البتاء: أجواء مشجِّعة تُحيط بحركة الاتصالات

دخل الوضع الحكومي من جديد مرحلة «اختبار النوايا» بحيث يتوقع ان تظهر الأيام القليلة المقبلة ما اذا كان هناك رغبة لدى بعض المعنيين بتجاوز العقد التي حالت دون تشكيل الحكومة، وأيضا القدرة على تجاوز التعقيدات والضغوط الخارجية. وهو ما بدا واضحا في كلام السفيرة الأميركية مورا كونيللي امس من خلال تجديد شروط إدارتها للتعاون مع الحكومة الجديدة.

وترافق التدخل الاميركي المتجدد في الشأن اللبناني بمسعى مكشوف لفريق «14 آذار» لوضع العصي ليس فقط امام قيام حكومة قوية وقادرة عبر مقولة الدعوة الى قيام حكومة تكنوقراط ومن شخصيات مستقلة. بل ايضا امام مسعى الرئيس نبيه بري الى عقد جلسة عامة لمجلس النواب لبحث عدد من القضايا الملحة تعوّض قليلا عن شلل السلطة التنفيذية، خصوصا ان رئيس الحكومة المنصرف سعد الحريري منهمك بأعماله الخاصة والازمات التي تواجه شركاته في السعودية، وقد ترجم هذا الموقف عبر معارضة نواب هذا الفريق في اجتماع هيئة مكتب مجلس النواب لعقد جلسة تشريعية عامة في الاسبوع المقبل بحجة «انها غير دستورية وغير ميثاقية».نصرالله
وسط هذه الأجواء توقعت مصادر قيادية ان يكون لكلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في ذكرى وفاة الإمام الخميني امس انعكاساته الإيجابية على الوضع الداخلي، خاصة بما يتعلق بتشكيل الحكومة والجهود المبذولة لإزالة العقد والتعقيدات.
وقال السيد نصرالله، ان الوضع الحكومي القائم غير مبرر داعيا الى استمرار الجهود من اجل الوصول الى نتيجة وقال: «نحن نعرف الصعوبات ونتفهم مخاوف وقلق بعض الحلفاء. مشيرا الى ان اولوياتنا مواصلة العمل والتعاون مع الجميع ومساعدة الرئيس المكلف لتشكيل الحكومة.

اضاف، ان تشكيل الحكومة مصلحة وطنية لذلك نقدمها على اي اعتبار، ولا يجوز ان نصاب بالإحباط وأن ينال منا اليأس. وقال: هناك مسؤولية على عاتق القيادات السياسية لا يستطيع احد ان يحيّد نفسه، موضحا ان المساعي مستمرة، وقد استؤنفت بفعالية ونأمل ان تدفع التطورات الاخيرة الى حسم هذه المسألة.

ورفض نصرالله اي مسّ ذاتي في لبنان وأية دويلات او ما شابه، مشددا على قيام دولة القانون والمؤسسات، وتطرق الى موضوع اتفاق الطائف ملاحظا انه يصعب في لبنان وضع آليات عادية لإنتاج الدستور. وقال هناك دعوة لتعديل الطائف واخرى للتمسك به، وهذا يعيد البلاد الى الانقسامات الطائفية. وقال دعونا نخرج من هذه الدوامة من خلال مقاربة الموضوع بطريقة مختلفة والقول ان لدينا دستورا وبعد 20 سنة أو اكثر لدينا ثغرات، وبالتالي فليكن عنوان مقاربتنا لأي مشكلة هو تطوير النظام بعيدا عن الحسابات الطائفية. اضاف، نحن بحاجة الى تطوير النظام ليتماشى مع حجم التحديات المختلفة.
وحذر من ان المشروع الاميركي ـ «الإسرائيلي» يريد تفتيت المنطقة العربية، وهذا ما حصل في السودان ويعملون له في اليمن. وقال من أوجب الواجبات الحفاظ على مؤسسات الدولة وتماسكها خصوصا المؤسسات الامنية. لأن الحفاظ على بنية الدولة يحفظ أمن البلد واستقراره.

وكما تطرق الى مسيرات العودة في ذكرى النكبة مؤكدا ان سقوط الشهداء لن يذهب هدرا.
ضغوط أميركية جديدة!
وامس جددت السفيرة الأميركية في لبنان مورا كونيللي بعد لقائها الرئيس نبيه بري تدخلها في الشأن الداخلي اللبناني، معتبرة ان موقف إدارتها من الحكومة الجديدة يتحدد في ضوء البيان الوزاري الذي ستقدمه هذه الحكومة.
الأسد يؤلّف هيئة للحوار
أما على صعيد الوضع في سورية، فقد حصلت خطوات إيجابية جديدة امس، جاءت تعبيرا عن إصرار القيادة السورية السير في مسيرة الإصلاح وإنهاء الأحداث التي حصلت أخيرا بعيدا عن كل الضغوط والمؤامرات التي تحاك في الغرف السوداء من قبل واشنطن و»إسرائيل» ومن معهما غربيا وعربيا.

