إنقاذ التكليف يراوح ··وعون يرشح بيفاني للمركزي

بين اليوم وغداً، تنجلي حقيقة الصورة التي تشكلت في الايام القليلة الماضية بشأن إمكان تمرير حكومة مقبولة ومعقولة، في غمرة مناخ تتجمع فيه الغيوم من الجنوب والشمال، وفي الداخل تنذر بعواصف ساخنة، على خلفية اشتداد المخاوف من تفاقم الموقف في سوريا بعدما طالب اجتماع انطاليا باستقالة الرئيس بشار الاسد فوراً، ولاحظت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كيلنتون ان الرئيس السوري بدأ يفقد شرعيته.
واذا كان فريق المشاورات بين فردان وعين التينة وبعبدا – الرابية يتعاون عن قضاء حوائجه الحكومية بالكتمان، فإن المقاربة الجارية استناداً الى مصدر مشارك رفيع دخلت في تفاصيل الحقائب والاسماء، على خلفية تنازلات متبادلة ومتساوية، بحيث يمكن تصور تشكيلة تتقاطع فيها مصالح لبنانية واقليمية ودولية، على غرار ما حصل في الحكومات السابقة بعد العام 2005، ويكون الهدف الاساسي لها – اذا ما كتبت لهذه المقاربة النجاح – صيانة الاستقرار واعادة كل الملفات الى الطاولة داخل مجلس الوزراء.

على ان هذا الجهد المنصب على الملف الحكومي، والذي يتم بعيداً عن الصخب التفاؤلي او التشاؤمي لم يحجب الاهتمام المتزايد بالتهديدات الاسرائيلية التي ابلغت الى لبنان عبر <اليونيفل> وبعض السفارات الاوروبية والسفيرة الاميركية مورا كونيللي، والتي كانت موضع محادثات بين الرئيس المكلف نجيب ميقاتي وممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان مايكل وليامز، حيث اكد الرئيس ميقاتي ان قرار لبنان يتلخص بنقطتين: حرصه على ضبط الوضع عند الحدود الجنوبية وعدم تكرار ما حدث في 15 أيار في ذكرى النكبة، وحرصه ايضاً على اتاحة التعبير امام الشعب الفلسطيني للتعبير عن رغبته بالعودة الى ارضه واحترام القرار 194 الصادر عن الامم المتحدة، والذي يكرس حق العودة، عبر أعلى منظمة دولية تخضع لسلطتها قوات <اليونيفل> العاملة في الجنوب.

وكان هذا الموضوع قد استأثر بجانب من الاجتماع العسكري الذي رعته في الناقورة <اليونيفل> وحضره ضباط لبنانيون واسرائيليون، وناقش استمرار الخروقات الاسرائيلية للقرار 1701 عبر الطلعات الجوية وخرق الخط الازرق، وموضوع الانسحاب من الجزء الشمالي من قرية الغجر.

وفي هذا السياق برزت امس معطيات جديدة من شأنها تغيير قواعد اللعبة في اللحظات الاخيرة، وقبل ثلاثة ايام من الموعد المحدد فلسطينياً لمسيرة <العودة-2> في مناسبة ذكرى نكسة حزيران 1967، حيث تبين ان السلطات اللبنانية المختصة لم تعط اشارة الضوء الاخضر <للمسيرة، اي الترخيص الواجب توافره لانطلاقتها، بما يعني عملياً امكان الاتجاه نحو الغائها، او تغيير خط المسار من بوابة فاطمة الى معتقل الخيام.

اجراءات احترازية واشارت معلومات الى ان قيادة الجيش اللبناني ابلغت كل من راجعها من افراد السلك الدبلوماسي وقيادة <اليونيفل> انها مسؤولة امنياً عن منطقة العمليات ضمن اطار القرار 1701، وهي بالتالي ستمنع اي تحركات داخل نطاقها وتعتبرها منطقة عسكرية يخضع اي تحرك داخلها لترخيص مسبق من القيادة، وهي لم تعط حتى امس الـ<نعم> لانطلاق المسيرة.

وابلغت مراجع امنية مسؤولين كبار في الدولة ان الجيش باشر اتخاذ تدابير احترازية على الطرق المؤدية الى المنطقة الحدودية في الجنوب، وانه عمم على حواجزه وجوب التدقيق في هويات العابرين الى المنطقة، مع التشديد على منع قافلات فلسطينية لا يستحوذ ركابها على تصاريح صادرة عن الجيش.

