حركة مشاورات نشطة لحسم الأسماء وتوقعات بولادة قريبة للحكومة

في وقت تنشط فيه الاتصالات والمشاورات بين اقطاب الأكثرية الجديدة لحلحلة العقد والتباينات التي حالت دون الاتفاق على التشكيلة الحكومية وصولا الى إنجازها نهائيا، صعّدت سلطة الاحتلال «الإسرائيلي» من تهديداتها ضد لبنان وسورية عشية ذكرى النكسة خوفا من حصول مسيرات الى الحدود مع فلسطين المحتلة على غرار ما حصل يوم 15 أيار الماضي في ذكرى النكبة.

وبدا واضحا ان حكومة اليمين المتطرف في «إسرائيل» قلقة جدا من إمكان حصول مسيرات كالتي حصلت في 15 الشهر الماضي، حيث اظهرت هذه المسيرات عجز جيش الاحتلال وكل ترسانته العسكرية عن مواجهة مواطنين عزل سلاحهم الوحيد، هو إيمانهم بعدالة قضيتهم. وبأن حق العودة سيبقى حيا ما دامت هناك إرادة لدى كل الرافضين لاغتصاب اليهود لأرض فلسطين.

وفيما انتهى الاجتماع المسيحي الذي دعت اليه بكركي امس، الى نتائج متواضعة من دون الدخول حتى في بحث القضايا الخلافية الاساسية، تفاديا لفشل الاجتماع، توسعت الاتصالات في الساعات القليلة الماضية بحثا عن مخارج لأزمة بعض الحقائب الحكومية، حيث بقيت هذه الاتصالات بعيدة من الأضواء تفاديا لانتكاسة جديدة قد تتعرض لها هذه الاتصالات على غرار ما حصل في مرات سابقة.

وأفيد ان اتصالات ولقاءات جرت امس في إطار الحركة التي استؤنفت منذ ايام لتنشيط عملية تشكيل الحكومة، وكانت للخليلين لقاءات ومشاورات نهارا ومساء في عين التينة وفردان ومع جهات اخرى معنية.
ووصفت مصادر الرئيس بري الأجواء بالإيجابية، لكنها قالت ان الاتصالات متواصلة بغية تجاوز العقبات للوصول الى تشكيل الحكومة.

وعلم ايضا، ان البحث يتركز بالدرجة الاولى على الخلاف الذي نشب بين رئيس الجمهورية والعماد عون على الوزير الماروني الثاني الذي طالب به الرئيس سليمان. إضافة الى موضوع بعض الحقائب خاصة الاتصالات.
وقالت المعلومات، ان افكارا واقتراحات طرحت في هذا المجال يجري الاخذ والرد حولها. كما ان البحث دخل مرة اخرى في مسألة الاسماء.
أوساط ميقاتي
لكن أوساط قريبة من الرئيس ميقاتي، اشارت الى ان هناك اجواء إيجابية على الصعيد الإعلامي اكثر مما هي في المضمون. مشيرة الى ان ما يصدر من مواقف عن قيادات التيار الوطني الحر وتكتل التغيير والإصلاح هي مواقف إيجابية. لكنها اوضحت ان هذه المواقف تحتاج الى ترجمة خصوصا ان الرئيس المكلف لم يتلق الردود على الأفكار التي كانت قد طرحت في اجتماع عين التينة يوم الاحد الماضي. وأضافت ان «الخليلين» لم يتصلا بالرئيس المكلف الذي انتقل مساء امس الى طرابلس على ان يعود اليوم.

