مواجهة استخباراتية بين <حزب الله> والسفارة الأميركية في عوكر·

فبعد أن أعلن الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في كلمة تلفزيونية عبر شاشة <المنار> عند الثامنة والنصف من مساء أمس، عن تمكّن C.I.A (المخابرات المركزية الاميركية) من تجنيد ثلاث حالات، كشف أسماء الأحرف الأولى لها: أ·ب وم·ح وم·ع، نافياً أن يكون في عدادها أي رجل دين محسوب على الحزب·

وفيما انشغلت الأوساط السياسية والديبلوماسية بالإعلان عن هذا التطور الخطير، إذ نسبت وكالة <فرانس برس> إلى متحدث باسم السفارة، قوله <إن اتهامات نصر الله للسفارة بتجنيد عملاء في صفوف الحزب فارغة ولا أساس لها>، مشيراً إلى أنها <النوع نفسه من الاتهامات الفارغة التي سمعناها تكراراً من حزب الله>·

وقال المتحدث رايان كليها: <يبدو أن حزب الله يتعامل مع مشاكل داخلية ضمن حزب الله لا علاقة لنا بها>، مؤكداً أن <الموقف الاميركي من الحزب معروف ولم يتغيّر>·

ولم يُعرف ما إذا كان حزب الله سيكتفي بهذا الموقف الذي شكل صدمة ومفاجأة لمختلف الأوساط اللبنانية، أم أنه سيلجأ إلى خطوات معينة، في إطار المواجهة التي باتت مكشوفة الآن بين جهاز مكافحة التجسس داخل المقاومة والاستخبارات الاميركية·

وكان نصر الله قد أعلن في كلمته التي يبدو أنها كان القصد منها الحديث عن شبكة التجسس داخل الحزب، في ظل الشائعات الكثيرة التي ترددت حولها، أن جهاز مكافحة التجسس في حزب الله تمكّن من كشف حالتي تعامل على الأقل داخل الحزب مع وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، موضحاً أنه تم تجنيدها من جانب ضباط في السفارة الاميركية في لبنان يعملون بصفة ديبلوماسيين، واصفاً السفارة بأنها <وكر للجاسوسية>·

اما الحالة الثالثة، فقال انه لم يتأكد بعد من تعاملها مع السفارة الأميركية، و?<ما زلنا نتثبت من علاقتها بالموساد أو جهاز أوروبي، لافتاً إلى أن الحالتين منفصلتان، وانه تمّ تجنيدهما قبل خمسة أشهر فيما الآخر جُنّد بفترة اقدم من الحالة الأولى، وانهما اعترفا بذلك، نافياً ان يكون بين هذه الحالات الثلاث أي احد من الصف القيادي الأوّل خلافاً للشائعات، وليس بينها رجل دين، او اي احد من الحلقة القريبة منه، لا امنياً ولا عملياً، وليس لأحد منهم علاقة لا بالجبهة ولا بالمراكز الأمنية الحساسة، وان أحداً من هؤلاء لا يملك أية معلومات حسّاسة يمكن أن تلحق ضرراً ببنية المقاومة العسكرية والأمنية وقدرتها على المواجهة، مشدداً على ان لا علاقة لأي من الثلاثة باغتيال عماد مغنية، او بملف المحكمة الدولية·

وفي تفسيره أو تحليله أو تقييمه لهذا الاختراق، اعتبر نصر الله أن الكشف عن هذه الحالات هو إنجاز أمني حقيقي للمقاومة، لافتاً إلى أن ما حصل هو نتيجة للعجز الاسرائيلي عن خرق المقاومة، بعدما تعرّضت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية لضربات قوية في السنوات الثلاث الأخيرة، وأن الاستخبارات الأميركية باتت في خدمة المخابرات الإسرائيلية، لأن المعلومات التي طلبوها من الشبان الثلاثة لا تهم الإدارة الأميركية بقدر ما تهم إسرائيل في أي حرب أو مواجهة·

ولوحظ أن نصر الله وفي محاولة لاحتواء ردود الفعل، ولا سيما من قبل جمهور <حزب الله>، وبعدما اعترف بأن ما قاله في العام الماضي حول هوية اختراق الحزب من قبل إسرائيل، وانه محصن من ذلك، لم يكن صحيحاً، طلب التعاطي مع عائلات المتهمين الثلاثة بأخوّة ورحمة، وكذلك عدم التناول العشوائي للاسماء، وعدم الوقوع في فخ الحرب النفسية التي تهدف إلى النيل من معنويات وجمهور المقاومة، مشيراً إلى أن المقاومة أصبحت هدفاً مباشراً للمخابرات الأميركية، مما يضعنا في مرحلة جديدة من صراع الادمغة الامنية·

إلا ان مصدراً امنياً رفيعاً، لاحظ في المقابل، ان اعلان <حزب الله> عن الكشف عن هذا الاختراق في صفوفه، ربما تكون بمثابة تهيئة الظروف للقرار الاتهامي المتوقع صدوره قريبا رغم ان نصر الله اكد ان الحالات الثلاث لم يؤت على ذكرها لا في ملف المحكمة الدولية، وليست هي من الاسماء المتداولة لدى لجنة التحقيق الدولية، ولم يذكر اسم واحد منهم على الاطلاق، مشيرا الى ان الحزب خرج من موضوع المحكمة من زمان، ولا يعتبر نفسه معنياً به·