وفي الجانب الاسرائيلي، واصل جيش الاحتلال استعداداته وتدابيره العسكرية على طول الخط الازرق تحسباً <لأي تداعيات خلال المسيرة>.

ونقلت صحيفة <يديعوت احرونوت> عن مصادر في الحكومة الاسرائيلية ان اسرائيل اصدرت تحذيراً شديد اللهجة الى كل من لبنان وسوريا قبل يوم النكسة وانها ابلغت الامم المتحدة انها <لن تتساهل مع اي هجوم قد يمس سيادتها>.

اما صحيفة <هآرتس> فقد ذكرت ان الجيش الاسرائيلي عزز قواته واستخباراته ووضع خططاً لزيادة قواته المنتشرة على 3 جبهات استعداداً لمواجهة خطط الفلسطينيين وإمكان محاولة بعضهم عبور الحدود.

الحكومة: تفاؤل وتشاؤم أما على الصعيد الحكومي، فقد لاحظت مصادر سياسية متابعة بوادر إيجابية تتعلق بإعادة تحريك هذا الملف، وتحدثت عن نوايا عبّر عنها بعض الأطراف المتصلة بالنائب ميشال عون، بإمكان حصول تسهيل معين في ما يتعلق بالماروني السادس، وبحقيبة الاتصالات في حال أعطى حقيبة مماثلة، لكن أوساط الرئيس المكلّف لفتت إلى أن هذا التفاؤل ينبغي أن يترجم بخطوات ملموسة تنسجم مع توجهاته بالتشكيل على قاعدة الدستور والصلاحيات، مشيرة الى أنه توجه إلى طرابلس وسيعود اليوم، وهو ما يزال ينتظر إجابات محددة حول نقاط طرحها في لقاء عين التينة الاثنين الماضي ولم تتم بلورتها بعد.

غير أن متابعين للملف الحكومي، أكدوا، في المقابل أن لا شيء جديداً على صعيد عملية التأليف، وأن جهود الساعات الـ 48 الماضية لإحداث اختراق في الوضع الحكومي تعثرت، ولم يعد في الأفق ما يشير إلى ولادة قريبة للحكومة العتيدة، بعدما تبددت أجواء التفاؤل التي سادت في اليومين الماضيين.

ونقل هؤلاء عن أوساط عون تأكيدها أنه لم يحدث اختراق بعد في الملف الحكومي، وأن الرجل ما زال متمسكاً بطروحاته السابقة ولن يتنازل عنها باعتباره يرأس أكبر تكتل نيابي ضمن الأكثرية الجديدة.

إلا أن المتابعين لفتوا النظر إلى وجود دينامية جديدة من أجل التقليع مجدداً في عملية التأليف، وهي تتناول تحديداً موضوع التسمية والحقائب، من دون العودة إلى شكل الحكومة، باعتبار أن النسب والحصص باتت محسومة ولا عودة عنها، ولاحظوا أن كل ما يتم هو محاولة لنقض مسؤولية التعطيل التي حملها النائب وليد جنبلاط مؤخراً للأكثرية الجديدة.

وكشفت مصادر أن الخليلين زارا الرئيس نبيه بري مساء، وأنهما ينتظران عودة الرئيس ميقاتي اليوم للتشاور معه، في ضوء ما سيعلنه عون اليوم بعد اجتماع تكتل <التغيير والاصلاح> وهو الموقف الذي يفترض أن يحسم اتجاهات التأليف، ويضع حداً لحالة التجاذب بين التفاؤل والتشاؤم الحكوميين.

الجلسة التشريعية في غضون ذلك، برزت أمس مشكلة إضافية أمام الجلسة النيابية التي دعا إليها رئيس المجلس قد تطيح بالجلسة نهائياً، في ضوء معارضة النائب جنبلاط وكتلته.