كذلك اشارت مصادر مطلعة الى ان هناك صيغا عدة يجري التداول بها، وكذلك طرح بعض الاسماء خاصة للحقيبة المارونية التي قد يتفق على الاسم الذي سيتولاها، بين رئيس الجمهورية والعماد عون على غرار ما حصل مع حقيبة الداخلية كحل للخلاف القائم بين الرئيس سليمان وعون، حول الحقيبة المارونية الخامسة، على اعتبار ان رئيس الجمهورية لا يَعدُّ ان حقيبة الداخلية من حصته وهو لذلك يريد وزيرا مارونيا.وأوضحت المصادر ان الاتصالات تُركّز على ان الوصول الى مخرج حول هذه الحقيبة يكون مشابها للاتفاق على شخصية وزير الداخلية. كما اشارت الى ان البحث مع الرئيس ميقاتي يتناول ايضا الشخصية التي ستمثل المعارضة السنية السابقة.
وقالت ان هناك اكثر من اسم يجري التداول به، بينها اسماء من البقاع الغربي. على ان يصار الى التشاور مع الرئيس عمر كرامي حولها، ولم تستبعد المصادر ولادة الحكومة خلال ايام قليلة اذا سارت الامور في الطريق الإيجابي.
وفي هذا السياق، عاد زوار دمشق في الساعات الماضية بأجواء تدعو الى الإسراع في تشكيل الحكومة، واشار هؤلاء الى ان القيادة السورية بعثت عبر زوارها من اللبنانيين بنصائح الى المعنيين بضرورة العمل لتجاوز العقبات التي تؤخر تشكيل الحكومة. وانه يمكن تدوير الزوايا لحلحلة هذه العقد على غرار ما حصل مع حقيبة الداخلية.

فريق «14 آذار»
وحملة التشويش على بري

في هذا الوقت يواصل فريق «14 آذار» ونوابه التشويش على دعوة الرئيس نبيه بري لعقد جلسة عامة لمجلس النواب يوم الاربعاء المقبل، لإقرار عدد من المشاريع التي من شأنها تسيير عجلة الدولة في ظل الشلل الذي يصيب العمل الحكومي.
وحاول بعض نواب «14 آذار» تشويه حقيقة ما حصل في اجتماع مكتب مجلس النواب اول من امس من خلال الإيحاء بأنه لم يتفق على جدول الاعمال، مع العلم ان هذا الامر لم يجر التطرق اليه، لأن نواب «14 آذار» الاعضاء في مكتب المجلس رفضوا في الأساس فكرة انعقاد الجلسة العامة.

وقد اوضحت الأمانة العامة لمجلس النواب، مساء امس حقيقة ما حصل، وقالت «ان اجتماع هيئة مكتب المجلس اول من امس لم يتطرق الى جدول اعمال الجلسة المقررة في 8 حزيران الجاري رغم عرضه من قبل دولة رئيس المجلس وتوزيع جدول الاعمال على كامل الاعضاء، بل اكتفى السادة الاعضاء الذين اصدروا بيانهم اليوم (امس) برفض انعقاد الجلسة، الامر الذي هو من اختصاص الرئاسة حصرا، لذلك اقتضى التوضيح علما ان هذا الامر ابلغ الى جميع اعضاء المكتب قبل انفضاضه بل انهم ابلغوا انه في حال عدم اكتمال النصاب في الموعد المحدد فإن دولته سيدعو الى جلسات اخرى متتالية».

اللقاء المسيحي
الى ذلك، انعقد اللقاء المسيحي ـ الماروني الذي دعا اليه البطريرك بشارة بطرس الراعي وحضرته حوالى اربعين شخصية ابرزها العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية والرئيس امين الجميل وسمير جعجع، وعلم ان البحث داخل الاجتماع اقتصر على شؤون غير خلافية، حيث حرصت البطريركية على عدم إثارة قضايا سياسية مدار خلافات بين المجتمعين.

ولفت البيان الذي صدر وتلاه المطران سمير مظلوم الى ان النقاش دار حول ثلاث نقاط: الالتزام بمبدأ الشراكة كخطوة اولى لتفعيلها مع كل العائلات اللبنانية. ثانيا: المحافظة على الارض اللبنانية كوسيلة لترسيخ الوجود والهوية والحفاظ على تعددية لبنان. وثالثا: اعادة التوازن الى الإدارات العامة، من خلال مشاركة المسيحيين في خدمة الدولة انطلاقا من احترام مبدأ الكفاءة والمناصفة.

واشار الى انه جرى تشكيل لجنة من القوى السياسية المشاركة لتحديد مواعيد اللقاءات المقبلة. مؤكدا ان الجو كان جيدا جدا ويتمتع بالاحترام المتبادل.
وقد وصف البطريرك الراعي اللقاء بأنه ممتاز جدا وقال «ما اجملهم وهم يجتمعون ولم تعد هناك مواضيع خلافية».