واستكمالا لخطوة العفو العام التي كان قد اصدرها الرئيس الاسد أول من امس، فقد اصدر امس قرارا بتشكيل هيئة لوضع اسس للحوار وتحديد آلية وبرنامج زمني له.
وتنفيذا لقرار الرئيس الأسد بدأت مساء امس عمليات إطلاق الموقوفين من جميع التيارات السياسية بما فيها الاخوان المسلمين. وافيد ان عمليات الاطلاق شملت المئات.
وفي هذا الاطار عقدت اللجنة الإعلامية التي كان قد شكلها رئيس الوزراء السوري عادل سفر لبحث وضع قانون جديد للإعلام. واوضح رئيس اللجنة طالب قاضي امين انه يجري العمل على وضع مسودة قانون جديد للإعلام يلبي مطامح السوريين في إعلام وطني عصري يكون صورة حقيقية لسورية الحضارية».
«14 آذار» تعمل على تعطيل

مجلس النواب

في هذا الوقت، بدا واضحا الدور التعطيلي لفريق «14 آذار» على مستوى كل مؤسسات الدولة حيث كشف هذا الفريق امس عن مزيد من المحاولات لدفع البلاد نحو التأزم والفراغ وهو ما ظهر من خلال موقف نواب «14 آذار» الاعضاء في هيئة مكتب مجلس النواب برفضه حضور الجلسة العامة التي دعا اليها الرئيس بري يوم الاربعاء المقبل متذرعين بتبريرات دستورية او بحجج ما سموه ميثاقية. اما الهدف الحقيقي فهو الإمعان في جعل البلاد تسقط اكثر في الفراغ والفوضى.
واللافت في هيئة مكتب المجلس ان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري كان مع عقد الجلسة حسب مصادر نيابية، وانه يميل الى حضورها.

واعترف نواب «14 آذار» الاعضاء في مكتب مجلس النواب بخطأ الاستشارة التي كانت اتاحت الفرصة لانعقاد جلسة عامة في العام 2005 والتي اقرت يومها إطلاق سراح سمير جعجع من السجن بعفو عام.
ووفق المعلومات ايضا فقد اكد الرئيس بري في الاجتماع مضيه في خطوته مشددا على ان المجلس لا يمكن ان يقف مكتوف الأيدي إزاء هذا الوضع القائم والعديد من القضايا الملحة.

ورغم محاولة نواب «14 آذار» ثنيه بطريقة دبلوماسية عن هذا الموقف، إلا أنه كرر ما قاله في لقاء الاربعاء، بأنه سيدعو الى جلسة ثانية وثالثة ورابعة اذا لم يتأمن نصاب الجلسة المقبلة.

وتطرح علامات استفهام حول موقف النائب وليد جنبلاط ونواب جبهة النضال حيال الجلسة حيث يتردد انه يميل الى عدم حضورها الا اذا اقتصر الجدول على موضوع تمديد ولاية حاكم مصرف لبنان. كما تطرح علامات استفهام حول موقف الرئيس ميقاتي من هذا الموضوع لأسباب سياسية عديدة، مع العلم ان الرئيس بري اعطى توجيهاته مساء امس بتوزيع جدول اعمال الجلسة المؤلف من 49 بندا على النواب في إشارة واضحة الى الإصرار على عقد الجلسة. وفسرت مصادر نيابية هذه الخطوة بأنها لا تتجاوز صلاحية مكتب المجلس باعتبار ان الرئيس بري طرح كل المواضيع الموجودة ولم يختر مشاريع قوانين معينة، وهو أمر لا يتعارض مع روح ونص النظام الداخلي للمجلس بحيث يكون للهيئة العامة الموقف الحاسم في هذا الشأن اذا ما جرى تأمين النصاب.

وكانت دوائر المجلس النيابي قد بدأت مساء امس بتوزيع جدول اعمال جلسة مجلس النواب الاسبوع المقبل والمتضمن 49 بندا من بينها اقتراح معجل مكرر متعلق باستمرار حاكم مصرف لبنان ونوابه بمهامهم بعد انتهاء ولايتهم لحين تعيين حاكم ونواب جدد، وآخر لإنشاء ابنية للسجون في الشمال والجنوب.

