الاخبار: الحكومة تعمل على خطّين: نيل ثقة الخارج والداخل

بدأ رئيس الحكومة العمل على خطين: لقاءات مكثفة مع الدبلوماسيين العرب والأجانب لبناء ثقة الخارج بحكومته أو على الأقل منع آذاه عنها، وتكثيف العمل لإعداد العدة اللازمة، وأبرزها البيان الوزاري، لنيل الثقة في الداخل، فيما شدّت المعارضة رحالها إلى مربط خيل زعيمها في الخارج لإعداد خطة مواجهة الموالاة

عشية الاجتماع الثاني للجنة صياغة البيان الوزاري، بدت الحكومة الوليدة في مواجهة أكثر من تحدّ وعلى أكثر من جبهة: لملمة آثار الحدث الأمني الأخير، الاستعانة بكل طواعية اللغة العربية للخروج ببيان وزاري يرضي الحلفاء ولا يغضب المعارضين في ما خص المواضيع الخلافية، وخصوصاً المحكمة الدولية، العمل على كسب ثقة الخارج في انتظار مثول الحكومة أمام مجلس النواب للحصول على ثقته، ولا سيما أن المعارضة بدأت الخطوات العملية لاجتماعات في الخارج تضع خلالها خططها لمواجهة هذه الحكومة، إضافة إلى كيفية التعامل مع ملفات الفساد، بطريقة تؤكد اعتماد مبدأ المحاسبة، دون الانجرار إلى الخطة الاستباقية المعنونة بـ«الكيدية».

محاولة كسب ثقة الخارج بدأها أمس رئيس الحكومة نجيب ميقاتي بيوم دبلوماسي طويل، التقى خلاله 28 دبلوماسياً عربياً وأجنبياً، في حضور وزير الخارجية والمغتربين عدنان منصور. فمن العرب استقبل قبل الظهر سفراء: المغرب، الجزائر، الأردن، عمان، الكويت، مصر، الإمارات، قطر، العراق، السعودية، سوريا والسودان، القائمين بأعمال سفارتي تونس واليمن، وممثلي السلطة الفلسطينية والجامعة العربية. ثم التقى بعد الظهر سفراء: أوستراليا، الفيليبين، سريلانكا، اليابان، باكستان، الهند، إيران، تركيا، إندونيسيا، والقائمين بأعمال سفارتي كازاخستان وكوريا الجنوبية. وبين المجموعتين التقى السفيرة الأميركية مورا كونيلي.

وفي حديثه معهم، ركّز ميقاتي على 4 نقاط، أولاها شكل حكومته وظروف ولادتها، حيث لفت إلى اقتناعه بحكومة تضم الجميع، وأنه حاول إقناع كل الأفرقاء بالمشاركة، ولكن إحدى المجموعات السياسية رفضت، «وفي ضوء المخاطر الاجتماعية والاقتصادية والأمنية القائمة، كان لا بد لي من التحرك وتقديم تشكيلة حكومية». ثانية النقاط كانت تأكيده ضرورة أن يكون لبنان دائماً في أفضل العلاقات مع كل الدول الشقيقة والصديقة، وإعلانه أنه سيحاول تطبيق ذلك خلال تحمله مسؤولياته. وفي النقطة الثالثة تناول «موضوعين أساسيين يتداولهما الجميع، هما المحكمة الدولية وقرارات الأمم المتحدة»، حيث أكد احترام لبنان للقرارات الدولية، ولا سيما الـ1701، وأشار إلى وجود شقين في ما يتعلق بالمحكمة، واحد خارجي «له علاقة بقرار صادر عن الأمم المتحدة، وليس في استطاعة لبنان أن يلغيه بقرار أحادي». وفي الشق الداخلي، قال: «أنا على يقين بأن كل القوى والمجموعات السياسية اللبنانية تريد إحقاق الحق والعدالة وتجنيب لبنان أي مخاطر أمنية تهدد استقراره».

أما النقطة الرابعة، فكانت طمأنة السفراء إلى الوضع في لبنان، بالقول لهم: «لا تقلقوا من المناكفات السياسية في لبنان، فهي باتت جزءاً من تراثنا السياسي، بل شجعوا مواطنيكم على المجيء الى لبنان، ولا سيما في فصل الاصطياف، فقلوب اللبنانيين ومنازلهم مفتوحة لهم كالمعتاد، وهذا دليل آخر على وقوفكم إلى جانبنا ودعم البلد الذي أحبكم وأحببتموه».
وعلى الطريق إلى نيل الثقة في الداخل، تعقد لجنة صياغة البيان الوزاري اجتماعها الثاني اليوم، الذي يتوقع أن يقدم خلاله رئيس الحكومة مسوّدة مشروع أعدّها بناءً على ما جرى تداوله في الاجتماع الأول، وما وصله من اقتراحات الوزراء. وعلم أن ميقاتي قد يوزع هذا النص على أعضاء اللجنة لبدء مناقشته وطرح التعديلات عليه، أو يطرحه شفهياً بنداً بنداً.