أجواء اللقاء

وفي مفارقة هي الاولى من نوعها، لم يخرج النقاش بين المجتمعين في بكركي عن نقاط البحث المحددة في جدول الاعمال. وذلك رغم ميل السياسيين عامة، والمسيحيين خاصة الدائم الى التطرق لقضايا مركزية وخلافية كبيرة. وحيث إن الاحاديث الجانبية بين اعضاء اللقاء الماروني في أروقة الصرح البطريركي، تخللها الكثير من المزاح، في ظل انعدام المواضيع السياسية العامة.

وقد ساد نوع من السباق على خلفية إظهار كل شخص لنفسه في صورة الغيور على وضع طائفته ومصلحتها، وعلى طرح الافكار «الهامة» وذكر الدراسات والابحاث المنجزة في هذا الشأن على يد «كبار الاختصاصيين» المخلصين للطائفة.
وفي معلومات «البناء» ان موضوعي بيع الاراضي وحضور المسيحيين في الإدارات العامة دارا بين دفتي نقاش، في احداهما قدر كبير من المزايدة، في مقابل قدر من الموضوعية في الجانب الآخر. لكن هذين الموضوعين مثلا مواد نقاش المجتمعين، فيما مثلا مواد عمل للجنة المتابعة التي انبثقت عن اللقاء والتي يراهن كثيرون على شخصية رئيسها النائب البطريركي العام المطران سمير مظلوم، لكي يلمسوا نتائج إيجابية وثمارا حقيقية لعملها. لكن اعضاء اللجنة يبدون اهتماما عاليا بمهمتهم لأن الحكم على فشلهم او نجاحهم، سيصدرعن محكمة الرأي العام اللبناني او الشعب بتعبير أوضح.

وعلى هذا الحكم «تتوقف استمراريتنا في المستقبل» بحسب النائب سيمون ابي رميا الذي اتفق اعضاء اللجنة على تعيينه مقررا لها اما منسقها فلم يعيّن بعد. وكان لمؤسسة «لابورا» التي مثلها الاب انطوان خضرا في اللقاء دوراً كبيراً في تركيز النقاش على هاجس بيع الأراضي وتملك الأجانب، و»الخلل الخطير» في التوازن اللاحق بمشاركة المسيحيين في القطاع العام. وأدى عرض «لابورا» الى تضافر النوايا للمساهمة في العمل الإنقاذي المطلوب، فساهم عدد من الحضور بالرأي وساهم آخر بالتزام إجراء بعض الدراسات عن هذه الازمة، وانتسب عدد آخر الى لجنة المتابعة مباشرة وغير مباشرة

التحرك الفلسطيني في ذكرى النكسة

في هذا الوقت، تتوضح اليوم صورة التحرك الذي ستقوم به الفصائل الفلسطينية في ذكرى النكسة الذي يصادف بعد غد الاحد. وعلم ان اجتماعا سيحصل اليوم بين وفد يمثل قيادة الجيش وآخر يمثل الفصائل الفلسطينية لبت آليات التحرك الذي ستقوم بها الفصائل في هذه المناسبة.

لكن مصادر امنية لبنانية واخرى من قيادة الفصائل الفلسطينية، استبعدت القيام بمسيرات الى الحدود مع فلسطين المحتلة، وقالت مصادر امنية لبنانية انه من غير الوارد السماح بوصول المسيرات الى الحدود مع فلسطين المحتلة تفاديا لسقوط ضحايا كما حصل في 15 ايار الماضي كما ان لبنان ملتزم بالقرار 1701.

وبدورها، اشارت مصادر فلسطينية، الى ان الأجواء لا توحي بإمكانية القيام بمسيرات الى الحدود، مشيرة الى انه قد يكتفى بمهرجان شعبي في الجنوب او بمسيرات الى بعض القرى الحدودية.
وفي الإطار نفسه، علم ان هناك إجراءات ستتخذ للحيلولة دون تكرار ما حصل عند الحدود مع فلسطين المحتلة في مارون الراس، لتفادي سقوط ضحايا من خلال الحد من تمدد المتظاهرين الى الحدود.
وكان قد عقد امس اجتماع في الناقورة بين ضباط من لبنان و»اليونيفيل» وجيش الاحتلال «الاسرائيلي» لمناقشة بعض الامور الطارئة.