وواصلت ما يسمى «الأمانة العامة» لفريق «14 آذار» هجومها على الرئيس بري وزعمت بعد اجتماعها امس ان بري يتجاوز الدستور. وقالت «ننصح بري بتوظيف مواهبه لمساعدة فريقه المأزوم على تأليف الحكومة بدلا من اجتراح المعارك التعويضية» وجددت التي تدعي لنفسها «الأمانة العامة» دعمها لموقف المدير العام للأمن الداخلي اللواء اشرف ريفي.
أجواء إيجابية ترافق
اتصالات تشكيل الحكومة
اما على الصعيد الحكومي، فقد تحدثت المعلومات عن ان اتصالات الايام الماضية خاصة على المستوى «الرئاسي» افضت الى ضرورة تجاوز حالة الجمود التي اصابت المشاورات حول الوضع الحكومي، وبالتالي كان هناك توافق على استئناف الاتصالات بهدف السعي الى حلحلة العقد والعقبات.

ووفق المعلومات فإن الرئيس بري تلقى اشارات ايجابية من الرئيسين سليمان وميقاتي، كما ان المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين خليل لمس بدوره اجواء مماثلة من العماد عون، وقد فتحت هذه الاجواء الطريق امام حصول الاجتماع الرباعي يوم الاحد بين بري وميقاتي بحضور «الخليلين».

وقالت مصادر مطلعة ان الرئيس ميقاتي ابدى موقفا جيدا وايجابيا ويشجع على المضي في التحرك من اجل تجاوز العقبات التي ظهرت مؤخرا.
وقالت المصادر ان الرئيس بري كان قد ابلغ الرئيس ميقاتي خلال اجتماعهما مساء يوم الاحد الماضي انه سيعمل مباشرة على حلحلة العقد المتصلة بالحقائب الحكومية. وبالتالي فهو سيتواصل مع كل الاطراف المعنية بهذا الخصوص، واوضحت المصادر ان ميقاتي ابلغ بري استعداده للبحث في اي تصور معقول. واذا كان هناك من لديه ملاحظات فلا مانع من بحثها والتشاور بشأنها.

كما نقلت المصادر، عن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله رغبته بالتعجيل في تشكيل الحكومة. وابدت المصادر املها بأن تساهم الاحداث الاخيرة ـ حادثة الاتصالات وانفجار اليونيفيل ـ بحلحلة العقد الحكومية لان استمرار الفراغ الحكومي لا يفيد الاستقرار الداخلي على كل المستويات، مشيرة الى ان «الخليلين» يواصلان جهودهما لتذليل العقد.

اضافت انه في ضوء هذه الأجواء تحرك «الخليلان» لاستكمال مهمة تحسين الاجواء والتشاور في بعض الصيغ والاقتراحات المقبولة لتسوية الخلافات حول بعض الحقائب.
وتقول المصادر ايضا إن وجود الوزير جبران باسيل خارج البلاد في الأيام القليلة الماضية أثر في وتيرة هذه الحركة التي يفترض ان تنشط في الساعات المقبلة، مع العلم أن الأفكار المطروحة قد تفضي الى صيغة متكاملة وربما تتجاوز الاتفاق على الاسم السابق لوزير الداخلية الى اسم جديد تفرضه الصيغة الجديدة.

وحسب المعلومات، فإن ضغوطا اضافية قد سجلت في الثماني والاربعين ساعة الماضية لكي تتجاوز الاكثرية كل الصعوبات التي تعترض تأليف الحكومة، وتبادر الى الإسراع في ولادتها. كما ان رسالة سورية متجددة قد تلقاها المعنيون، تؤكد مرة اخرى على دعم دمشق الإسراع في تأليف الحكومة في اقرب وقت.
جنبلاط
وجدد النائب وليد جنبلاط «رفع الصوت» امس حيال التعثر في تشكيل الحكومة، وقال في تصريح له ان الكلام عن انه «سيرفع العشرة غير دقيق ابدا» وحمل المسؤولية لفريق الأكثرية الجديدة وقال لا نستطيع ان نكمل المشوار في هذا الطريق. الفراغ يملأ بالفوضى او بالهريان الاقتصادي. من هنا ضرورة تشكيل الحكومة من النواحي الاقتصادية والإنمائية والأمنية.