وكان نصر الله قد تجنب في حديثه عن الحكومة، الاشارة الى موضوع المحكمة في البيان الوزاري لكنه اكد، من ناحية ثانية، انه لن تكون فيه مشكلة خاصة، في اشارة اعتبرها مراقبون بأن احتمالات التفاهم على الفقرة الخاصة بالمحكمة في البيان، بات قريبا، وانه لن تكون هناك مشكلة فيها، مشددا على الثقة المتبادلة بينه وبين الرئيس ميقاتي، ومكونات الحكومة، مؤكدا انه بفعل ذلك سينجز البيان وستحصل الحكومة على الثقة المطلوبة، وتذلل من امامها العقبات المعترضة· داعيا كل مكونات الحكومة الى التكاتف والعمل لخدمة لبنان، واصفا ًالحكومة بأنها صناعة لبنانية مائة في المائة، نافيا ان يكون هناك اي تدخل خارجي مساعد لتشكيلها، معتبرا قول 14 آذار بأن الحكومة هي حكومة حزب الله لا يزعجنا ونحن نعتبر هذا القول فائض قوة سياسية، لكنه حذر من ان هذا الشعار يستخدم للتحريض الداخلي ولتحريض المجتمع الدولي، وهذا الامر يلحق الضرر بشعب واقتصاد لبنان، معتبرا الوسائل التي يستعملها هذا الفريق <غير شريفة وغير بناءة>، ناصحا بتجنب التحريض الطائفي والمذهبي لانه سيف ذو حدين·

ميقاتي ومن جهته، اعرب الرئيس ميقاتي عن امله في ان يكون البيان الوزاري للحكومة على طاولة مجلس الوزراء في خلال الاسبوع المقبل، بعد الانتهاء من المناقشات داخل اللجنة الوزارية، مشيرا الى ان صياغة الفقرة المتعلقة بالمحكمة الخاصة بلبنان لا تزال قيد الاعداد·

وأجرى ميقاتي أمس جولة مشاورات في خصوص هذه الفقرة مع كل من الرئيسين ميشال سليمان ونبيه بري، إلا ان هذه المشاورات لم تتوصل بعد إلى صيغة مقبولة من كل الأطراف·

وأشارت مصادر مطلعة إلى ان هناك أكثر من اقتراح حمله الرئيس ميقاتي، الا انها ما تزال تحتاج إلى المزيد من <تدوير الزوايا> لتكون مقبولة من الجميع، لافتة إلى ان وجهة النظر التي تقول بتجاهل هذه الفقرة في البيان، ليست مقبولة لا من الرئيس ميقاتي ولا من الرئيس سليمان ولا من النائب وليد جنبلاط·

وفي حديث إلى قناة <العربية> الفضائية مع الاعلامي داوود الشريان، أكد الرئيس ميقاتي انه مهما قيل، لا يمكن للبنان إلغاء قرار تشكيل المحكمة لانه قرار دولي·

ورداً على سؤال عن إمكان إتخاذ لبنان موقفاً من القرار الاتهامي قال: إذا لم يكن هناك اجماع لبناني على قرار معين، فسأستمر في تنفيذ ما التزمت به الحكومات السابقة· اما اذا كان هناك ضرورة لاتخاذ أي قرار صعب فيجب ان يحصل ذلك ضمن هيئة الحوار الوطني، أي بالتوافق بين جميع ممثلي الشعب اللبناني، لأن هناك ميزاناً دقيقاً بين إحقاق الحق والعدالة من جهة والاستقرار من جهة ثانية·

وشدد على انه مستمر في احترام القرارات الدولية إلى حين صدور قرار مخالف أو أي قرار من قبل هيئة الحوار الوطني، مشيراً إلى ان المقاومة شريفة ومحقة ولا يجوز ان ندخل في الشوارع اللبنانية، ومن الضروري سحب السلاح من المدن وألا يبقى أي لبناني خائفاً من أخيه اللبناني لأن الأخير يملك سلاحاً بين يديه·

وعن العلاقات اللبنانية – السعودية قال: العلاقات بين لبنان والمملكة العربية السعودية لها تاريخها الطويل، وهي علاقة الأخ الأكبر بالأخ الأصغر، فالمملكة تريد للبنان السلام والأمان والازدهار والاستقرار، ونحن نتطلع إلى أفضل العلاقة معها· ومن أولى الزيارات الخارجية التي سأقوم بها، بعد نيل الحكومة الثقة، هي زيارة المملكة العربية السعودية للقاء خادم الحرمين الشريفين، الذي لا يمكن لأي لبناني مخلص أن ينسى أياديه البيضاء على لبنان·

السابق
الحياة: ميقاتي، أي قرار صعب حول المحكمة يحتاج توافقاً في هيئة الحوار اللبناني
التالي
معارضة إسرائيل عمل إنساني