وخلال الاجتماع ابدت قوات «اليونيفيل» تخوفها من تكرار ما جرى في 15 ايار في الخامس والسابع من حزيران، مستندة الى تقارير واخبار الفايسبوك عن الالتزام بالتوجه بمسيرتين الاحد والثلاثاء الى الحدود مع فلسطين المحتلة، وحاولت ان تأخذ من الجيش موقفا بهذا الشأن لكنها لم تحصل على ذلك.
أسارتا
وأعلن القائد العام لقوات «اليونيفيل» اللواء البرتو اسارتا، ان المناقشات في اجتماع الناقورة ستساعد في التحقيق الذي تجريه «اليونيفيل» في الاحداث المأسوية التي وقعت في 15 أيار الماضي. وقال: «يتحتم علينا بذل قصارى جهدنا لتجنب وقوع حوادث في المستقبل تؤدي الى انتهاك القرار 1701. وكذلك تجنب رفع وتيرة التوتر وخطر التصعيد على طول الخط الأزرق».

تهديدات «إسرائيلية»

وحاولت «إسرائيل» اطلاق بالونات دخانية قبل ايام من ذكرى النكسة، من خلال تحميل لبنان وسورية مسؤولية ما قد يحصل في حال وصلت المسيرات الى الحدود مع فلسطين المحتلة.
وقال رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو، ان «إسرائيل» ستعمل على ضبط النفس والحزم من اجل منع اي حالات عبور لحدودها عندما يقوم الفلسطينيون باحتجاجات حاشدة الاحد المقبل. وقال نتنياهو في خطاب له مساء امس، «إسرائيل» مثلها مثل اي دولة اخرى لها الحق في حراسة حدودها والدفاع عنها ومن واجبها القيام بذلك. ولذا فتعليماتي واضحة وهي التحرك مع توخي ضبط النفس، لكن مع الحزم اللازم لحماية حدودنا وتجمعاتنا السكنية ومواطنينا».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت»عن مصادر في الحكومة «الإسرائيلية» تحذيرها من ان «إسرائيل» ستستخدم كل الوسائل الممكنة لمنع اي هجوم يمس سيادتها.
وذكرت ان «إسرائيل» اصدرت تحذيرا شديدا موجها الى سورية ولبنان قبل إحياء ذكرى النكسة، اكدت فيه «انهما يتحملان المسؤولية عن كل ما قد يحدث يوم الاحد على الحدود. ولفتت الى ان «إسرائيل» ابلغت هيئة الأمم المتحدة انها لن تتسامح مع أي هجوم قد يمس سيادتها».

ومن جهتها، نقلت صحيفة «هاآرتس» «الإسرائيلية» عن قوات الاحتلال «الإسرائيلي» ان جيش العدو وضع خططا لزيادة عدد قواته المنتشرة على ثلاث جبهات مختلفة. وذلك مع اعلان الفصائل الفلسطينية نيتها التظاهر على الحدود مع «إسرائيل» يوم الاحد المقبل. وقالت ان الجيش «الإسرائيلي» يستعد كذلك لاحتمال حدوث عمليات تسلل الى الاراضي الفلسطينية المحتلة في ذكرى النكسة، واوضحت ان «قيادات المناطق الثلاث في الجيش «الإسرائيلي» تعمل الآن على الاستعداد من اجل مواجهة خطط الفلسطينيين بالتظاهر وإمكانية محاولة البعض منهم عبور الحدود يوم الاحد. اضافت ان الجيش «الإسرائيلي» سيعزز قواته على الحدود الشمالية مع كل من لبنان وسورية، واضافة الى الضفة الغربية، وسيركز على مجال الاستخبارات، مشيرة الى ان الجيش «الإسرائيلي» اعاد تقوية السياج الفاصل في محيط بلدة مجدل شمس السورية المحتلة.

السابق
هكذا ثبتت براءة حزب الله من تهمة استهداف الطائف
التالي
نصر الله يهدد السعودية؟