المحسوبيّات تصيب المياه في زمن الشحّ

بات الحديث عن شحّ المياه موسمياً في الجنوب، إلا أنه يترافق هذا العام مع الحديث عن السرقات والمحسوبيات، رغم عشرات المشاريع، ولا سيما في بنت جبيل ومرجعيون. ففيما لا تصل المياه إلى معظم المنازل في هاتين المنطقتين أكثر من ثلاث ساعات في الأسبوع، ما لا يكفي لسدّ حاجة يوم واحد، تنعم بلدات أخرى أو منازل محدّدة بنعمة المياه التي تفيض عن الحاجة. هذا ما يقوله أبناء المنطقة، ومنهم طانيوس الحاج (رميش) الذي يؤكّد أن «المياه لا تصل إلى جميع منازل البلدة إلّا لساعتين أو ثلاثة كل 10 أيام، ونحن نعلم أن بعض القرى تصل إليها المياه على نحو كاف بسبب المحسوبيات». مشكلة المياه في رميش هي نفسها في عيتا الشعب ويارون ومارون الراس وشقرا وبنت جبيل. يقول محمد سرور (عيتا الشعب): «كل عام يعدوننا بأن المشكلة ستحلّ في العام الذي يليه. كل منزل هنا يضطرّ إلى دفع مئات آلاف الليرات لشراء المياه، لأن جميع أبناء البلدة من المزارعين»، مطالباً «الدولة بمراقبة موظفيها قبل أي شيء آخر، فنحن نعلم ماذا يحصل ولكن لا حيلة لدينا».

وفي هذا الإطار يوضح أحد الموظفين المعنيين بمتابعة ملفّ المياه في المنطقة أن «خطّ أنابيب المياه الذي يجر المياه إلى 14 بلدة في بنت جبيل، تُضخّ المياه إليه من بلدة صدّيقين (صور) إلى محطة بلدة كفرا، ثم تُجرّ المياه إلى بنت جبيل. لكن ما يحصل أن بعض القرى التي تُغذّى بالمياه من منطقة صور، تسحب المياه أيضاً من هذه الأنابيب بتغطية سياسية معروفة». يضيف: «في بلدة بيت ليف 16 مشتركاً بالمياه فقط، لكن جميع أبنائها الذين يزيد عددهم على 10 آلاف نسمة يحصلون على المياه من الخطّ الرئيسي لمنطقة بنت جبيل، وهذه الحال تنسحب على أكثر من قرية أخرى». ويرى أن «معظم الموظفين باتوا من الشبّيحة، يغضّون النظر عن المخالفات مقابل الأموال التي تدفع لهم من المنتفعين وأصحاب البساتين، ويحتجّون بوجود الأعطال في شبكة المياه، ثم يعمد بعضهم إلى تسجيل فواتير وهمية». وبحسب الموظف عينه، فإن «في إحدى بلدات مرجعيون المدعومة سياسياً 800 منزل غير مشتركة تصل المياه إليها مجاناً، كذلك فإنه تُلزّم تصليحات أعطال المياه إلى أحد المنتفعين، رغم وجود 15 عامل صيانة يعملون في مصلحة مياه بنت جبيل غبّ الطلب، ويستطيعون تصليح الأعطال، لكنهم هم أنفسهم باتوا يعملون بأجر عند هذا المتعهد، وليس هناك مشرف على أعمال الصيانة، فالأمر كلّه تحت تصرّف المتعهد وبعض المسؤولين في المصلحة بسام شرارة، من بنت جبيل، يقول إن «المشكلة ليست في عدم توافر المياه، لأن البعض من أصحاب النفوذ يتصّل بالمسؤولين عن توزيع المياه، فيحصل على ما يريده من المياه. فقد قال لي أحد المواطنين إنه ملأ بئر مياه منزله في يوم واحد بعد أن أجرى اتصالاً بأحد المسؤولين. أما أنا، فأضطرّ إلى دفع 45 ألف ليرة كلّ أسبوع لشراء المياه التي لا نعرف مصدرها ومدى صلاحيتها للاستخدام». مصدر في مصلحة مياه بنت جبيل يرى أن «حصّة 13 بلدة في بنت جبيل، منذ عام 2003، هي 5000 متر مكعب، وأن عدد المشتركين تضاعف، وأكثر من نصف هذه الحصّة لا تُضخّ، رغم أن المسؤولين لا يعترفون بذلك». رامي الحاج (رميش) يقول إن «البلدة التي يعتمد معظم أهلها على الزراعة، لا تصلها مياه الدولة إلّا 5 ساعات في الشهر الواحد»، ويؤكدّ ذلك موظّف في مصلحة مياه بنت جبيل، الذي أوضح أن في بلدة رميش 750 مشتركاً يدفعون رسوم المياه التي لا تصل إلى البلدة إلّا نادراً، لذلك يضطرّ أبناء رميش إلى شراء المياه. في المقابل هناك أنبوب مياه غير رسمي ينقل المياه إلى بلدة قريبة يسكن فيها أحد المسؤولين الكبار.

مشاريع صيانة وخزانات

افتتح برنامج «آرت غولد لبنان» التابع لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الربيع الماضي، مركزين لصيانة المياه في مدينة صور وبلدة الطيبة، بتمويل من الحكومة الإسبانية ضمن مشروع «تحسين إدارة الموارد المائية والبنية التحتية للمياه في جنوب لبنان»، ومن المفترض أن يستفيد منهما أكثر من60 ألفاً من سكان اتحاد بلديات جبل عامل و30 ألفاً من سكان اتحاد بلديات صور.
كذلك عمد البنك الإسلامي للتنمية المموّل من دولة الكويت، بإشراف مجلس الإنماء والاعمار، إلى تشييد خزاني مياه كبيرين في بلدة برعشيت، تُجرّ منهما المياه إلى أكثر من عشرين قرية وبلدة في المنطقة. وبنى البنك الإسلامي خزانات جديدة في أكثر من بلدة وقرية، ولجأ إلى ترميم القديم منها.

السابق
8 حزيران: يوم الحشر “البرّي”… لجنبلاط
التالي
شقرا تستضيف رجالات من الثورة المصرية والتونسية