“زحف” شباب الضاحية إلى القدس بات له شروط…

"زحفاً زحفاً نحو القدس، حربا حربا حتى النصر". ربما هذا هو الهتاف الأكثر شهرة في ضاحية بيروت الجنوبية، معقل المقاومة الإسلامية والمقاومين التوّاقين إلى تحرير القدس وفلسطن "التاريخية". لكن اليوم تراقب الضاحية عن كثب تطورات الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة، بعد أحداث ذكرى النكبة في 15 أيار الماضي، خوفاً من أية ردّة فعل مميتة قد يقدم عليها الاسرائيليين والفلسطينيين فيصبحون، هم سكان الضاحية، الضحية، كالعادة.

يعتبر أيمن شحادة، منسق مجالس الطلاب في حركة "أمل"، أنّ "المظاهرات حق، فالشعب الفلسطيني في لبنان والدول المجاورة بطالب بحق مشروع له، وقد تكون هذه التحركات لتذكير العالم بقضيتهم المنسية لاسيما مع الازدواجية الموجودة في فكرة حق الشعوب تقرير مصيرها بنفسها. فهي تطبّق في دول فيعطى شعبها حقوقهم ويلغى تطبيقها في دول أخرى". ويضيف شحادة: "حركة أمل تقف موقف المؤيد لهذه التظاهرات على أن تبقى ضمن الأطر الأمنية المضبوطة من قبل اللجنة التنظيمية والجيش اللبناني"، وفيما يتعلق بعودة "المارد الفلسطيني" إلى الساحة اللبنانية يعلق شحادة: "زمن الماضي راح، ونحن نعيش في زمن العودة لفلسطين والانتصارات، وقد أظهر الفلسطينيون في 5 حزيران انضباطاً وقبولاً لقرار قيادة الجيش اللبناني واحتراماً لأمن وسيادة الدولة اللبنانية".

محمد مكاوي شاب عادي، ليس مسؤولا ولا حزبيا، لكنّه يرى في "هذه التحركات الشعبية، خصوصا في أوساط الشباب، طريقة لمنع نسيان القضية الفلسطينية"، ويسأل: "أين يقف لبنان من هذه المواجهات؟". فبالنسبة له هنا تكمن الإشكالية: "موقع لبنان في المجتمع الدولي وبروزه كجزء أساسي من العالم العربي يحتم عليه صيغ معينة لحماية وجوده، إضافة إلى معاناته المتكررة من جراء الحروب المستمرة على أرضه مع العدو الصهيوني، لذلك لا بدّ من إعادة الحسابات إلى نقطة الصفر".

مكّاوي، مثل العديد من شبان الضاحية، يعتبر أنّ "أيّ تحرك على الحدود الفلسطينية في خضم الظروف الإقتصادية القاتلة والمشادّات السياسية الحاصلة يعتبر بمثابة إنتحار جماعي"، ويرفض "التضحية بشباب"، ويلفت إلى "أهمية استغلال الفرصة والعمل على إعادة تفعيل الحوار اللبناني – الفلسطيني، وتنظيم أطر التعاون المشترك بين لبنان وفلسطين". ويكمل مكاوي: "ليس موفقا ترك الجيش والسلطة اللبنانيين الحرية للعمل الفلسطيني المسلح في الجنوب، فالقضية الفلسطينية تعني الجميع".

أما ندى الحاج، فتاة عادية أيضا وتحبّ المقاومة، فقد انتقدت ما يحصل معتبرة أنه "وعلى الرغم من حق الفلسطينيين بالمطالبة بالعودة إلى أرضهم ولكن ليس بهذه الطريقة، فبعد أحداث 15 حزيران برز خطاب (الرئيس الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو التهديدي بالردّ على أي تحرك قد يحصل بالقصف المباشر من العاصمة بيروت مروراً بكافة المناطق اللبنانية"، وتضيف بعصبية: "وما في شي بيمنع اسرائيل من تنفيذ هذا التهديد حتى بوجود المقاومة، ولا أعتقد أنّ لبنان قادر على تحمل ويلات حرب جديدة ستكون أقوى وأخطر من حرب تموز 2006، لذلك من الأفضل أن يصار إلى تهدئة الأجواء في الوقت الحالي".

وبالنسبة لماهر الخطيب، المتحمّس أكثر من مكاوي، فإن "ما يحدث الآن من تحركات على الحدود اللبنانية والسورية هي المعركة الاساسية في العالم العربي بغض النظر عن الثورات العربية المتنقلة "، ويكمل: "هذه فلسطين ومن حقهم القيام بهذا الحراك لان العودة لن تحصل بالصلاة والتمنيات، وبالتالي من غير الممكن أن يكون هنالك من يقف ضدّ هذا الحراك الحاصل فالقضية اسمها: فلسطين".

أما إذا كان متخوفاً من حدوث حرب فقال: "كل شيء ممكن مع العدو الاسرائيلي لكني أستبعد أن يقوم بمغامرة جديدة في جنوب لبنان"، مستنداً بذلك إلى "المعادلة الجديدة التي فرضتها حرب تموز ونتائجها مع إسرائيل، وبالتالي فمن المستبعد أن تقوم بأي تهوّر فقوة المقاومة وقدرتها تمنعانها من الإقدام على أي حرب جديدة خوفاً من النتائج". ويضيف الخطيب: "الحراك الفلسطيني سلمي حاليا، لذا ما من خطر على الأمن في لبنان ومن المستحيل عودة القوة الفلسطينية المسلحة إلى الساحة اللبنانية لأن الاوضاع اختلفت كلياً عن ذكرى النكبة".

لا بدّ من وضع هذه الأحاديث مع شباب الضاحية الجنوبية في إطار "عدم اعتراض" كلّ من "حزب الله وحركة "أمل" على قرار السلطات اللبنانية منع الفلسطينيين من التوجّه إلى الحدود الفلسطينية في ذكرى "النكسة"، ووضعها أيضا إلى جانب تحرّك إيراني ديبلوماسي على الحدود، فيما كان الجولان يشتعل شهداء وجرحى!

السابق
الشرق الاوسط:7نازحين سوريين يحاكمون في لبنان بجرم «الدخول خلسة»
التالي
“آوتبوكس”: أفلام قصيرة من العالم تقفز خارج الصندوق