عبد المنعم يوسف زار اليرزة

في هذا الوقت علم ان مدير «أوجيرو» عبد المنعم يوسف انتقل الى اليرزة امس بعد ان كان قد عاد مساء اول من امس الى بيروت، حيث جرى الاستفسار منه عن عدد من الامور المتعلقة بالوضع القانوني لـ «اوجيرو» وما حقيقة ما كان يحصل في الطابق الثاني من مبنى الاتصالات قرب العدلية.
وذكرت مصادر امنية لـ «البناء» ان زيارة يوسف التي كانت بمثابة دعوة الى «شرب فنجان قهوة» كان الهدف منها استيضاح العديد من الامور، لكون يوسف مدير «أوجيرو» وبخاصة عن القضايا القانونية المتعلقة بالشركة، اضافة الى حيثيات ما حصل. وما هي المعدات الموجودة في مبنى الاتصالات. وكيفية إدارتها وفي اي اتجاه».

اجتماع بكركي
في مجال آخر، يعقد لأول مرة منذ العام 1988 في البطريركية المارونية في بكركي لقاء للفاعليات المسيحية المارونية يضم الشخصيات المستقلة ورؤساء الاحزاب والتيارات، برعاية ورئاسة البطريرك الماروني الجديد بشارة الراعي. ورغم ان جدول الاجتماع محصور في بندين وحيدين هما، وضع المسيحيين في إدارات الدولة، والحضور المسيحي في لبنان والمشرق، الا انه بات مفتوحا على مناقشة قضايا حساسة قد تصبح خلافية ابرزها تعديل اتفاقية الطائف.
ومن المتوقع ان يشهد اللقاء عرض دراسات مفصلة عن الحضور المسيحي في الإدارات العامة والرسمية منذ اتفاق الطائف.

مسيرات ذكرى النكسة
قيد التداول
وعلى صعيد آخر، تستمر الفصال الفلسطينية بالتحضير للتحرك الذي ستقوم به في ذكرى النكسة يوم الاحد المقبل، بحيث لم تحسم بعد الامور حول إمكان حصول مسيرات باتجاه الحدود مع فلسطين المحتلة، او الاكتفاء بمسيرات الى منطقة بالقرب من الحدود او اقامة احتفال شعبي في المناسبة.

وعلم من مصادر متعددة ان الفصائل الفلسطينية تنتظر موقف قيادة الجيش الذي يتوقع ان تتبلغه اليوم، وما اذا كان سيسمح للمسيرات الشعبية بالوصول الى الشريط الشائك مع الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وأوضحت المصادر، ان الاتصالات كانت ما تزال مستمرة بهدف الوصول الى إطار يرضي الجميع، لكن مصارد امنية لبنانية استبعدت ان يسمح للمسيرات بالوصول الى الشريط الشائك على غرار ما حصل يوم 15 ايار الماضي في ذكرى النكبة حفاظا على ارواح المشاركين في المسيرات، لانه ليس هناك ما يحول دون إقدام قوات الاحتلال «الاسرائيلي» على اطلاق النار على المتظاهرين.

وقالت مصادر فلسطينية انه اذا لم يسمح للمسيرات بالوصول الى قرب الشريط الشائك، فمن المستبعد حصول مسيرات في ذكرى النكسة، وقد يستعاض عنها بمهرجان شعبي.
وأوضح ممثل منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان اللواء منير المقدح ان كل الفصائل الفلسطينية ستشارك في تحرك يوم الاحد المقبل لمناسبة ذكرى النكسة كما ستشارك منظمات من المجتمع المدني ومؤسسات لبنانية.
واشار الى بعض التحفظ لدى اطراف في الحكومة اللبنانية وقال «لقد سمعنا اصواتا خاصة من «تيار المستقبل» تفيد بعدم الرغبة بالعودة الى فلسطين. كما ان هناك جهات معارضة بشدة للمسيرة. اضاف، بعد 63 سنة من المعاناة فإن الشعب الفلسطيني يريد العودة الى فلسطين بأي ظرف من الظروف ولذلك نصر على التحرك.

ونقلت الإذاعة «الإسرائيلية» عن مصادر سياسية «إسرائيلية» في القدس المحتلة ان «إسرائيل» تتهيأ عسكريا وسياسيا وإعلاميا لمواجهة اي محاولة لاختراق الحدود خلال ذكرى النكسة يوم الاحد المقبل. وقالت ان رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو يجري مشاورات بهذا الشأن على كل الأصعدة. اضافت ان «إسرائيل» لن تسمح بأي محاولة من هذا القبيل. وانها ستستخدم كل الوسائل المشروعة دفاعا عن حدودها»؟. وحمّلت المصادر الصهيونية الدول التي قد تنطلق من اراضيها محاولات اختراق الحدود كامل المسؤولية عما قد يحدث».

السابق
ذاكرتي تطالب بأرشيف الكتروني
التالي
النهار: نزاع مفتوح على جلسة نيابية بلا نصاب