السفير: سوريا: اختبار جديد اليوم في الشارع … ومجلس الأمن

تفاقمت الأزمة السورية السياسية والإنسانية، مع استمرار الصمت الرسمي حول الحلول المقترحة، ومع نزوح المزيد من السوريين من بلدة جسر الشغور الى تركيا، التي جددت إلحاحها على الرئيس السوري بشار الأسد لكي ينفذ الإصلاحات المنشودة، فيما كانت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون تكرر ما قاله الرئيس باراك أوباما من أن «على الرئيس بشار الأسد أن يمضي في الإصلاحات، أو يتنحى»، معتبرة أن «سوريا باتت مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة»، مشيرة إلى أن «المجتمع الدولي سيقوم بالضغط على سوريا لوقف العنف».

في هذا الوقت، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الروسية الكسندر لوكاشيفيتش، في بيان، إن «روسيا تعارض أي قرار في مجلس الأمن حول سوريا، كما تم الإعلان عن ذلك مرارا على مستوى الرئاسة». وأضاف «لا نرى أن قضية سوريا يجب أن تكون محل بحث في مجلس الأمن ناهيك عن تبني قرار من أي نوع بشأنها. الوضع في هذا البلد من وجهة نظرنا لا يمثل تهديدا للسلام والأمن الدوليين».

وتأتي هذه التصريحات فيما تعمل فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة على حمل مجلس الأمن على التصويت اليوم على قرار حول سوريا، يدين العنف الذي يمارسه النظام ويطلب منه تسهيل وصول فرق المساعدة الإنسانية إلى المدن السورية.
وأعلن لوكاشيفيتش أن مجرد مناقشة الأمر في مجلس الأمن قد يزيد من حدة التوتر في سوريا، وأن صدور قرار ينتقد دمشق سيتحول إلى دعم ضمني «لمسلحين متطرفين» يعارضون الحكومة. وقال «هذا لا يناسب دور الأمم المتحدة».
وعبر عن قلق روسيا من أنباء حول «تحول القوى الراديكالية لمواجهة وحدات من الجيش والقوات الأمنية بالسلاح»، مشيرا إلى أن ذلك يؤدي إلى تصعيد العنف ويحول دون حل المشاكل بالطريقة السلمية. وقال «لقد قامت السلطات السورية بمجموعة من الخطوات على طريق تحقيق الإصلاحات المعلن عنها. ومن الضروري إتاحة الوقت اللازم لتطبيقها».

كلينتون
وقالت كلينتون، في مؤتمر صحافي على هامش مؤتمر «مجموعة الاتصال حول ليبيا» في أبو ظبي، «لقد بحثنا (في الاجتماع) طرق مساعدة الشعب السوري وتقوية الخيارات في مواجهة نظام الأسد. لقد نزل السوريون الى الشوارع للتظاهر بسلام من أجل حكومة تحترم حقوقهم، وتعكس طموحاتهم وتمكن محاسبتها. ما تلقوه عوضا عن ذلك هز ليس السوريين فحسب بل الناس حول العالم. نحن نعمل مع شركائنا في المجتمع الدولي من أجل وقف العنف ودعم الاصلاحات السياسية والاقتصادية. قد يحاول الرئيس الأسد تأخير التغييرات في سوريا لكنه لا يستطيع عكسها».

وردا على سؤال حول تهديد روسيا بالفيتو ضد اي قرار في مجلس الامن الدولي حول سوريا وكيف يمكن للمجتمع الدولي زيادة الضغوط على الاسد اذا كان يملك حاميا قويا في الامم المتحدة، قالت كلينتون «جميع من تحدثت معه قلق كثيرا حيال الاحداث في سوريا. نحن نرى تواصلا لاستخدام العنف من قبل الحكومة ضد شعبها، ونرى ردود فعل عنيفة من عناصر في الشعب السوري ضد القوات الأمنية. ونحن نعرف أن الرئيس الأسد قال خلال الاعوام الماضية إنه يريد إجراء تغييرات، وكما قال الرئيس أوباما فإن عليه إما أن يطبقها او يتنحى».

وأضافت «نعتقد أنه يمكن لسوريا كدولة ديموقراطية أن تؤدي دوراً إيجابيا وقياديا في استقرار المنطقة، ولكن للأسف، فإنها تحت قيادة الرئيس الأسد باتت مصدرا لعدم الاستقرار في المنطقة، حيث إنها تصدر مشكلاتها. الناس يفرون من بلدهم الى خارج الحدود، وهكذا فإننا نعتقد انه يجب على المجتمع الدولي القيام بدور مهم، وأنا لا أعتقد أن أي شخص يطلع على الوضع سيخرج بنتيجة أنه سينتهي بشكل جيد إلا اذا كان هناك تغيير في سلوك الحكومة. سنواصل الضغط من اجل التغيير وسنقوم بكل ما يمكننا من اجل ان يثمر الضغط الدولي على الحكومة لتقوم بأعمال فورا وتوقف العنف».

