مشروب الطاقة خارج الرقابة…ومزجه بالكحول مضرّ

بدأت أزداد تعرّقاً، دقات قلبي أسمعها بقوة، لا أعلم ماذا أصابني؟ هل هو مشروب الطاقة؟ لا أظن لأنني غالباً ما اناوله قبل كل مباراة. لن أقول لأحد اني تناولت ثلاث عبوات. سأعزو السبب الى طول السهر أمس. ماذا عن مشروب الطاقة؟

يُعطي القوة والنشاط… يمدّ بالطاقة والحيوية… يحفّز الرغبة والحماسة… عناصر يبحث عنها الشباب لتكون “متنفّساً” لهم تبعدهم من الواقع. إنه مشروب الطاقة (Energy Drink)، الذي بات يزيد حيرة الشباب لكثرة الماركات والأصناف التي تكاد لا تعدّ ولا تحصى. ما صحة المعلومات المتداولة عن فوائد هذه المشروبات؟ وما موقف الأطباء واختصاصيي التغذية منها ومن مبالغة الشباب في التوقف عند “ايجابياتها”؟

أنواع مختلفة من مشروبات الطاقة تغزو أسواقنا من بابها الواسع. يشبه
مشروب الطاقة، من حيث التركيب، مشروب لغازي يحتوي على الكافيين والسكر وفيتامينات مجموعة “ب” وبعض الأحماض الأمينية والمواد الحافظة والملوّنة والمطعمة “إلا أن نسبة الكافيين فيه أعلى بكثير من المشروبات الغازية”، وفق الباحثة في العلوم الطبيعية معدّة ومقدّمة برنامج “عينك ع صحتك” على شاشة “المستقبل” والاختصاصية في التغذية الدكتورة إفلين عون. وبناءً على ذلك “يؤثر الكافيين على صحة مستهلك المنتج من ثلاث نواحٍ: أولاً يعتبر مادة مدمنة، ثانياً يحفّز الجهاز العصبي على رفع معدل السكر السريع، وثالثاً يعمل على امتصاص السوائل من الجسم”.

تضيف عون: “مشروب الطاقة مزج ما بين المشروبات الغازية، وقد تمّ اخيراً إدخال المكمّلات الغذائية في التركيبة، مثل “كارنيتين” (Carnitine) لحرق الدهون أو مشتقات من الأعشاب (Ginseng) التي تخفف حالة الكآبة والمزاج المتقلّب وتمدّ بالطاقة، وأنواع أخرى تقوّي الذاكرة، إلى مكملات غذائية اخرى في المشروب. وترويجه لا يقتصر على أنه ينشط الطاقة فحسب، إنما ايضا على انه يحتوي على فيتامينات، منها مجموعة “ب” المغذية للجهاز العصبي”.

هل توافر الفيتامينات والمكملات الغذائية والأعشاب في المنتج يشكل خطراً على الصحة؟ تجيب: “ليس هناك إثباتات ان مشروبات الطاقة لا تخلف على المدى البعيد أخطاراً وآثاراً جانبية، وخصوصاً أننا لا نعرف مصدر المكملات والأعشاب المتداخلة فيها، ولا حتى الكميّة اللازمة. وبالتالي فهي مشروبات غنيّة بالكافيين والسكر. فهل تجوز إضافة مجموعة الفيتامين “ب” إليها؟”.

وتنصح الشباب والمراهقين بالإبتعاد قدر الإمكان من تناول هذا المنتج، منبهةً الى “خطورة مزجه مع مشروبات أخرى كالكحول، كما يفعل شباب في كثير من أماكن السهر، مما يضاعف الأضرار ويتسبب بجفاف الجسم في شكلٍ سريع”.

لا تضمن عون ان مشروبات الطاقة آمنة، وخصوصا ان مستهلكيها يفرطون في تناولها، وأحياناً في أوقات غير مناسبة. وتؤكد ان “لا مشكلة اذا رغب أحد في شرب عبوة واحدة من حين إلى آخر، شرط ان يكون في صحة ممتازة، ويكون قد تناول كميّة كافية من المياه وأطعمة غنية بالبروتيين والقليل من الدهون، خصوصا الدهون الجيّدة كالزيوت، لأنها تخفف امتصاصها في الجسم وآثارها الجانبية أيضاً”.

أما البدائل التي يمكن ان يلجأ إليها الشباب لتعويض الطاقة التي يفقدونها، فتنصح “باحترام أوقات راحة الجسد، لأنه لا يمكن التحايل عليه بمشروبات منبّهة ومنشطات بديلة. كذلك يجب الحرص على تناول كمّية وافرة من المياه يوميّا، والاستعانة بمختلف أنواع العصير الطبيعي أو القهوة”.

أضرار بالغة وتأثيرات خطرة

ما يقوله الطب في هذا الاطار بالغ الاهمية. إذ يعتبر طبيب أمراض القلب والشرايين الدكتور ناصيف فغالي “إن لمشروبات الطاقة المتداولة، خصوصاً بين المراهقين، والتي يعتقدون أنها تمدّهم بالطاقة، أضراراً لا تحمد عقباها، خصوصاً عند تناولها في شكلٍ متكرر خلال 24 ساعة”.

وإذ يلفت الى المضار والآثار الجانبية يلاحظ ايضا “ان الشركات المعنية لا تزال تتوسّع في ترويجها للإستحواذ على أكبر نسبة ممكنة من المستهلكين، في طليعتهم الشبان. والبرهان على ذلك، ان مندوبي تلك الشركات يجولون على المدارس وأماكن تجمعات الشباب لتوزيع المنتج عليهم مجاناً”.

المشكلة، في رأي فغالي، تكمن في “عدم وجود ضوابط ومقاييس ومواصفات دقيقة لصناعة هذه المشروبات، وعدم خضوعها للرقابة”. يقول: “الدليل هو ان الشركات لا تدوّن على غلاف العبوة الكميّة المسموح بتناولها أو المواد والمحتويات المتداخلة فيها، حتى أنه لا يتم التحذير من مزجها بمشروبات أخرى، كالكحول، أو تنبيه مرضى الضغط والقلب والشرايين والسكري ومرضى الأعصاب أو غيرها من الأمراض المزمنة الى ضرورة تجنب تناولها”. ويعزو السبب الى ان “هذا التنبيه قد يخفف نسبة الإقبال عليها”.

زيادة استهلاك مشروب الطاقة تصل إلى الإدمان. ووفق فغالي، إن المواد الموجودة في هذه المنتجات تنتج أضراراً بالغة تؤذي الصحة العامة، منها “طرد السوائل من الجسم وارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام دقات القلب، وزيادة حالة الصداع المزمن والأرق واضطرابات النوم”.

الى ذلك، يضيف “إن لمادة الكافيين تأثيراً سلبياً على وظائف الجهاز العصبي والهضمي والكلى، ولاسيّما القلب والضغط والشرايين والسكري”. ويناشد وزارتي الصحة العامة والإقتصاد “وضع تشريعات، أو مواصفات، تلزم المنتجين لصق تحذيرات على غلاف العبوة، في ما خص الآثار الجانبية على صحة الإنسان”.

إزاء ما تقدّم، يتبيّن أن منتج مشروب الطاقة مادة مضرّة ولا فائدة منها إلا شكلاً ومنفعة لحظية. ولا يبدو ان موضوع مشروبات الطاقة يقل أهمية عن ملفات أخرى تعني صحة المواطن.

السابق
السياسة: القرار الاتهامي نهاية الشهر الجاري
التالي
صناعة لبنانية