وكشفت مصادر مطلعة أن جنبلاط الواقع بالحرج بين علاقته بالرئيس بري والأكثرية الجديدة والاحتفاظ بوسطيته منعاً لتفاقم الاصطفاف، اشترط على الرئيس بري، حتى يشارك في الجلسة النيابية، أن يكون على جدول الأعمال بند واحد وهو التمديد لحاكم مصرف لبنان ونوابه، لكن جنبلاط فوجئ بأن بري أضاف إلى هذا البند 48 بنداً آخر بينها اقتراح القانون المعجل المكرر المتعلق بالعفو عن بعض الجرائم المرتكبة قبل 31/12/2010 وهو البند الذي يعارضه نواب 14 آذار بقوة.

وكان نائب رئيس المجلس النيابي فريد مكاري واعضاء هيئة مكتب المجلس من فريق 14 آذار النواب، احمد فتفت، ومروان حمادة وانطوان زهرا وسيرج طور سركيسيان اصدروا بيانا اعتبروا فيه ان بري تجاوز صلاحيات هيئة مكتب المجلس خلافا للنظام الداخلي بتقرير جدول الاعمال بمفرده ونشره، وتبليغه النواب، مشيرين الى ان الجدول الذي وزع لا قيمة قانونية له.

وسارعت الامانة العامة للرد على بيان النواب والتأكيد بأن انعقاد الجلسة هو من اختصاص الرئاسة.

وفي السياق عينه، نقل زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه قوله ان الرئيس بري ليس عنده حق بالدعوة الى جلسة تشريعية، لأن هذا يشكل تجاوزاً للسلطة الاجرائية ولرئيس الجمهورية والحكومة.

واوضح هؤلاء ان الرئيس سليمان كان يفضل السير بمخرج توقيع مرسوم جوال بالتمديد لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، من دون اللجوء الى جلسة تشريعية، خصوصا وان الوقت ما زال متاحا لهذه الخطوة.

الا ان معلومات خاصة كشفت بأن عون يرفض نظرية المراسيم الجوالة، ويفضل بقاء وضع سلامة على حاله، حتى انتهاء مدة ولايته، بقصد افساح المجال امام ترشيح مدير المالية آلان بيفاني لمنصب حاكم المركزي.

لقاء بكركي وسط هذه التطورات، كان لافتاً للانتباه ان اوساطاً اسلامية تعاملت بكثير من الترقب والحذر مع لقاء بكركي الموسع والذي ضم القيادات والنواب والسياسيين الموارنة برعاية البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي، بانتظار ما سوف يصدر عنه من مقررات على الصعيد الوطني.

واكدت هذه الاوساط لـ <اللواء> تأييدها ودعمها للجهود التي يبذلها الراعي لتوحيد الصف الماروني وتقريب وجهات النظر بين القيادات المتصارعة، على اعتبار ان مثل هذا التوجه يجب ان يوجه في اجواء تعزيز الوحدة الوطنية، وبالتالي فإن وحدة الصف الماروني تبقى المدماك في بنيان الوحدة الوطنية تماما كما هي وحدة الصف الاسلامي.

وأبدت الاوساط تحفظها على بعض ما ورد في بيان اللقاء الماروني، والذي ظهر وكأنه مطالب طائفية فئوية يخشى معها اعادة فتح البازار الطائفي والعودة الى البازرات بين الطوائف تحت عنوان الدفاع عن حقوقها ومصالحها وامتيازاتها.

وكان لقاء بكركي الذي جمع 37 شخصية مارونية بمن فيهم الاقطاب الاربعة ونواب الطائفة، قد انتهت الى بيان اكد علي ضرورة المحافظة على الارض كوسيلة لترسيخ الوجود والهوية واعادة التوازن الى الادارات العامة من خلال مشاركة المسيحيين في خدمة الدولة، على قاعدة الكفاءة والمناصفة.

واجمع المشاركون على متابعة البحث للحفاظ على لبنان كرسالة ونموذج للديموقراطية والحرية وشكلوا لجنة لمتابعة العمل والتنسيق في ما بينهم تضم نوابا من مختلف الكتل السياسية، على ان يحدد البطريرك الراعي موعداً للقاء آخر قريباً بعدما كان أكد اهمية الالتقاء لتحسين وتحصين الوضع في ضوء تعاليم الكنيسة.

السابق
ميقاتي: لم أتبلّغ تفاهمهم
التالي
الأمم المتحدة توزّع توجيهات استعداد وتتوقّع القرار الاتهامي مطلع تموز