وقال وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو، في ابو ظبي، «لدينا مخاوف جدية بشأن الوضع في سوريا. قبل نصف ساعة تلقيت الأرقام الدقيقة، اكثر من 2400 شخص جاؤوا الآن الى تركيا كلاجئين». وأضاف ان الوقت حان لسوريا كي تتصرف «بحسم اكبر» بشأن الإصلاحات السياسية التي اقترحها الاسد، مشددا على «ضرورة القبول بمطالب الشعب السوري».

وأوضح رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان للإذاعة التركية أن «سوريا تثير قلقنا» وأضاف «ستظل أبوابنا مفتوحة دائما أمام أشقائنا وشقيقاتنا في سوريا». وقال أردوغان إن تركيا القوة الإقليمية التي طورت علاقات وثيقة مع سوريا لا يمكن أن تقبل «بحماه أخرى». وأضاف أنه تحدث مع الأسد أول من أمس «وقال لي أمورا مختلفة للغاية. نتلقى معلومات استخبارات متضاربة حول قتل رجال الشرطة».
وأشار اردوغان، في مقابلة مع قناة «سي ان ان تورك»، الى ان النظام نشر دبابات في شوارع حلب. وقال «هناك دبابات في الشوارع. يبدو أنهم فقدوا السيطرة هناك». وأعلن ان حكومته تقوم بإجراءات لحماية العائلات هناك، داعيا السلطات السورية الى تطبيق إصلاحات بهدف وقف الاحتجاجات.

وقال وزير الخارجية الفرنسي ألان جوبيه «ان موقف سوريا غير مقبول. لا يمكن مواصلة ذبح المدنيين بذريعة أن الشعب يتطلع الى المزيد من الحرية والديموقراطية». وأعرب عن الأمل في ان «يحال الى التصويت خلال الأيام المقبلة» مشروع القرار الذي يدين القمع في سوريا وبدأ مجلس الامن الدولي بمناقشته أول من أمس.

وكان مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السورية قال، في بيان، إن «سوريا تدين بشدة تصريح ألان جوبيه الذي ادعى لنفسه الحق في توزيع شرعية قيادات الدول أو سحبها، وترى في هذا التصريح عودة لمناخات عصر الاستعمار القديم ومندوبيه السامين والذي ولى منذ زمن ولا عودة له».
وأضاف المصدر إن «سوريا المصممة على مواصلة مهام الإصلاح بقيادة الأسد تؤكد على عدم سماحها لأي تدخل خارجي في هذا الشأن والإصلاح الذي تسعى لتحقيقه هو تلبية لإرادة الشعب السوري، وبمعزل تام عن تقييمات ومواقف خارجية لا مكان لها في شؤوننا الداخلية».
إلى ذلك، شدد رئيس الحكومة البريطانية الأسبق طوني بلير، في لندن، على ضرورة حصول تغيير ديموقراطي جذري في سوريا، لكنه حذر من ان «الثورة» هناك تحمل مخاطر كبيرة بسبب تأثيراتها المحتملة على المنطقة.
ميدانيا
وقال سوريون إن نحو 40 دبابة وناقلة جند انتشرت على بعد نحو سبعة كيلومترات من بلدة جسر الشغور شمال غرب سوريا، حيث تقول السلطات السورية إن «عصابات مسلحة» قتلت أكثر من 120 من قوات الأمن. وذكرت صحيفة «الوطن» أن الجيش يستعد لمواجهة قد تستمر أياما في إدلب، مشيرة الى ان عناصر الجيش قد يواجهون حوالى ألفي مسلح.

وقال لاجئ، عبر الحدود السورية إلى تركيا، «جسر الشغور فارغة من الناحية العملية. لن ينتظر الناس ليذبحوا مثل الحملان». وأضاف «ما زالت التظاهرات تنظم في القرى. تحمل النساء والأطفال الورود ويهتفون الشعب يريد إسقاط النظام». وقال رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن إن 15 ألف جندي على الأقل انتشروا بالقرب من جسر الشغور.

من جهتهم، دعا الناشطون المطالبون بالديموقراطية في سوريا إلى يوم تظاهرات جديد الجمعة وناشدوا العشائر التحرك ضد نظام الرئيس بشار الاسد. وقالت صفحة «الثورة السورية 2011» على «فيسبوك» ان «العشاير كل العشائر من البداية مع كل ثائر. العشاير تأبى الذل والهوان والضيم والعدوان تنصر الحق ولا تخشى لومة».

وقال نشطاء إن القوات السورية قامت بدوريات في مدينة حمص بعد يوم من قتل قوات الأمن بالرصاص مدنيا وسط حشد من خمسة آلاف شخص. وفي حماه حمل المتظاهرون لافتات كتبوا عليها أنهم سيظلوا يقابلون الرصاص بالورود. وفي بلدة دير الزور بشرق سوريا أحرق محتجون مبنيين يستخدمهما حزب البعث.

السابق
الاخبار: عقدة المعارضة السنيّة: آخر الذرائع
التالي
ميقاتي.. الامتحان الأخير