الاخبار: عقدة المعارضة السنيّة: آخر الذرائع

في المبدأ، أغلب العقد الداخليّة الجديّة أمام تأليف الحكومة باتت في حكم المنتهية أو في طريقها إلى الحل. لذلك، صار بإمكان الرئيس المكلف نجيب ميقاتي أن يزور قصر بعبدا قريباً، حاملاً تشكيلته الحكوميّة، «إلّا إذا منعت التدخلات الخارجيّة» ذلك كما يتخوّف الرئيس نبيه برّي

استمرّت قوى الأكثرية الجديدة وأوساط الرئيس نجيب ميقاتي بإشاعة أجواء تفاؤليّة في ما يخصّ تأليف الحكومة، رغم عدم إفصاحها عن تطورات عملية جدية في عملية التفاوض الجارية. وتتحدث المصادر المعنية بالمشاورات عن تقدم باتجاه حل عقدة الماروني السادس، رافضة الخوض في التفاصيل، «حفاظاً على صيغة الحل». وفي الوقت عينه، اكد زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان أنه لا يزال مصراً على أن لا أحد يفرض عليه أي شروط وأنه سيدافع عن حقّه الدستوري إلى النهاية، مؤكداً أن من يعطيه الأسماء هو الرئيس المكلّف، ثم يوافق رئيس الجمهوريّة أو لا يوافق.

وفي السياق، أكدت مصادر معنيّة بالمشاورات أن أبرز العقد التي لا تزال تحول دون تأليف الحكومة تكمن في حصّة المعارضة السنية، وبالتحديد، في إمكان توزير فيصل كرامي، نجل الرئيس عمر كرامي، إضافة إلى ما يثيره النائب طلال ارسلان من مطالب. واستقبل ميقاتي كرامي الابن أول من أمس، طارحاً عليه التعاون مستقبلاً، من دون أن يعده بمقعد وزاري. وبحسب مصادر معنية، فإن كرامي لا يزال مصراً على مقعد وزاري، مدخلاً للتعاون بينه وبين الرئيس ميقاتي، فيما لا يزال الخلاف قائماً بين فيصل وبين النائب أحمد كرامي، من دون ان يتمكن احد من حله. وبالنسبة إلى العقدة الأخيرة، فقد قللت المصادر من أهميتها، لافتة إلى أن قوى 8 آذار ستحلها بسهولة.

وعُقد مساء أمس لقاء بين الوزير جبران باسيل وعزمي ميقاتي، ابن شقيق الرئيس نجيب ميقاتي، وجرى التداول خلاله في شأن تأليف الحكومة. وقال باسيل لـ«الأخبار» إن «الأجواء أكثر إيجابيّة من اليوم الذي سبقه، ولم يعد هناك ما يحول جدياً دون تأليف الحكومة». كذلك نقل بعض زوّار الرئيس نبيه بري عنه قوله إن جميع العقد الداخليّة قد حُلّت، والمانع الوحيد أمام تشكيل الحكومة إذا لم تُشكّل، يتمثل بالعوامل الخارجيّة المسؤولة عن التعطيل. وكان الرئيس المكلّف قد زار بري في عين التينة يوم أمس. وعلّقت مصادر ميقاتي على مطالبة بعض قوى 14 آذار بعدم تأليف حكومة من لون واحد قائلة: «انتظرهم الرئيس أكثر من شهر، ثم قرروا من جانبهم عدم المشاركة في الحكومة، فكيف يتحدثون اليوم عن حكومة لون واحد؟».

وفي مقابل المنسوب العالي من التفاؤل، قال عضو جبهة النضال الوطني النائب علاء الدين ترو إن الأجواء لا تشير إلى ولادة قريبة للحكومة، متوقعاً أن يأخذ البحث في الأسماء وقتاً ليس بقليل.

أمّا رئيس حزب القوات اللبنانيّة سمير جعجع فاستبعد إمكان تشكيل حكومة على أثر لقاء أقطاب الأكثريّة الجديدة في مجلس النواب أمس، مضيفاً: «إذا صحّت الأخبار الايجابيّة عن ولادة الحكومة العتيدة في وقت قريب، فمن الأفضل أن يبقى البلد من دون حكومة على تشكيل حكومة كالتي يفكرون فيها، إذ إنها ستكون مؤذية للبلد». ولفت الى أن «حكومة اللون الواحد ستضر بمصلحة الوطن، فلا أحد بعيداً عن أورشليم وستكون أسوأ بعشر مرات مما نحن عليه، كما أن حكومة اتحاد وطني قد أثبتت عدم فاعليتها».
وأسف جعجع لما يحصل في لبنان من أحداث «إن على صعيد تشكيل الحكومة أو على الحدود الجنوبية والشمالية بما سيعيد لبنان مئات السنين الى الوراء»، موضحاً أن «الصورة الحالية للبنان تذكرني بدولة تقع في آخر الكون في القرن السابع عشر لم تسمع بالحضارة ولا بالانسانيّة ولا بحقوق الانسان ولا بالمواثيق الدوليّة، وكأن هذه الدولة تتصرف وفقاً لما يمليه عليها الآخرون دون أن تكون مطلعة».

وفي ما يخصّ موقف لبنان من طرح مشروع قرار في مجلس الأمن لإدانة السلطات السوريّة، سأل جعجع: «من سيصوت باسم لبنان في مجلس الأمن؟ فمن المفترض أن يمتنع مندوب لبنان لدى مجلس الأمن عن التصويت بالحد الأدنى على خلفيّة وضعنا المعروف تجاه سوريا، وما يحصل فيها من أحداث». وذكّر بأن «مندوب لبنان يجب أن يستشير رئيس الجمهوريّة ورئيس حكومة تصريف الأعمال اللذين تقع عليهما المسؤوليّة، وليس وزير الخارجيّة لأن من المعروف هو تحت تأثير من».

بدوره، رأى النائب السابق إميل إميل لحود أنه «في الوقت الذي يشنّ فيه فريق لبناني حملة عنيفة من الاستنسابيّة في التعاطي مع القضايا الدستوريّة على رئيس المجلس النيابي، يحفل التاريخ الحديث لهذا الفريق بالتجاوزات الدستوريّة وأبرزها التوقيع على اتفاقية المحكمة الدوليّة من دون العودة الى رئاسة الجمهوريّة، وفي ذلك مخالفة واضحة من الجهة التي تدّعي اليوم الدفاع عن الرئاسة». وأضاف لحود أن «المؤسسات الدستوريّة تعاني إما من الفراغ أو من الشلل، حتى نكاد ننسى أن في لبنان مؤسسة عريقة اسمها المجلس الدستوري الذي كان عند توقيع هذه الاتفاقية «خالصة مدتو»، فبات اليوم، كما يبدو، «خالصة همتو»». ورأى أن «فريق 14 آذار يمعن في إغراق البلد في الشلل التام، ولذلك انزعج من دعوة الرئيس نبيه بري الى جلسة نيابيّة تعيد بعض الروح الى المؤسسات، فيما تخلّى رئيس حكومة تصريف الأعمال عن واجبه الوطني لينصرف الى إدارة شركاته، ما يعزز نهج التعاطي مع الدولة بمنطق الشركة الذي تكرس منذ مطلع التسعينيات».

السابق
الانباء: جنبلاط عاد من دمشق بتمنيات الأسد تشكيل الحكومةوالأكثرية تتوقعها قبل الأربعاء والمعارضة تشكك
التالي
السفير: سوريا: اختبار جديد اليوم في الشارع … ومجلس الأمن