وقد لمّحت مواقف عدد من الوزراء أمس إلى بعض مضامين بيان الحكومة وإطاره العام، فذكر الوزير فادي عبود أن هذا البيان «لن يغيّر شيئاً في ما يتعلق بالمحكمة الدولية». ولفت الوزير شكيب قرطباوي إلى أن موضوع سلاح المقاومة أقرّته الحكومات السابقة، فـ«لماذا يطلب من هذه الحكومة اليوم القيام بعمل ما لم تعمله تلك الحكومات؟». وقال الوزير نقولا نحاس إن مسوّدة البيان ستكون «مقتضبة ومدروسة تطمئن الداخل ولن تستفز الخارج»، ورأى ضرورة «القيام بجولة على دول القرار لشرح وجهات النظر بعد أخذ الحكومة الثقة».

وفيما تعكف الحكومة على دراسة مسوّدة بيانها، بدأت المعارضة عملياً وضع تصور لخطط «كيفية مواجهة المرحلة المقبلة»، كما أعلن النائب بطرس حرب، وكشف أن التواصل بين الرئيس سعد الحريري وقيادات 14 آذار أصبح مباشراً بعد تأليف الحكومة، لهذه الغاية. وفي هذا السياق، أكد النائب سمير الجسر أن سفر بعض هذه القيادات إلى باريس هدفه لقاء الحريري و«التنسيق معه في المرحلة المقبلة».
وتزامن هذا مع استمرار هجوم المعارضة على الحكومة، واختار رئيس الهيئة التنفيذية في القوات اللبنانية سمير جعجع محاكمتها على ما يصدر في الإعلام، حيث انتقد «المخرج الذي يتداول به ضمن البيان الوزاري من خلال اعتماد صيغة خلاقة لتفادي الإحراج»، سائلاً «كيف ستواجه هذه الحكومة الاستحقاقات المترتبة على خلفية بيانها الوزاري الذي يشوبه الغموض»، وطالبها بتحديد هويتها «خصوصاً أن هناك قراراً اتهامياً منتظراً بين أسبوع وآخر، فضلاً عن قرارات دولية أخرى كالقرار 1701 ومسألة السلاح في الداخل». ورغم عدم إنجاز البيان الوزاري، انتقد جعجع «غياب أي خطة إنمائية أو معيشية قدمها أي فريق داخل الحكومة، لأن الهدف واحد، وهو ما يسمّونه «المقاومة»، فهل نطعم المواطن مقاومة؟».

وبعد عاصفة الردود على العماد ميشال عون، والتحذيرات من ممارسة الكيدية، ظهرت جملة مواقف أمس للأكثرية، أبرزها في المجال الأول توضيح النائب نبيل نقولا أن كلام عون عن قطع بطاقة «ONE WAY TIKET» للحريري «هو كلام سياسي أراد الفريق الآخر استغلاله». وقال «لن نرد على مثل هذه الجماعات، وخصوصاً فؤاد السنيورة الذي سيأتي يوم لن يرد فيه إلا أمام القضاء فقط لا غير».
ويبدو أن ما قاله الوزير شربل نحاس، أمس، سيحوّل ألسنة مهاجمي عون إليه، حيث كرر اتهامه لمدير عام أوجيرو عبد المنعم يوسف بعرقلة تأمين خدمة الإنترنت المجانية للمواطنين، وقال إن أيام يوسف «صارت معدودة في الدولة اللبنانية، إلا إذا كان سيكمل أيامه في سجونها». وسرعان ما ردّ النائب محمد الحجار، واصفاً هذا الكلام بـ«الخطير والمقرف واللامسؤول»، وقال لنحاس «ومن وراءه ومن يشدّ على مشدّهم: الإدارة اللبنانية ليست سائبة، وهي ملك للشعب اللبناني، واليد التي ستمتد إليها بهذا الشكل سوف نكون لها بالمرصاد».

وفي ما خصّ موضوع الكيدية، قال النائب محمد رعد إن «السلطة الكيدية سقطت، وهذا ما دفعها إلى رفع شعار عدم ممارسة الكيدية تخوفاً من ردّ الفعل»، مردفاً «نحن في أي موقع كنا لا نمارس كيدية ولا نبثّ أحقاداً ضد أحد، ولا ندعو إلى ثأرية ولا نؤمن بها. فنحن أصحاب حق ونريد أن نضع الحقوق في نصابها، ونريد أن تستقيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية»، فيما رأى النائب مروان فارس «أن الغرض من تصريحات الرئيس فؤاد السنيورة وفريقه الاحتفاظ بما نُهب من خيرات في حكوماته وحكومات فريقه».

السابق
نائب رئيس الأركان الإيطالي يتفقد وحدة بلاده
التالي
ريفي في عهد ميقاتي: حان وقت الوصاية