عندما تُستباح الشرعيات···

تخطّى العماد عون، كعادته، حدوده كشريك فاعل في الأكثرية الجديدة، وكممثل <أول> للمسيحيين في حكومة اللون الواحد، فسمح لنفسه تحديد الخطوط العريضة للحكومة، مفتتحاً مواقفه الاستفزازية والتقسيمية بالموضوع الأكثر حساسية داخلياً والأكثر تحدياً دولياً، وهو رفض المحكمة الدولية، مُستبقاً البيان الوزاري، ومُبشِّراً بشدّ حبال بين الوسطية و8 آذار أولاً، وبين الأكثرية والمعارضة ثانياً···

وبغضّ النظر عن الأكثرية الحاكمة وانتماءاتها، إلا أن موضوعاً مبدئياً يطرح نفسه بقوّة حول جوهر الدولة ومفهوم الوطن ومؤسساته! فالإلتزام بالقرارات الدولية والتي سبق أن تمّ الاتفاق عليها، ليس بالأمر الإختياري، أو المزاجي يتغيّر مع تغيّر الحكومات والأهواء··

بل هو إعتراف متبادل بين الشرعية الدولية والخاصة بالبلاد المعنيّة، خاصة أن هذا الاتفاق قد وافقت عليه الدولة اللبنانية والتزمت به بعدما تمّ التوافق عليه داخلياً على طاولة الحوار الأولى، ومع المعنيين المباشرين وفي مقدمتهم السيّد حسن نصر الله الذي كان حاضراً شخصياً حينها!

ولقد أثبتت التجارب، على مرّ السنين، وفي الآونة الأخيرة بشكل خاص، أن تحدي الشرعية الدولية ليس إلا مغامرة خاسرة تُراهن على الوقت لا أكثر، تُدخل صاحبها في متاهات عبثية وتُعرِّضه إلى عقوبات، أهمّها وأخطرها إقتصادية، ونادراً ما تمكّنت الدول، العربية مهما بلغت قدرتها، من المواجهة، فهل البلد الصغير، قادرٌ على القيام بهذا التحدي، والصمود في وجه العقوبات، أو بالأحرى مواجهة الحصار الإقتصادي، خاصة أن الولايات المتحدة لم تنفكّ تُلمِّح إلى إمكانية ضرب القطاع المصرفي اللبناني، والذي يُشكِّل العمود الأخير وسط مناخ إقليمي مشحون سياسياً وعالي المنافسة إقتصادياً؟ أم تُرى أن الأحقاد والكيديات أعمت قدرة البعض على التبصُّر واعتماد المنطق عند اتخاذ المواقف ذات البُعد الدولي بشكل خاص؟

إن الإنتقال من موقع المعارضة إلى الأكثرية بالشكل الذي تمّ، والذي أسقط حكومة الوفاق الوطني واستبدلها بحكومة اللون الواحد، إنما يُلقي بمسؤولية كبيرة على كاهل الفريق الحاكم، تتخطّى هدف التفرّد بالسلطة إلى النجاح في تحييد البلاد والعباد من آتون الصراعات الإقليمية والدولية، والتي تفوق قدرة الجسد اللبناني المُنهك على التحمُّل·

فهل تكون الحكومة على مستوى التحديات المُقبلة، أم تسقط في فخ الكيدية العمياء والحكم المُتسلّط؟

السابق
سوريا بين الدولة الفاشلة والمارقة
التالي
مـاذا بعـد “لقـاء الثعـلبـيـن” في عيـن التـيـنـة؟